قد يجد معظم الآباء صعوبة بالغة في السيطرة على نظام أطفالهم الغذائي، وغالبا لا يرغبون في حرمان الأطفال من الأطعمة التي يعشقونها، أو من بعض الحلويات بين الحين والآخر. ولكن هناك أطعمة ومشروبات يجب عدم تقديمها للأطفال أكثر من مرة واحدة، وعلى فترات طويلة، وبعضها "يجب استبعاده تماما".
ففي مقال نُشر مؤخرا على صفحة "ميك إت" التابعة لشبكة "سي إن بي سي" الأميركية، يقول الدكتور سانجاي بوجراج، طبيب القلب المعتمد من هيئة "البورد الأميركي"، والذي يُعدّ رائدا في مجال طب القلب الدقيق وطب نمط الحياة: "بصفتي طبيب قلب عالج النوبات القلبية لأكثر من 20 عاما، رأيت كيف أن عادات الأكل المتكونة في الطفولة، غالبا ما تمهد الطريق لأمراض مزمنة في مرحلة البلوغ".
ويضيف "لقد رأيتُ الضرر الذي تُسببه هذه الأطعمة، بعد أن وصلت بناتي للمرحلة الثانوية، وتذكرت عندما كنت أقدم لهن قطع دجاج ناغتس، ورقائق بطاطس، وأي شيء سريع وسهل التحضير وشهي".
لذا أصبح الدكتور بوجراج الآن أكثر وعيا بما يقدمه لأبنائه، "ليعيشوا حياة صحية طويلة"، وبدأ بحجب الأطعمة "السامة" عنهم، وتشجيعهم على البدائل الأفضل منها.
وهو ما يأخذنا إلى هذه القائمة بأهم فئات الأطعمة التي يُجمع خبراء تغذية الأطفال على مخاطرها المحتملة، وما ينصحون به من بدائل صحية لها.
يقول بوجراج عن نفسه: "كنت الطفل المحظوظ الذي يملك دائما حبوب إفطار سكرية في خزانته، ولو عاد بي الزمن، لرميتها كلها في سلة المهملات، ومعها المشروبات الغازية".
وتقول جوان سالج بليك، اختصاصية التغذية والأستاذة بجامعة بوسطن: "لا يتسع نظام الأطفال الغذائي للمشروبات الغنية بكثير من السعرات الحرارية والخالية من العناصر الغذائية"، إذ تربط مئات الدراسات المشروبات الغازية وغيرها من المشروبات المحلاة بالسكر، "بالسمنة وداء السكري من النوع الثاني، والسلوك العدواني لدى الأطفال".
ويؤكد ويسلي ديلبريدج، اختصاصي تغذية الأطفال المعتمد، أن "جميع عبوات العصير التي يقدمها الآباء لأطفالهم تسبب مشاكل، فدائما ما تكون مجرد سكر، يشربونها فيغمرهم السكر حتى ينهاروا". ويضيف أنه "حتى عصير التفاح الخالي من السكر قد يزود الأطفال بـ160 سعرا حراريا للكوب". ويحذر قائلا: "لا تصدقوا الدعاية الرائجة حول العصائر المُدعمة بفيتامين سي والمعادن، لأن الأطفال عادة لا يفتقرون إلى هذه العناصر الغذائية".
أما الدكتور روبرت لوستيج، أستاذ طب الأطفال بجامعة كاليفورنيا، فيقول إن "وجبة الإفطار اليومية للطفل العادي تحتوي على سكريات أكثر مما يستطيع جسمه الصغير هضمه في 3 أيام"، ويؤكد أن "هؤلاء الأطفال مُهيؤون لانخفاض مستوى السكر في الدم بعد حوالي ساعة من بدء يومهم الدراسي، مما يجعلهم لا يستطيعون التركيز".
لذا، يُفضل بوجراج أن تكون وجبة إفطار الأطفال "فاكهة، أو بيضا مع خضراوات، أو عصيرا غنيا بالدهون الصحية والألياف، وأن يشربوا الماء ويتجنبوا المشروبات الغازية أو العصائر المُعبأة".
فتلك الأطعمة الشائعة في علب غداء الأطفال مثل الهوت دوغ وأصابع الدجاج والبرغر، "غالبا ما تكون غنية بالصوديوم والمواد الحافظة التي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان".
يقول بوجراج "بصفتي طبيب قلب، أشعر بالرعب مما يمكن أن تفعله هذه المركبات التي تتداخل مع عناصر مهمة مثل أكسيد النيتريك، الذي ينظم ضغط الدم وصحة الأوعية الدموية".
ومن المخاوف الأخرى التي يبديها بوجراج أنها قد تُضعف عملية معقدة تُسمى "وظيفة بطانة الأوعية الدموية"، مما يزيد من احتمالية "تراكم الكوليسترول في الشرايين".
ويحذر من أن "هذه الأطعمة تُسهم في عديد من الأمراض"، التي قضى حياته المهنية في مكافحتها.
وينصح بأن الأفضل أن نأكل في منزلنا "البروتينات الخالية من الدهون وغير المصنعة، مثل الدجاج المشوي ولحوم الأبقار"، وأن نتناول البروتينات النباتية، "مثل العدس والحمص والفاصوليا".
غالبا ما يُسوق للزبادي المنكه -بما في ذلك الخاص بالأطفال- على أنه صحي، بفضل الادعاءات باحتوائه على نسبة عالية من البروتين. لكن بالنظر جيدا إلى الملصق، ستجد أنه غالبا ما يكون مليئة بالسكريات المُضافة والأصباغ الاصطناعية. والأسوأ من ذلك، أن أحجام العبوات قد تكون صغيرة جدا بالنسبة لبعض الأطفال، فينتهي بهم الأمر بتناول عبوتين أو 3 عبوات، مما يُضاعف كمية السكر .
والأفضل أن نُقدم الزبادي اليوناني العادي مع رشة من العسل والتوت الطازج، وسوف يكون باللذة نفسها وأكثر صحة بكثير.
مع أنه سريع التحضير، فإن عديدا من العلامات التجاربة التي تقدم فشار الميكروويف والتي تُعرض في المتاجر تأتي معبأة في "أكياس مُبطَّنة بمواد كيميائية سامة" ترتبط بمشاكل صحية، تشمل "تثبيط جهاز المناعة والعيوب الخَلقية"، إضافة إلى ما تحتويه نكهة الزبدة من مركبات "قد تكون ضارة بالرئتين"، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
والأفضل هو صنع فشار بالمقلاة الهوائية في المنزل، ورشّه برذاذ الزبدة المذابة أو زيت الزيتون.
من مشاكل الأطعمة المقلية العديدة أنها تُقلى في زيوت صناعية مُعاد استخدامها على درجة حرارة عالية، وهذه الزيوت لا تفتقر إلى القيمة الغذائية فحسب، "بل تُشبع الأطعمة الصحية بمركبات ضارة مثل الأكريلاميدات ومنتجات أخرى تسبب الالتهابات".
والأمر الأكثر إثارة للقلق أن هذه الأطعمة "تُحفز براعم التذوق لدى الأطفال، وتُعوّدهم على اشتهاء تلك القرمشة المقلية"، على حد قول الدكتور بوجراج.
والأفضل من ذلك أن نُحضّر الطعام المقرمش في منزلنا باستخدام المقلاة الهوائية، لطهي الخضراوات المشوية، والبطاطا الحلوة، ورقائق الخضار، "فنحصل على القرمشة دون أي مشاكل".
يقول ديلبريدج: "لا داعي لتعويد أطفالك تناول الكاتشب والصلصات الإضافية، لكي لا تضيف مئات السعرات الحرارية والدهون إلى الوجبة".
أما إذا كانوا من مُحبي صلصة الباربكيو أو الكاتشب، فابدأ بوضع من 1 إلى 2 ملعقة طعام في طبق صغير، بدلا من إعطائهم الزجاجة كاملة.
يحذر مركز "كيدزفيل" لطب الأطفال في تكساس من إعطاء طفلك البيض النيء أو غير المطبوخ جيدا، لأن الأطفال من أكثر الفئات عرضة للأمراض المنقولة بالغذاء، ولما قد يشكله البيض النيء أو غير المطبوخ جيدا من خطر الإصابة بعدوى بكتيريا السالمونيلا المُسببة للحمى والقيء والإسهال.
ومن أجل سلامة الأطفال، يُنصح بطهي البيض جيدا للقضاء على أي خطر مهما كان ضئيلا.
ولتناول الطعام من أجل حياة صحية طويلة، ليس مطلوبا أن تأكل بشكل مثالي طوال الوقت، ولكن عليك اتخاذ خيارات أكثر ذكاء تدريجيا، يوما بعد يوم، كالتالي: