آخر الأخبار

ترامب بين مطرقة بوتين وسندان نتنياهو.. حلم نوبل في زمن الحرب

شارك
الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيحضر نهائي مونديال الأندية

لم يُخفِ الرئيس الأميركي العائد بقوة إلى الساحة، دونالد ترامب، طموحه يوماً في أن يُتوَّج بجائزة نوبل للسلام. في خطاباته وحملاته، وعلى طاولة المفاوضات، ظل حلم "صانع السلام العالمي" حاضرا بوضوح، من "صفقة القرن" في الشرق الأوسط، إلى تعهّده بإنهاء حرب أوكرانيا في "يوم واحد".

لكن ترامب، وبعد أشهر من عودته إلى البيت الأبيض، يبدو اليوم كمن يواجه اختبارا صعبا بين حليفين لطالما تباهى بقربه منهما: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ففي الوقت الذي يحاول فيه جرّ موسكو إلى طاولة التسوية، تصطدم مبادراته بعناد بوتين ومكاسبه الميدانية. وعلى الجانب الآخر، تتعثر محاولاته مع نتنياهو في تحقيق تهدئة في غزة، أو دفع إسرائيل للانخراط في تسويات تُرضي واشنطن.

فهل بدأ ترامب يدرك أن الرغبة في صناعة السلام لا تكفي وحدها؟ أم أنه لا يزال يراهن على اختراقٍ سياسي قد يغيّر قواعد اللعبة؟

بوتين: العروض السخية لا تصنع التسويات

في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية" عبر "غرفة الأخبار"، قدّم الدكتور سمير التقي، الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، تحليلا مفصّلا للعلاقة المعقدة بين ترامب وبوتين، قائلا إن الرئيس الأميركي "ليس غاضبا حدّ القطيعة، لكنه مستاء بشدة".

وأوضح التقي أن ترامب بذل جهودا كبيرة، بعضها سريّ، لفتح قنوات تواصل مباشرة مع الكرملين، متجاوزا تحفظات عديدة داخل إدارته. وقدّم عروضاً وُصفت بـ"السخية"، منها إفراغ أوكرانيا من القدرات الاستراتيجية، وضمان عدم وجود قوات للناتو على أراضيها، وعدم تطوير أسلحة قد تهدّد الأمن الروسي.

مع ذلك، يشير التقي إلى أن شروط بوتين "صعبة التسويق" حتى داخل فريق ترامب المقرّب، خاصة فيما يتعلق بالاعتراف بسيطرة موسكو على الأراضي التي ضمّتها شرق أوكرانيا.

ويضيف التقي: "ترامب أعطى بوتين أكثر مما قدّمه أي رئيس أميركي من قبله، وربما أكثر مما يحلم به الكرملين، ومع ذلك لم يجد لدى موسكو مرونة حقيقية، بل مزيداً من التعنت، ما أجبره على التراجع مؤقتاً، والاعتماد مجدداً على الناتو لدعم قدرات أوكرانيا الدفاعية".

من جانبها، ترى إيلينا سوبونينا، المستشارة السياسية في مركز الدراسات الدولية بموسكو، أن بوتين "أبدى مرونة ووافق على التفاوض، لكنه لا يستطيع التنازل عن أراضٍ أصبحت دستورياً جزءاً من روسيا".

وتتابع: "ترامب ليس ساذجا سياسيا، يعرف بوتين جيدا، ويدرك حدود اللعبة. الحديث عن استيائه فيه كثير من المبالغة". وتتهم سوبونينا ترامب بأنه "يتلاعب أكثر مما يتفاوض"، معتبرةً أنه يفضّل "الحلول السطحية والعابرة" على المشاريع السياسية الجذرية، وأنه "يسعى إلى الصورة أكثر من الإنجاز الفعلي".

نتنياهو.. حليف صعب لا يمنح شيئا مجانا

أما في الجبهة الإسرائيلية، فلم تكن علاقة ترامب بنتنياهو أقل تعقيدا. فرغم العلاقات الوثيقة والمواقف المشتركة، إلا أن نتنياهو، بحسب التقي، لم يقدّم لترامب سوى "خطابات المجاملة"، دون خطوات ملموسة في ملفات حساسة مثل غزة أو الملف الإيراني.

ويقول التقي: "نتنياهو لم يمنح ترامب شيئاً سوى الترشيح الرمزي لجائزة نوبل، بينما رفض تقديم أي تنازل حقيقي لوقف الحرب في غزة أو تهدئة التصعيد مع طهران". ويرى أن "نتنياهو يعتقد أن الهيمنة الإسرائيلية تُفرَض بالقوة، لا عبر اتفاقات السلام".

من جانبه، يرى أكرم حسون، عضو الكنيست الإسرائيلي السابق، أن العلاقة بين ترامب ونتنياهو "ما زالت جيدة للغاية"، معتبراً أن الإعلام يضخم الخلافات. ويشير إلى أن إسرائيل وافقت على مقترح المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف بشأن هدنة غزة قبل شهرين، لكن حماس هي من رفضت.

وقال حسون: "نتنياهو خاطر بتحالفاته الداخلية من أجل دعم المبادرة الأميركية، وهذا دليل على التزامه بخيار السلام". إلا أن هذه الرواية لا تصمد كثيراً أمام مواقف نتنياهو العلنية الرافضة لأي دور مستقبلي لحماس، أو أي تسوية تُبقيها جزءاً من المشهد السياسي.

ويختم التقي: "السلام ليس على أجندة نتنياهو حتى مع دول مثل سوريا، رغم أن الفرصة كانت متاحة".

جائزة نوبل.. طموح شخصي أم استحقاق سياسي؟

لم يكن سراً أن ترامب لطالما حلم بأن يُنادى بـ"بطل السلام العالمي"، معتبرا حصوله على جائزة نوبل تتويجا لهذا الحلم. لكن الدكتور التقي يرى أن العالم بات يتّجه نحو صدامات استراتيجية كبرى قد تحرم ترامب من هذا اللقب الرمزي، قائلاً: "ربما ينال الجائزة في ملفات أقل حساسية، لكن في أوكرانيا وغزة، يبدو الوضع أكبر من أي اختراق حقيقي".

أما حسون فيرى أن ترامب "يستحق الجائزة بجدارة"، مذكّراً بأنه منع "حرباً عالمية بين الهند وباكستان"، وساهم في تقارب غير مسبوق بين إسرائيل وعدد من الدول العربية. وأضاف: "هو الوحيد الذي قدّم ضمانات لحماس من أجل السلام، وسعى لإنعاش الاقتصاد الإقليمي عبر تسويات بدل الحروب".

لكن سوبونينا تُبدي تشككاً كبيراً، معتبرةً أن "المعايير السياسية لجائزة نوبل أصبحت غامضة"، مذكّرة بأن الرئيس الأسبق باراك أوباما حصدها عام 2009 دون إنجاز فعلي. وتختم: "ترامب يريد الصورة، لا السلام الحقيقي. إنه لا يسعى لحلول استراتيجية، بل لحلول لحظية وعابرة".

طريق محفوف بالأسئلة

بين طموح شخصي مشروع، وموازين قوى متحرّكة ومعقّدة، يقف دونالد ترامب عند مفترق طرق حاسم. ففي موسكو، لم تُجدِ وعوده في زحزحة الكرملين عن أهدافه الصلبة، وفي تل أبيب، لا يرى من حليفه التاريخي سوى المجاملة، لا الفعل.

وبين العناد الروسي والتمسّك الإسرائيلي، يجد ترامب نفسه أمام معضلة كبرى: هل يُكمل سعيه للسلام دون أوراق ضغط حقيقية؟ أم يتراجع خطوةً إلى الخلف بانتظار تغيّر الشروط؟

في الحصيلة، تبقى صورة "بطل السلام" التي يحلم بها ترامب محاصرة بين جبهات مفتوحة، وحلفاء لا يمنحون إلا بالقسطاس، وخصوم لا يعترفون بالحد الأدنى من التنازلات. وفي عالم لا تُصنع فيه الأحلام الجوائز، قد تبقى جائزة نوبل أبعد من أن تطالها يد رئيس الولايات المتحدة الأميركية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب أمريكا سوريا

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا