في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
ثبتت محكمة استئناف في العاصمة الجزائرية اليوم الثلاثاء (الأول من يوليو/ تموز 2025) عقوبة بالسجن خمس سنوات بحق الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال لاتهامه بـ"المساس بوحدة الوطن"، وفق ما أفاد صحافي في وكالة فرانس برس في قاعة المحكمة.
وتحدثت رئيسة المحكمة بالفرنسية إلى صنصال، بعد تلاوة الحكم باللغة العربية، قائلة "لقد تم تأكيد حكم المحكمة الابتدائية. أمامك ثمانية أيام لتقديم استئناف أمام محكمة النقض".
ورفض المحامي الفرنسي الجديد للكاتب، بيير كورنوت-جنتيل، الذي وصل إلى الجزائر العاصمة في الايام الماضية، التعليق على هذا الاحتمال رداً على سؤال لوكالة فرانس برس. وقال: "ليس لديّ أي تعقيب؛ ينبغي أن ازور موكلي لمناقشة إمكانية الطعن". وأوضح محامي الكاتب، البالغ 80 عاماً والمصاب بالسرطان، أنه "التقى به أمس (الاثنين)، وهو بخير".
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية إن باريس "تأسف لقرار محكمة الاستئناف بفرض عقوبة السجن على مواطننا بوعلام صنصال، والذي أبقى على الحكم الذي أصدرته المحكمة الأدنى درجة". وأضافت أن "فرنسا تحث السلطات الجزائرية على إظهار الرأفة وإيجاد حل سريع وإنساني ويحفظ الكرامة لوضع مواطننا، مع الأخذ في الحسبان حالته الصحية والاعتبارات الإنسانية".
وكان قد حُكم على صنصال في المحكمة الابتدائية في 27 آذار/مارس بالسجن خمس سنوات بعد إدانته بتهمة المساس بسلامة وحدة الوطن، بسبب تصريحات أدلى بها في تشرين الأول/أكتوبر لوسيلة إعلام فرنسية يمينية هي "فرونتيير" وتبنى فيها طرحا مغربياً بأنّ قسماً من أراضي المملكة اقتطع في ظل الاستعمار الفرنسي وضمّ للجزائر.
وتمّت محاكمة صنصال بتهم "المساس بوحدة الوطن وإهانة هيئة نظامية والقيام بممارسات من شأنها الإضرار بالاقتصاد الوطني وحيازة فيديوهات ومنشورات تهدد الأمن والاستقرار الوطني"، وهي جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات. واستأنف الحكم كل من صنصال والنيابة العامة التي كانت طلبت له يومها السجن 10 سنوات.
ويبلغ الكاتب من العمر 80 عاماً وهو مصاب وفقاً لمقربين منه بسرطان البروستاتا، وبات موضع نزاع دبلوماسي حادّ بين الجزائر وفرنسا منذ اعتقاله في مطار الجزائر في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
وكان وكيل نيابة الجمهورية قال أمام محكمة الاستئناف :"نطلب عشر سنوات سجناً ومليون دينار غرامة". وكانت المحاكمة مقرّرة في 20 أيار/ مايو لكنها أرجئت إلى 24 حزيران/ يونيو بناء على طلب المتّهم "للسماح له باختيار محامين للدفاع عنه"، لكن خلال الجلسة التي استمرت نحو 20 دقيقة، تقدّم صنصال دون محام. وبدا الكاتب يومها بصحة جيدة وأجاب على أسئلة القاضية دون صعوبة.
وعند سؤاله عن تصريحه لفرونتيير بشأن حدود الجزائر، قال صنصال أمام القاضية: "أنا لا أمارس السياسة. أنا أيضاً أعبّر عن رأيي حول التاريخ"، موضحاً بأنها "كتابة أدبية والدستور الجزائري يضمن حرية التعبير والفكر". وأضاف أنّ "فرنسا هي التي أنشأت الحدود (للجزائر التي استُعمرت منذ عام 1830)، ولكن لحسن الحظ بعد الاستقلال (في عام 1962)، أعلن الاتحاد الإفريقي أن تلك الحدود التي ورثناها من الاستعمار هي غير قابلة للتغيير".
وأجّجت قضية صنصال نزاعاً حاداً بين باريس والجزائر اندلع في تمّوز/ يوليو 2024 بسبب اعتراف فرنسا بخطة للحكم الذاتي "تحت السيادة المغربية" للصحراء الغربية ، وهي منطقة يتنازع عليها منذ نصف قرن المغرب وجبهة البوليساريو التي تطالب بالاستقلال مدعومة من الجزائر.
وتشكّل قضية صنصال محور نزاع دبلوماسي بين الجزائر وفرنسا. وتعتقد الجزائر أنّ العدالة أخذت مجراها، بينما تدعو باريس إلى "لفتة إنسانية" تجاه رجل مسنّ يعاني من السرطان. ومنذ ذلك الحين، يمر البلدان بأزمة دبلوماسية غير مسبوقة شملت طرد دبلوماسيين من كلا الطرفين، وقيود على حاملي التأشيرات الدبلوماسية، وتجميد كل التعاون.
وفي السادس من أيار/ مايو، اعتمدت الجمعية الوطنية الفرنسية قرارا يدعو إلى "الإفراج فوراً" عن الكاتب وربط أي "تعاون معزز" بين الجزائر وفرنسا، وأوروبا عموماً، بالامتثال "للالتزامات الدولية في مجال حقوق الإنسان".
وحتى الآن، ظلت دون استجابة الطلبات المتعددة للإفراج عن صنصال أو صدور عفو عنه من الرئيس عبد المجيد تبون في "بادرة إنسانية" طلبها خصوصاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شخصياً.
وانضم الكاتب الجزائري المشهور ياسمينة خضرة، واسمه الحقيقي محمد مولسهول، إلى المثقفين والكتّاب عبر العالم للمطالبة بالإفراج عن صنصال و"السماح له باستعادة حريته في أسرع وقت ممكن"، وذلك خلال لقائه الرئيس الجزائري في نهاية أيار/ مايو. ويأمل أقارب مؤلف "2084: نهاية العالم" - ومنهم ابنتاه - في أن يحصل على عفو رئاسي بمناسبة عيد استقلال الجزائر في 5 تمّوز/يوليو.
تحرير: عماد حسن