آخر الأخبار

الأكل الحلال في ألمانيا: رحلة المسلمين بين المطاعم والمتاجر

شارك

مع وجود جالية مسلمة كبيرة في ألمانيا، ولا سيما من الأتراك والسوريين، أصبحت مسألة العثور على الطعام الحلال مسألة يومية ومهمة للعديد من المقيمين والسياح من الدول الإسلامية على حد سواء.

ويُقدَّر عدد المسلمين في ألمانيا بما يزيد عن 5 ملايين، مما جعل الطلب على المنتجات والمطاعم الحلال في تصاعد مستمر، وإن كان مع تفاوت ملحوظ بين مدينة وأخرى.

بين وفرة وعناء

في المدن الكبرى مثل برلين، هامبورغ، فرانكفورت وميونخ، من السهل نسبيًا العثور على مطاعم تركية، سورية، لبنانية أو حتى آسيوية، تقدم وجبات حلال متنوعة، إضافة إلى محلات البقالة التركية والعربية التي تبيع اللحوم الحلال والمنتجات الموثوقة للمسلم سائحًا كان أو مقيمًا في البلاد.

مصدر الصورة برلين تشتهر بأحيائها متعددة الثقافات حيث تنتشر مطاعم الكباب والمشاوي والمأكولات الشرقية بكثرة (شترستوك)

على سبيل المثال، تشتهر برلين بأحيائها متعددة الثقافات مثل "نويكولن" و"كرويتسبيرغ"، حيث تنتشر مطاعم الكباب والمشاوي والمأكولات الشرقية بكثرة.

في المقابل، قد يجد المسلمون في المدن الصغيرة والريف الألماني صعوبة أكبر في العثور على خيارات حلال، ما يضطر البعض منهم للبحث عن بدائل نباتية أو بحرية.

ففي القرى والمدن الصغرى ربما لا تتوفر المطاعم التي تقدم الطعام الحلال، لأنها تحتاج إلى وجود حد أدنى من الزبائن يضمن لها تحقيق ربح.

ولأن التنقل إلى مدن قريبة سيكون مكلفا، فإن الخيار المتبقي هو خليط من الاعتماد على بدائل نباتية أو الأسماك والمأكولات البحرية، أو الطهو بالمنزل في حال تيسر الحصول على اللحم أو الدجاج الحلال، وحفظه بالثلاجة ثم استخدامه عند الحاجة.

خيار الحلول الذكية

ومع انتشار الهواتف الذكية، ساعدت بعض التطبيقات الحديثة المسلمين على العثور على أماكن الأكل الحلال بسهولة أكبر في الدول الغربية وضمنها ألمانيا.

مصدر الصورة التطبيقات الحديثة ساعدت المسلمين على العثور على أماكن الأكل الحلال (موقع حلال ترِب)

ومن بين هذه التطبيقات تطبيق "مغترب فوود" الذي يستهدف الجاليات المسلمة في أوروبا، ويوفر قاعدة بيانات للمطاعم والمتاجر الحلال مع تقييمات وصور وعناوين دقيقة.

إعلان

كما توجد تطبيقات أخرى مثل "ذبيحة" (Zabihah) و"حلال تريب" (HalalTrip)، والتي تغطي العديد من المدن الألمانية، وتعرض للمستخدمين الخيارات الأقرب لهم مع تحديد ساعات العمل لمحلات بيع الطعام الحلال.

‏وفي هذه التطبيقات، يكفيك أن تضع اسم المنتج أو صورة أو تلتقط صورة "الباركود" بواسطة التطبيق الذي سيخبرك عندها ما إذا كان هذا المنتج حلالا أم حراما.

‏ومع التطور المتسارع للذكاء الصناعي في الفترة الأخيرة، فقد دخل هو أيضا إلى هذه الحلبة، وأصبح بإمكانك أن تسأل الذكاء الاصطناعي عما إذا كان المنتج حلالا أم حراما.

ويكون طرح هذا السؤال إما بكتابة اسم المنتج، أو تقديم بعض تفاصيله أو وضع صورته، وبمجرد أن تفعل ذلك ستخبرك منصات الذكاء الصناعي بشأن هذا المنتج، وإذا لم يكن متأكدا فسيخبرك أيضا بذلك.

مصدر الصورة غطت التطبيقات العديد من المدن الألمانية وتعرض للمستخدمين الخيارات الأقرب فيما يخص الأكل الحلال (موقع مغترب فوود)

وفضلا عن تطبيقات الهواتف ومنصات الذكاء الاصطناعي، يمكن لأي شخص يخطط للسفر إلى ألمانيا الاطلاع على دليل السفر الحلال الصادر عن المجلس الوطني الألماني للسياحة، وهو الهيئة الحكومية التي تعنى بالتسويق والترويج للوجهات الألمانية.

فقد أصدر المجلس في العام الحالي دليلا باللغتين العربية والإنجليزية يرصد فيه ضمن أشياء أخرى أماكن الطعام الحلال والمساجد، وأيضا لائحة بالفنادق القريبة من أماكن الأكل الحلال، وذلك في مدن كبرى هي برلين ودرسدن ودسلدروف ميونخ.

ألمانيا وجهة للمسلمين

الاهتمام الألماني المتزايد بهذه الفئة من المستهلكين لم يأتِ من فراغ. ففي تقرير المؤشر العالمي للسفر الحلال 2025 الصادر عن "ماستركارد" و"كريسينت ريتينغ"، وردت ألمانيا ضمن الوجهات السياحية المناسبة للمسلمين، لما توفره من مطاعم حلال ومساجد وأجواء ترحب بالاختلاف الثقافي والديني.

ويشير تقرير "المؤشر العالمي للسفر الحلال 2025" إلى أن الاهتمام المتنامي بألمانيا كوجهة سياحية للمسلمين لم يأتِ من فراغ، وإنما يعكس وعيًا متزايدًا لدى ألمانيا بأهمية هذه الفئة من المستهلكين في قطاع السياحة، وما تمثله من فرصة اقتصادية كبيرة في ظل تزايد أعداد السياح المسلمين عالميًا.

مصدر الصورة ألمانيا وردت ضمن الوجهات السياحية المناسبة للمسلمين في تقرير المؤشر العالمي للسفر الحلال 2025 (رويترز)

ووفقا للتقرير نفسه، فإن ألمانيا تتميز بتوفير مجموعة من الخدمات التي تجعلها وجهة صديقة للمسلمين، من بينها المطاعم التي تقدم الأطعمة الحلال، وتوافر المساجد وأماكن الصلاة، إضافة إلى الأجواء المنفتحة التي تحترم التنوع الثقافي والديني، وتتيح للزائرين ممارسة شعائرهم الدينية بحرية.

ووفقا لتجربتي الشخصية في مدن ألمانية كبرى مثل برلين وفرانكفورت وميونخ وهانوفر وكولن وأولم، فليس من الصعب العثور على مطاعم تقدم الطعام الحلال، وتتقدمها بالطبع المطاعم التركية بالنظر إلى كثرة عدد الأتراك المقيمين في البلاد.

نصائح للمسافرين والمقيمين


* عند السفر إلى مدينة جديدة في ألمانيا، من المفيد دائما البحث مسبقًا على الإنترنت أو عبر التطبيقات عن المطاعم والمتاجر الحلال.
* في السوبرماركت الألماني العادي قد تجد منتجات مكتوب عليها "حلال" (Halal)، خصوصًا في الأحياء ذات الكثافة المسلمة، لكن من الأفضل التأكد من الشهادات التي تقدمها الجهات المسؤولة عن تقديم رخصة الحلال.
* اللحوم في المطاعم الألمانية التقليدية مثل مطاعم النقانق أو الشنيتزل (طبق من أصل نمساوي، وهو عبارة عن شرائح لحم أو دجاج منزوع العظم مغطى بالبقسماط ومقلي، وأحيانًا يحضر في ألمانيا بلحم الخنزير)، عادة ما لا تكون حلالًا، لذا يمكن طلب الأطباق النباتية أو السمك كخيار بديل.
* كثير من محلات "دونر كباب" التركية تقدم لحوما حلالًا، لكن ليس دائمًا. تأكد من سؤال البائع إذا كان اللحم مذبوحا على الطريقة الإسلامية.
إعلان

ورغم وجود تفاوت بين المدن، فإن الملاحظ أن المجتمع الألماني بات أكثر وعيا باحتياجات المسلمين الغذائية، وهو ما يتجلى في انتشار الملصقات الدالة على الحلال، وتخصيص قوائم طعام منفصلة في بعض المطاعم، وحتى وجود مساحات في المهرجانات والفعاليات الكبرى تراعي هذه الاحتياجات.

مدن توفر الحلال

يمكن القول إن رحلة البحث عن الطعام الحلال في ألمانيا تجمع بين التحدي والفرصة، وتبقى مؤشرا على مدى انفتاح المجتمع وتطوره في استيعاب التنوع الديني والثقافي، والذي بات سمة بارزة لأوروبا الحديثة.

مصدر الصورة المدن التي يقصدها السياح العرب والمسلمون مثل برلين ميونخ فرانكفورت وكولونيا تتميز بوفرة خيارات الطعام الحلال (شترستوك)

وبعد هذه النصائح قد يكون لديك عزيزي القارئ سؤال مهم يتعلق بالمدن السياحية الألمانية وهل توفر خيارات أكثر فيما يتعلق بالطعام الحلال مقارنة بباقي مدن البلاد.

في الحقيقة، المدن الألمانية التي يقصدها السياح العرب والمسلمون بكثرة، مثل برلين، ميونخ، فرانكفورت، وكولونيا، تتميز بتوفر خيارات الطعام الحلال بشكل أكبر مقارنة بالمدن الأقل شهرة سياحيًا أو القرى الريفية.

ويرجع ذلك إلى أن هذه المدن تشهد كثافة سكانية أكبر من المسلمين والمهاجرين، إلى جانب ازدهار حركة السياحة العربية فيها، ما يجعل أصحاب المطاعم والمتاجر حريصين على تلبية طلبات هذه الفئة المهمة من الزبائن، عبر قوائم طعام حلال، أو حتى مطاعم متخصصة بالكامل في الأكل الحلال.

ففي العاصمة برلين مثلًا، يمكن بسهولة العثور على مطاعم تركية وسورية ولبنانية ومغربية، إضافة إلى متاجر بقالة وأسواق شرقية تنتشر في الأحياء متعددة الثقافات.

ماذا عن الأسعار؟

لا تختلف تكلفة الطعام الحلال في ألمانيا كثيرا عن نظيره غير الحلال في معظم الحالات. ففي المطاعم التركية أو العربية الشعبية تكون الأسعار في المتناول، وأقرب ما تكون إلى أسعار مطاعم الوجبات السريعة الألمانية.

أسعار المطاعم التركية أو العربية الشعبية في ألمانيا تبقى في المتناول (شترستوك)

أما في المطاعم الفاخرة التي تعلن تقديم لحوم حلال بشهادات رسمية، فقد تكون الأسعار أعلى قليلًا نظرا لجودة الخدمة والمواد المستخدمة.

وبشكل عام، يمكن القول إن الحصول على وجبة حلال في ألمانيا لا يشكل عبئا ماليا كبيرا، بشرط أن يعرف المقيم أو السائح الأجنبي أين يجد هذه الأماكن، وكيف يبحث عنها.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا