آخر الأخبار

اتحاد الشغل بين التصعيد والتردد في مواجهة السلطة بتونس

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

تونس- تباينت التفسيرات حول قرارات الهيئة الإدارية ل لاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة نقابية في البلاد) حيث يرى البعض أنها خطوة تصعيدية مدروسة تهدف إلى فرض الحوار مع السلطة، في حين يعتبرها آخرون مؤشرا على تردد النقابة في اتخاذ موقف حاسم تجاه المواجهة الحاسمة مع الرئيس قيس سعيد .

وجاءت هذه المواقف بعد الإعلان عن قرارات الهيئة الإدارية (ثالث أعلى سلطة قرار بالاتحاد) في وقت متأخر من مساء أمس، بعد اجتماع صاخب دام ساعات طويلة ودعا له الاتحاد كرد فعل على ما اعتبره هجوما على مقرّه من أنصار الرئيس، الخميس الماضي.

كما جاءت قرارات الهيئة ردا على خطاب للرئيس، يوم الجمعة الماضي، أمام رئيسة الحكومة نفى فيه نية المحتجين اقتحام مقر الاتحاد، مشددا على فتح كل ملفات الفساد والمحاسبة، مما فُهم في أوساط الاتحاد كاستهداف خطير للمنظمة ومحاولة تقويض دورها.

مصدر الصورة الطاهري دعا لإضراب عام من قبل قيادة الاتحاد في حال استمرت الاعتداءات وحملات التشويه (الجزيرة)

قرارات الاتحاد

وقررت الهيئة الإدارية في ختام أعمالها تنظيم تجمع احتجاجي أمام المقر المركزي للاتحاد، يوم الخميس 21 أغسطس/آب الجاري، تتبعه مسيرة للاتحاد وسط العاصمة، للتنديد بالاعتداء على مقر الاتحاد والمطالبة باستئناف المفاوضات الاجتماعية العالقة في عديد القطاعات الحيوية.

وقررت الهيئة، وفق سامي الطاهري الأمين العام المساعد بالاتحاد، الإبقاء على أشغالها مفتوحة والدعوة لإضراب عام من قبل قيادة الاتحاد في حال استمرت الاعتداءات وحملات التشويه وغلق باب الحوار والمفاوضات الاجتماعية مع أقدم وأكبر منظمة نقابية بالبلاد.

وقد شهد اجتماع الهيئة الإدارية أجواءً صاخبة استمرت طوال أمس اتسمت بخطابات غاضبة ورافضة لما اعتبر حملات تشويه طالت الاتحاد على منصات التواصل الاجتماعي من قبل أنصار محسوبين على الرئيس، وتمسكا قويا بالوقوف في وجه اتهام قياداته بالفساد.

إعلان

وقبل انعقاد الاجتماع الطارئ للهيئة الإدارية، دعا الأمين العام نور الدين الطبوبي كل من يمتلك ملفات فساد ضد الاتحاد أو قياداته إلى التوجه مباشرة إلى القضاء، مؤكدا أن حملات التشويه تهدف إلى تهييج الرأي العام ضد المنظمة وتقويض مكانتها الوطنية في البلاد.

مصدر الصورة الطبوبي دعا كل من يمتلك ملفات فساد ضد الاتحاد أو قياداته إلى التوجه بها إلى القضاء (الجزيرة)

رسالة للسلطة

وتمثل هذه المواجهة امتدادا لصراع طويل بين الاتحاد والسلطة، خاصة بعد قرارها الأخير غلق باب التفاوض لحلحلة أزمة قطاع النقل الذي شهد مؤخرا إضرابا دام 3 أيام نفذته الجامعة العامة للنقل التابعة للاتحاد، ولاقى انتقادات واسعة من أنصار الرئيس سعيد.

ورغم الدعم الذي قدمه الاتحاد للتدابير الاستثنائية التي أطلقها الرئيس قبل 4 أعوام وأزاح بها حركة النهضة الإسلامية وحلفاءها من الحكم ثم أحكم سيطرته على البلاد بقبضة قوية، فإن ذلك الموقف لم يشفع له أمام السلطة التي تسعى اليوم إلى ضرب الاتحاد في مقتل، وفق مراقبين.

وحسب هؤلاء، يمثل التجمع العمالي المزمع تنظيمه أمام مقر الاتحاد، تليه مسيرة في العاصمة، رسالة واضحة من الاتحاد إلى السلطة بأن لديه القدرة على التحرك الميداني والتصعيد وصولا إلى شن إضراب عام بالبلاد إذا استمر التصعيد من قبل السلطة ضده.

ويرون أن الرسالة الموجهة للمجتمع المدني لا لبس فيها، مفادها أن الاتحاد لن يبقى مكتوف الأيدي أمام محاولات تقويضه. كما يؤكدون أن الاتحاد يحرص على طمأنة الرأي العام بأنه ليس من دعاة الإضرابات المدمرة، وأنه يسعى لفتح قنوات الحوار.

خطوة محسوبة

ويرى القيادي بحركة النهضة رياض الشعيبي أن اتحاد الشغل، شأنه شأن العديد من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، استشعر تهديدا يتربص به، خصوصا بعد الاعتداء على مقره والخطاب الرئاسي الذي تضمن تهديدات واضحة بفتح ملفات الفساد والمحاسبة.

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن قرارات الهيئة الإدارية جاءت كرد فعل مباشر على هذا التهديد، من خلال إعلان مسيرة احتجاجية تؤكد قدرة الاتحاد على التحرك الميداني، آملا أن يكون تحركه ليس فقط للدفاع عن الاتحاد بل أيضا للدفاع عن حرية التنظيم والحريات العامة.

وبيّن أن رد فعل الاتحاد كان محسوبا ومرتبطا بتوازنات تحكمه بينها تراجع الحاضنة الشعبية التي كان يعتمد عليها جراء تحميله مسؤولية الأزمة الاقتصادية نتيجة الإضرابات والأزمة السياسية بسبب موقفه الداعم في البداية للرئيس، مما يجعل هامش تحركاته محسوبة.

ومع ذلك، يؤكد الشعيبي أن السلطة ماضية في استهداف الاتحاد كما حدث مع بعض الأحزاب السياسية مثل حركة النهضة التي تعرضت لإغلاق مقراتها واعتقال قياداتها، واصفاً موقف السلطة بأنه جزء من إستراتيجية أوسع تستهدف الأجسام الوسيطة في تونس.

مسار تسلطي

بدوره يؤكد القيادي في التيار الديمقراطي هشام العجبوني للجزيرة نت أن استهداف اتحاد الشغل ليس حدثا طارئا، بل هو جزء من سياسة ممنهجة تتبعها السلطة لتفكيك الأجسام الوسيطة، سواء كانت أحزابا سياسية أو منظمات مجتمع مدني للسيطرة على الشأن العام.

إعلان

وأشار إلى أن السلطة بلغت درجة من التعسف والتشدد تجعل كل الاحتمالات واردة في تصعيدها ضد الاتحاد، مستذكرا قرارات مصيرية نفذها الرئيس سعيد منذ إعلانه التدابير الاستثنائية قبل 4 أعوام مثل حل البرلمان السابق (المنتخب) وحل المجلس الأعلى للقضاء.

ورغم ذلك، يرى العجبوني أن السلطة لن تتمكن من حل الاتحاد أو تجميد نشاطه بشكل كامل بسبب حجمه الكبير وانتشاره الواسع في مختلف مناطق البلاد. لكنه يحذر من استمرار التصعيد بين الطرفين، محذرا من التصادم وارتفاع وتيرة العنف في ظل غياب الحوار.

موقف متردد

وحسب الصحفي والمحلل السياسي زياد الهاني فإن إقرار مسيرة احتجاجية مع التلويح بإضراب عام يعكس موقفا مترددا للمنظمة النقابية تجاه المواجهة الحاسمة مع الرئيس سعيد، مذكرا بأن اتحاد الشغل سبق له أن أعلن عن إضراب علم دون أن يحدد موعده.

ويؤكد الهاني للجزيرة نت أن اتحاد الشغل يعيش حالة من التردد بصفوفه رغم إعلان الرئيس الصريح والواضح عن محاسبة الجميع دون استثناء لا سيما في ملف الفساد، مبينا أن هذه السياسة انعكست بوضوح في إلغاء الحكومة لكل الاجتماعات وجلسات الحوار مع الاتحاد.

ولا يستبعد أن تلجأ السلطة إلى إيقاف اقتطاع الاشتراكات النقابية من أجور العاملين بالقطاع الحكومي، وهو إجراء سيضر بشدة بالاتحاد ونشاطه. كما لا يستبعد تحريك قضايا ملفقة ضد قيادات الاتحاد استنادا إلى حملات التشويه المنتشرة على منصات التواصل.

ويقول الهاني "الاتحاد ما زال يتصرف كمن يختبئ من الخطر غير متيقن من حجم التهديد الخطير الذي يطاله وأخشى أن يكون تحركه بعد فوات الأوان" في إشارة إلى إمكانية تقلص تأثيره على مسار الأحداث والدفاع عن مكاسب الحريات العامة التي قضمتها السلطة، وفق تعبيره.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا