آخر الأخبار

احتجاجات كينيا.. هل تصمد ثورة "جيل زد" أمام اختبار الزمن؟

شارك

في صيف 2024، اجتاحت العاصمة الكينية نيروبي موجة احتجاجات شبابية غير مسبوقة، قادها "جيل زد" عبر منصات التواصل، رفضا لمشروع قانون مالي مثير للجدل.

ومع تصاعد الهتافات ضد الرئيس وليام روتو، تحولت الحملة الرقمية #RejectFinanceBill، أي "ارفضوا قانون المالية"، إلى حركة شعبية واسعة، رفعت شعارات مثل "لسنا أبقارا حلوبا"، في تعبير عن رفض الاستغلال الاقتصادي، وفقا لتقرير نشره موقع أفريكا ريبورت.

لكن هذه الدينامية لم تكن حكرا على كينيا، إذ تشهد دول أفريقية عدة من نيجيريا إلى موزمبيق، حركات شبابية غير مركزية تتحدى الأنظمة القائمة، مدفوعة بطاقة رقمية غير مؤطرة تنظيميا.

مصدر الصورة تطبيقات مثل "واتساب" و"تلغرام" أسهمت في توسيع المشاركة (الفرنسية)

قوة التعبئة في عصر المنصات

حسب أفريكا ريبورت، تميزت احتجاجات كينيا بغياب القيادة التقليدية والانتماء الحزبي، مما أربك السلطات وأعاق محاولات الاحتواء. فقد لعبت الوسوم ومقاطع الفيديو على "تيك توك" و" إنستغرام " دورا محوريا في تحويل الغضب الفردي إلى حراك جماعي، في حين أسهمت تطبيقات، مثل "واتساب" و"تلغرام"، في توسيع المشاركة وتجاوز الحواجز الاجتماعية.

ورغم الزخم الرقمي، يواجه الحراك تحديات الاستمرارية، في ظل غياب البنية التنظيمية التي تتيح توزيع المهام وتوفير الدعم القانوني.

القمع وتراجع الزخم

وفقا لتقرير أفريكا ريبورت، قُتل أكثر من 65 متظاهرا خلال الاحتجاجات، وسط اتهامات للشرطة باستخدام القوة المفرطة، وتوثيق حالات اختفاء قسري.

منظمات حقوقية، بينها " أمنستي "، اتهمت السلطات باختطاف نشطاء ومواطنين شاركوا في التظاهرات.

مصدر الصورة الشرطة الكينية اتُهمت باستعمال القوة المفرطة أمام شباب لا ينتمون إلى تنظيمات سياسية (أسوشيتد برس)

تجارب نيجيريا والسنغال

وفي نيجيريا، كشفت تجربة حركة "إند سارس" (#EndSARS) هشاشة الحراك غير المنظم، إذ تراجع بعد حملة قمع دون تحقيق إصلاحات ملموسة.

إعلان

ويُشير هذا الوسم إلى حركة احتجاجية شعبية في نيجيريا تهدف إلى إنهاء عمل وحدة الشرطة المعروفة باسم "الفرقة الخاصة لمكافحة السرقة"، التي اتُهمت بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك التعذيب، والابتزاز، والقتل خارج نطاق القانون.

في المقابل، نجحت حركة "يانّا مار" السنغالية، التي تأسست عام 2011، في الحفاظ على استمراريتها عبر ورشات توعية ونشاط مدني مستقل، دون التحول إلى كيان حزبي.

ونشأت حركة "يانّا مار" -التي اسمها يعني بالفرنسية العامية "سئمنا" أو "طفح الكيل"- في رد فعل على الفساد، وسوء الحكم، وانقطاع الكهرباء المتكرر في البلاد، وسرعان ما تحولت إلى قوة سياسية واجتماعية مؤثرة، خصوصًا بين الشباب الحضري.

ولا يزال نشطاؤها يرفعون صوتهم ضد الانحرافات السلطوية، كما فعلوا مؤخرا حين انتقدوا اعتقالات شملت صحفيين وسياسيين في عهد الرئيس باسيرو ديوماي فاي، حسب أفريكا ريبورت.

نحو شراكة إستراتيجية

في ظل غياب الدعم المؤسسي، برزت مبادرات ذاتية في كينيا، حيث جمع المواطنون أكثر من 234 ألف دولار لدعم ضحايا الاحتجاجات، بينما قدم محامون وأطباء خدمات مجانية.

ومع ذلك، تبقى هذه الجهود محدودة في مواجهة تحديات طويلة الأمد، مما يبرز الحاجة إلى شراكة بين الحركات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني، تجمع بين الحماسة والابتكار من جهة، والخبرة والدعم المؤسسي من جهة أخرى.

من الغضب إلى التنظيم

تحولت حملة "ارفضوا قانون المالية" الكينية إلى حركة احتجاجية شاملة ضد الفساد والعنف الأمني والاحتكار السياسي، وبرز وسم "ولاية واحدة" كرمز للمطالبة بالحكم الرشيد.

لكن مستقبل الحراك يتوقف على قدرته في التحول من التعبئة العفوية إلى تنظيم إستراتيجي، فالغضب وحده لا يصنع التغيير، بل يحتاج إلى رؤية وبنية وتحالفات، حسب تقرير أفريكا ريبورت.

فهل ينجح شباب كينيا في تحويل لحظة الغضب إلى مسار دائم؟ الإجابة قد ترسم ملامح مستقبل الحراك الشبابي في القارة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا