( CNN )-- أكد تقرير لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة وقوع ما يرقى لـ"جرائم حرب" في الساحل السوري خلال الأشهر الماضية وخصوصا في مارس/أذار على يد أفراد تابعين أو مقربين من السلطة الحالية و"فلول" النظام السابق، ولفت إلى ورود معلومات عن أعمال تشمل "اختطاف النساء والنهب والاعتقال التعسفي" وغيرها لا تزال تقع في تلك المناطق.
وأشار التقرير إلى أن العنف الذي "استهدف المجتمعات العلوية" شمل "القتل والتعذيب والنهب وحرق المنازل"، وأشاد بتعاون السلطة السورية الانتقالية في السماح للجنة التحقيق الدولية المعنية بالدخول إلى المناطق التي شهدت هذه الأعمال، لكنه حثها على توسيع دائرة محاسبة مرتكبي هذه الأعمال بصرف النظر عن انتمائهم ورتبهم، وفقا للتقرير.
وجاء في تقرير اللجنة: "شمل العنف - الذي استهدف بالأساس المجتمعات العلوية وبلغ ذروته بمجازر مطلع مارس - جرائم قتل وتعذيب وأعمالًا لاإنسانية تتعلق بمعاملة القتلى، ونهبًا واسع النطاق وحرقًا للمنازل، مما أدى إلى نزوح عشرات الآلاف من المدنيين. وقد صُوِّرت بعض هذه الأعمال المروعة ونُشرت على منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب لقطات تُظهر تعرض المدنيين للإساءة والإذلال".
وأردفت اللجنة في البيان: "ارتُكبت هذه الانتهاكات على يد أفراد من قوات الحكومة المؤقتة وأفراد يعملون إلى جانبها أو مقربين منها، بالإضافة إلى مقاتلين موالين للحكومة السابقة أو ما يُسمى بـ"فلول" النظام. وشملت الانتهاكات أفعالاً قد ترقى إلى جرائم حرب".
وقال رئيس اللجنة، باولو سيرجيو بينهيرو: "إن حجم ووحشية العنف الموثق في تقريرنا أمر مثير للقلق العميق". وتابع: "ندعو السلطات المؤقتة إلى مواصلة السعي لمحاسبة جميع الجناة، بصرف النظر عن انتماءاتهم أو رتبهم. وبينما أُلقي القبض على عشرات من مرتكبي الانتهاكات المزعومين، فإن حجم العنف الموثق في تقريرنا يستدعي توسيع نطاق هذه الجهود".
وأردف التقرير: "وفي نمط مثير للقلق من عمليات القتل التي تم توثيقها في مواقع متعددة، تم التعرف على الرجال أولاً على أنهم ينتمون إلى الطائفة العلوية، ثم تم فصلهم عن النساء والأطفال قبل اقتيادهم إلى الخارج لإطلاق النار عليهم وقتلهم".
وتابعت اللجنة في التقرير: "تُركت الجثث في الشوارع لأيام، ومُنعت عائلاتها من دفنها وفقًا للطقوس الدينية، بينما دُفن آخرون في مقابر جماعية دون توثيق سليم. واكتظت المستشفيات بالمصابين مع تراكم الجثث. وكانت المرافق الطبية في طرطوس واللاذقية قد شهدت بالفعل شللا في قدرتها الاستيعابية بعد هجمات شنها مقاتلون موالون للحكومة السابقة خلال مرحلة سابقة من العنف".
وأضافت اللجنة: "وجدت اللجنة أن قوات الحكومة المؤقتة سعت في بعض الحالات إلى وقف الانتهاكات وإجلاء المدنيين وحمايتهم. ومع ذلك، وفي الوقت نفسه، أقدم عناصر من فصائل مُدمجة حديثًا في قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة على إعدام مدنيين خارج نطاق القضاء وتعذيبهم وإساءة معاملتهم في العديد من القرى والأحياء ذات الأغلبية العلوية، على نحوٍ واسع النطاق وممنهج".
وتابعت اللجنة في تقريرها بالقول: "وثقت اللجنة أنماطاً متسقة من العنف ضد السكان المدنيين في مواقع متعددة، بما في ذلك الاستهداف على أساس الانتماء الديني والعمر والجنس، والإعدامات الجماعية".
وأكدت اللجنة أن تقريرها يستند إلى "تحقيقات موسعة، بما في ذلك أكثر من 200 مقابلة مع الضحايا والشهود"، وتابعت: "وتعرب اللجنة عن امتنانها للسلطات المؤقتة لإتاحة الوصول غير المقيد إلى المناطق المتضررة في اللاذقية وطرطوس في يونيو/حزيران 2025، بما في ذلك الوصول إلى مجموعة من المسؤولين فضلاً عن ثلاثة مواقع للمقابر الجماعية".
وأردفت اللجنة الأممية بالقول: "ومما يثير القلق أن اللجنة لا تزال تتلقى معلومات عن انتهاكات مستمرة في العديد من المناطق المتضررة، بما في ذلك اختطاف النساء والاعتقالات التعسفية والاخفاء القسري، فضلاً عن استمرار نهب الممتلكات واحتلالها".
قالت المفوضة لين ويلشمان: "تحتاج المجتمعات المتضررة إلى إجراءات عاجلة لتعزيز حمايتها. فإلى جانب إحالة المشتبه بهم إلى العدالة الجنائية، يجب فصل الأفراد المشتبه بتورطهم في الانتهاكات خلال أحداث مارس فورًا من مهامهم الفعلية ريثما يتم التحقيق معهم"، وتابعت: "بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى توسيع نطاق عمليات الفحص بحيث لا يتم تجنيد مرتكبي الانتهاكات الجسيمة المعروفين أو المشتبه بهم في الماضي في صفوف قوات الأمن التابعة للحكومة المؤقتة".
وأضافت اللجنة: "اندلعت أعمال العنف التي تناولها التقرير بشكل مباشر نتيجة لعملية اعتقال شنتها السلطات السورية المؤقتة في 6 مارس/آذار 2025، والتي رد عليها مقاتلون موالون للحكومة السابقة بأسر مئات من أفراد قوات الحكومة المؤقتة وقتلهم وإصابتهم".
وأضافت اللجنة: "تصاعدت هذه الأحداث بسرعة لتتحول إلى عنف واسع النطاق. وأفادت التقارير بمقتل نحو 1400 شخص، معظمهم من المدنيين، في المجازر التي تلت ذلك. وكانت الغالبية العظمى من الضحايا من الرجال البالغين، لكن كان من بين الضحايا ما يقرب من 100 امرأة، وكبار السن، وذوي الإعاقة، بالإضافة إلى الأطفال".
وأردفت اللجنة بالقول: "تُقرّ لجنة الأمم المتحدة بالتزام السلطات السورية المؤقتة بتحديد هوية المسؤولين عن أحداث مارس وضمان محاسبتهم. وفي 22 يوليو/تموز، أفادت لجنة تحقيق وطنية، عيّنها الرئيس المؤقت في 9 مارس/آذار، بأنها حددت مبدئيًا هوية 298 من الجناة المزعومين من الفصائل العسكرية، و265 مرتبطًا بجماعات مسلحة مرتبطة بالحكومة السابقة، وأحالت أسماءهم إلى النائب العام".
وقال المفوض هاني مجلي: "إن التقرير الموجز والإحاطة العامة التي قدمتها لجنة التحقيق الوطنية السورية بشأن أعمال العنف الساحلية التي اندلعت في شهر مارس/آذار يشكلان خطوات مهمة في عملية التوصل إلى الحقيقة والعدالة لجميع السوريين"، وتابع: "نحث على الإفراج الفوري عن تقريرها الكامل، وتنفيذ التوصيات، والالتزام بالتحرك بسرعة لإصلاح القضاء من أجل تعزيز المحاكمات المتوافقة مع حقوق الإنسان لجميع المتهمين".
وقالت اللجنة في تقريرها: "وتلاحظ اللجنة الاستجابة البناءة من جانب السلطات السورية المؤقتة، والتي تم نشرها كملحق لهذا التقرير، وتتطلع إلى مواصلة المشاركة فيما يتعلق بتنفيذ توصيات التقرير للمساعدة في منع الانتهاكات في المستقبل".
من جانبه، وجه وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الشكر لرئيس اللجنة على تقريرها، وقال إن "ما ورد فيه ينسجم مع ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق الوطنية المستقلة"، وتابع: "الجمهورية العربية السورية تثمن هذه الجهود كما تؤكد التزامها بإدماج التوصيات ضمن مسار بناء المؤسسات وترسيخ دولة القانون في سوريا الجديدة"، حسب تعبيره.