آخر الأخبار

فرص نجاح العملية الثلاثية التي أعلنها أردوغان وأهدافها

شارك

أنقرة- في أعقاب مراسم رمزية أقيمت في إقليم كردستان العراق ، أقدم خلالها عشرات المقاتلين من حزب العمال الكردستاني على إحراق أسلحتهم استجابة لدعوة زعيمهم المعتقل عبد الله أوجلان ، في خطوة وصفتها الحكومة التركية بأنها "فتح صفحة جديدة" في تاريخ البلاد.

وأشعل تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن "العملية الثلاثية"، خلال الاجتماع الاستشاري ل حزب العدالة والتنمية في أنقرة السبت الماضي، موجة واسعة من الجدل السياسي، حيث قال "نحن أحزاب العدالة والتنمية، و الحركة القومية ، والديمقراطية والمساواة للشعوب، قررنا السير في هذا الطريق معا، على الأقل كثلاثي".

وانقسم المراقبون في تفسير هذه العبارة بين من اعتبرها تأكيدا على تعاون الأحزاب الثلاثة في الإشراف على عملية نزع سلاح العمال الكردستاني فقط، وبين من ذهب إلى أنها تحمل أبعادا سياسية أوسع قد تمهد لتحالف جديد بين هذه الأطراف، يفتح الباب أمام تعديل دستوري يتيح لأردوغان الترشح مجددا للرئاسة.

مضمون الخطة

وفي ضوء ذلك، يترقب المشهد السياسي التركي تشكيل البرلمان لجنة خاصة للإشراف على تنفيذ "خارطة طريق" نزع السلاح، بعدما دعا أوجلان في رسالة مسجلة إلى تأسيس لجنة برلمانية تتولى إدارة هذه العملية ودفعها نحو سلام شامل ومستدام.

تقوم "العملية الثلاثية" على تعاون بين 3 أطراف رئيسية:


* حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة الرئيس رجب طيب أردوغان.
* حليفه حزب الحركة القومية.
* الحزب الكردي الجديد "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، الذي تأسس على يد نواب سابقين من حزب الشعوب الديمقراطي المحظور.

وتهدف العملية إلى نزع سلاح مقاتلي العمال الكردستاني والعمل على إدماج عناصره في الحياة السياسية السلمية داخل تركيا.

في هذا السياق، أعلن ممثلو الحزب الكردي استعدادهم للتعاون مع الدولة لضمان نجاح العملية. وفي المقابل، دعت الحكومة التركية جميع الأحزاب الممثلة في البرلمان إلى المشاركة في المرحلة التالية عبر تشكيل لجنة برلمانية تشرف على تنفيذ خارطة الطريق.

إعلان

وقد شدد أردوغان -في تصريحاته- على دعمه الكامل للعملية، مؤكدا أن البرلمان سيضع الإطار القانوني اللازم لها بمشاركة واسعة من مختلف الكتل السياسية. وجاءت فكرة تشكيل هذه اللجنة استجابة للدعوة التي وجهها أوجلان في رسالته المسجلة.

نفي التحالف

بعد أن أثار تصريح أردوغان بشأن "العملية الثلاثية" موجة واسعة من التكهنات حول أبعادها السياسية، سارع حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب إلى نفي أي نية للدخول في تحالف انتخابي مع الحزب الحاكم وحليفه القومي، مؤكدا أن دوره يقتصر على "شراكة عملية" تهدف إلى إنجاح مسار نزع السلاح وتعزيز فرص السلام.

وقالت الرئيسة المشاركة للحزب، تولاي حاتم أوغولاري، إن الاجتماعات التي عقدها الحزب مع الأطراف السياسية تركز حصريا على دفع عملية السلام إلى الأمام، مضيفة: "لا وجود لأي تحالف حزبي إطلاقا".

وأوضحت أن الحزب تواصل منذ بداية العملية مع الحكومة والمعارضة على حد سواء، مشددة على أن إدارة هذه العملية لا يمكن أن تكون لصالح حزب واحد. وتابعت: "نحن لا نسير مع أي حزب، نحن نسير مع الدولة"، مؤكدة أن مشاركتهم تنحصر في الإطار الأمني والسياسي دون أي التزامات حزبية أخرى.

وفي محاولة لتخفيف الجدل، عاد أردوغان في اليوم التالي ليؤكد أن العهد الجديد الذي تتطلع إليه تركيا لا يقتصر على هذه الأحزاب الثلاثة وحدها، بل يشمل جميع الكتل البرلمانية، داعيا كافة الأحزاب إلى المشاركة في العملية. كما قامت وسائل الإعلام الرسمية التابعة للحزب الحاكم لاحقا بحذف أي إشارة إلى "الثلاثية"، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لاحتواء الجدل السياسي الذي أثارته تصريحاته السابقة.

بدوره، شدد المتحدث باسم العدالة والتنمية، عمر تشيليك، على أن الحديث لا يدور عن تحالف انتخابي، بل عن إنجاح مسار السلام، مؤكدا أن العهد الجديد ليس مسؤولية حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية وحدهما، بل يتطلب مشاركة كل القوى السياسية الممثلة في البرلمان.

أما حزب الشعب الجمهوري المعارض، فأعلن تأييده لإجراءات نزع السلاح، وشارك في الاجتماعات التحضيرية، مؤكدا انضمام نوابه إلى اللجنة البرلمانية المزمع تشكيلها، مع تعهده باتباع نهج بناء لحل القضية الكردية.

في المقابل، شدد الحزب على ضرورة ضمان توازن اللجنة وشفافية عملها، محذرا من أن "تتحول إلى أداة لتنفيذ أجندة الحزب الحاكم". وأكد رئيسه أوزغور أوزيل أهمية استغلال هذه الفرصة التاريخية لحل الأزمة الكردية، لكنه في الوقت ذاته أعرب عن "شكوكه في نوايا أردوغان"، متهما إياه "بالسعي إلى خلق وهم تحالف جديد لتكريس سلطته السياسية".

تفاهمات سياسية

يرى المحلل السياسي عمر أفشار أن المرحلة الحالية تحمل أبعادا تتجاوز الإطار الفني لملف نزع السلاح، وقد تشكل مقدمة لتفاهمات سياسية أوسع بين الأطراف المشاركة.

ويضيف للجزيرة نت أن تصريح أردوغان يعكس -ولو بشكل ضمني- وجود مستوى من التنسيق السياسي قد يتطور مستقبلا إلى شراكة انتخابية، خاصة في ظل حاجة السلطة الحالية إلى توسيع قاعدتها الشعبية بعد التراجع النسبي فيها.

وفيما يتعلق بإمكانية ارتباط هذا السيناريو بمحاولات تعديل الدستور، يعتقد أفشار أن أي تفاهم سياسي مع الحزب الكردي الجديد سيظل مشروطا بمدى التوافق حول الصلاحيات والتعديلات التي قد يحصل عليها الأكراد أنفسهم من التحالف مع الحكومة، وما إذا كانت السلطة قادرة على الالتزام بتقديم مكاسب ملموسة لهم في ظل تحالفها مع القوميين الأتراك.

إعلان

من جانبه، يعتقد المحلل السياسي جنك سراج أوغلو أن مواقف أحزاب المعارضة لن يكون لها تأثير حاسم على مسار اللجنة البرلمانية المرتقبة، مرجعا ذلك إلى أن الحكومة لن تسمح لهذه الأحزاب بعرقلة العملية، بل ستبقي زمام المبادرة بيدها لإدارة الملف وفق رؤيتها.

ويضيف سراج أوغلو للجزيرة نت أن حزب الشعب الجمهوري "لا يمتلك الإرادة السياسية الكافية للعب دور فاعل في هذا السياق"، مشيرا إلى أن مخاوفه تتركز بشكل أساسي على المكاسب السياسية التي قد يحققها الحزب الحاكم في حال نجاح عملية نزع السلاح.

ويرى أن هذه الحساسية السياسية تجعل المعارضة متوجسة من أن تُوظف العملية لتعزيز رصيد الرئيس أردوغان وتحالفه الحاكم، مما قد يضعف أي جهود بناءة يمكن أن تبذلها داخل اللجنة البرلمانية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا