قالت هيئة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن مراقبة الأمن الغذائي، للمرة الأولى منذ بداية الحرب، إنّ حدوث مجاعة في مدينة غزّة أمرّ مؤكد. فيما وصفت إسرائيل هذا التقرير بأنه "كاذب ومتحيز".
جدّدت أربع منظمات أممية ندائها بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وبدخول المساعدات الإنسانية بلا عراقيل، وذلك للحدّ من عدد الوفيات جرّاء الجوع وسوء التغذية في القطاع.
المنظمات الأربع هي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية.
يُذكر أن وزارة الصحة في غزة أعلنت عن وفاة 271 شخصاً – بينهم 112 طفلاً - بسبب المجاعة وسوء التغذية منذ بداية الحرب.
وقالت المنظمات الأممية، في بيان مشترك، إن "المجاعة يجب أن تتوقف بأي ثمن"، مع إعراب تلك المنظمات عن القلق بشأن "التهديد بعملية عسكرية مكثفة في مدينة غزة" وبشأن أي تصعيد في القطاع لما ينطوي عليه ذلك من تبعات مدمّرة على المدنيين.
ونوه البيان إلى أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في غزة تسارعت بوتيرة كارثية في يوليو/تموز، حيث شُخص أكثر من 1200 طفل بأنهم يعانون من سوء التغذية الحاد.
رفضت هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الأمن الغذائي الاتهامات الإسرائيلية بخفض مستوى عتبة المجاعة في التقرير الذي أصدرته حول غزّة. الجواب تقني، لكنه يتلخص في طرق مختلفة لتقييم سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة، اعتمادا على الأدلة المتاحة.
وتقول الهيئة إن عتبة 30 في المئة، تُستخدم عند إجراء تقييم يعتمد على الوزن والطول، لكن هذا المقياس غير متوفر في غزة في الوقت الراهن. وعند غياب التقييم المستند على الوزن والطول، يُستخدم مقياس منفصل لمحيط أذرع الأطفال - والذي يُحدد عتبة تُعلن عن المجاعة حين يكون لدى 15% من الأطفال أذرعٌ أقل من مقاسٍ مُعين.
يشير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إلى أن هذا المعيار يطبق منذ أكثر من عقد، وقد استخدم مؤخراً لتقييم مستوى المجاعة في السودان. ويُضيف التصنيف أنّ استخدام محيط الذراع "لا يمثل عتبة مُخفّضة في منهجية التصنيف". "بل إنه يُظهر استمرار تطبيق معايير التصنيف المعمول بها".
اتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) بنشر "تقرير مفبرك ومصمَّم خصيصاً ليتماشى مع حملة حماس المزيّفة".
وقالت الوزارة إنّ اللجنة "حرّفت قواعدها الخاصة وتجاهلت معاييرها من أجل إصدار اتّهامات باطلة ضد إسرائيل".
وزعمت أنّ اللجنة "غيّرت معيارها العالمي" بخفض نسبة العتبة لاعتبار المجاعة من 30% إلى 15%، إضافة إلى "تجاهلها التام لمعيارها الثاني المتعلق بمعدّلات الوفيات". وقد نفت لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي هذه الاتهامات.
وأضاف البيان: "الوثيقة الكاملة للّجنة مبنية على أكاذيب حماس التي جرى تلميعها عبر منظمات ذات مصالح خاصة".
وقالت الوزارة في بيانها: "لا توجد مجاعة في غزّة"، مشيرةً إلى دخول 100 ألف شاحنة مساعدات إلى القطاع خلال ما يقرب من عامين من الحرب، وإلى "انخفاض حاد في أسعار المواد الغذائية" مؤخراً.
وختم البيان بالقول: "كل التوقعات التي قدّمتها لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي بشأن غزّة خلال الحرب ثبت أنّها لا أساس لها من الصحّة وكاذبة تماماً. هذا التقييم أيضاً سيلقى في سلّة المهملات البشعة للوثائق السياسية".
علّق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على تقرير صدر اليوم عن التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (آي بيه سي).
وقال غوتيريش: "في وقت بدا فيه أنه لا توجد كلمات تفي بوصف الجحيم في غزة، إذا بكلمة جديدة تُضاف - هذه الكلمة هي: المجاعة".
ونبه غوتيريش بأن "هذا ليس شيئاً غامضاً، وإنما هو من صُنع البشر، إدانة أخلاقية، وإخفاق للإنسانية نفسها".
وأضاف الأمين العام للأمم المتحدة: "المجاعة لا تتعلق فقط بالغذاء؛ إنما هي انهيار متعمّد للأنظمة اللازمة لبقاء الإنسان على قيد الحياة".
وشدّد غوتيريش بأن إسرائيل "مُلزمة قطعاً بموجب القانون الدولي بتأمين وصول الإمدادات الغذائية والطبية إلى السكان" في قطاع غزة.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: "لا يمكننا السماح باستمرار هذا الوضع دونما حساب. لا مزيد من الأعذار. وقت العمل ليس غداً – إنما الآن. نحتاج إلى وقف فوريّ لإطلاق النار، وإلى إطلاق فوري لسراح الرهائن، وإلى السماح بدخول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وبلا معوقات".
كما أوردنا سابقاً، صادق مجلس الوزراء الإسرائيلي أمس على خطط لشنّ هجوم واسع على مدينة غزّة.
وفي بيان مصوَّر خلال زيارة لمقرّ قيادة فرقة غزّة في إسرائيل مساء الخميس، قال نتنياهو إنّه وافق على "خطط الجيش الإسرائيلي للسيطرة على مدينة غزّة وهزيمة حماس".
وأضاف أنّه "أعطى تعليماته ببدء المفاوضات فوراً من أجل الإفراج عن جميع رهائننا" وإنهاء الحرب في غزّة بشروط "مقبولة لدى إسرائيل".
وقال نتنياهو: "هاتان المسألتان – هزيمة حماس والإفراج عن جميع رهائننا – تسيران جنباً إلى جنب"، من دون أن يقدّم تفاصيل حول ما ستتضمّنه المرحلة التالية من المحادثات.
وحذّر الجيش الإسرائيلي مسؤولين في القطاع الصحي ومنظمات دولية من الاستعداد لعملية إجلاء مخطّط لها لسكان مدينة غزّة البالغ عددهم مليون نسمة إلى الملاجئ في الجنوب قبل دخول القوات.
ويأتي ذلك بعدما وافقت حركة حماس، يوم الإثنين، على مقترح قدّمه وسطاء قطريون ومصريون لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً، والذي قالت قطر إنّه سيشمل إطلاق سراح نصف الرهائن المتبقّين في غزّة.
أفاد بيان وقّعتْ عليه 109 منظمة إنسانية بأن عناصر إغاثية في قطاع غزة تتضوّر جوعاً وقد نحلت جسومها جرّاء ذلك.
وجاء في البيان: "بينما يتسبّب الحصار الذي تفرضه الحكومة الإسرائيلية على القطاع في تجويع أهله، فإن العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية انضموا الآن إلى المشهد؛ وأخذوا أماكنهم في طوابير انتظار الحصول على طعام، ليصبحوا أيضاً معرّضين للإصابة بطلقات نارية في سبيل تأمين الطعام لعائلاتهم".
ومن بين المنظمات الموقّعة على البيان: أطباء بلا حدود، وأنقذوا الأطفال، وأوكسفام.
وحثّ البيان "الحكومات على عمل شيء" عبْر فتح المعابر الحدودية، والموافقة على وقف إطلاق النار، وإنهاء الحصار بالسماح بتدفق الغذاء وغيره من المساعدات إلى داخل القطاع.
من جانبها، رفضت إسرائيل البيان، متهمة المنظمات الموقّعة عليه بـ "خدمة أجندة حماس".
ويأتي البيان بعد تحذيرات من وقوع مجاعة واسعة النطاق في غزة الشهر الماضي من جانب أكثر من مئة منظمة إغاثية دولية.
وتسيطر إسرائيل على دخول المساعدات إلى قطاع غزة.
قالت هيئة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن مراقبة الأمن الغذائي للمرة الأولى، إنّ حدوث مجاعة في غزّة أمرّ مؤكد.
ورفع التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) تصنيفه إلى المرحلة الخامسة، وهو أعلى وأسوأ مستوى في مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وقالت الهيئة أنّ المجاعة أمر مؤكد في محافظة غزّة والتي تشمل مدينة غزة ومحيطها، وسط توقعات بأن تطال "الظروف الكارثية" دير البلح وخان يونس بحلول نهاية سبتمبر/أيلول.
وتواصل بي بي سي الاطلاع على التقرير، وستوافيكم بمزيد من النتائج التي توصلت إليها الهيئة في وقت قريب.
مع الإشارة إلى أنّ التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي لا يعلن رسمياً حدوث مجاعة، لكنه يقدم تحليلاً يسمح للحكومات والمنظمات والوكالات بإصدار بيانات أو إعلانات حول المجاعة.