المشي.. مهما كان نوعه، البطيء أو المعتدل أو السريع.. المتقطع أو المتواصل، علاج بسيط لا يكلف شيئا يمكنه أن يقي من الإصابة بـ13 نوعا من السرطان، بحسب دراسة علمية واسعة النطاق قامت بها جامعة أكسفورد البريطانية، وشملت أكثر من 85 ألف شخص.
لذلك عزيزي القارئ، دع عنك الخمول والجلوس المفرط.. وتحرك فورا واحصل على الحماية الحقيقية من العديد من الأمراض الخطيرة.
ووفقا للدراسة، كلما زادت الخطوات التي يخطونها يوميا، انخفضت فرص الإصابة بما يصل إلى 13 نوعا مُختلفا من السرطان.
في الدراسة، ارتدى المشاركون أجهزة تتبع النشاط التي تقيس مقدار وكثافة حركتهم اليومية. في المتوسط، تابع الباحثون المشاركين بعد 6 سنوات، ووجدوا نمطا واضحا: كلما زادت الخطوات، انخفضت مخاطر الإصابة بالسرطان، بصرف النظر عن سرعة تلك الخطوات.
تدعم هذه النتائج التوصية الشائعة بالسعي إلى 10,000 خطوة يوميا - ليس فقط للصحة العامة، بل للوقاية من السرطان أيضا.
كما ثبتت هذه الارتباطات عند تعديل النتائج وفقا للعوامل الديموغرافية ومؤشر كتلة الجسم وعوامل نمط الحياة الأخرى، مثل التدخين، مما يشير إلى أن التغيرات الملحوظة في خطر الإصابة بالسرطان تعود في الواقع إلى متوسط عدد الخطوات اليومية التي يخطوها المشارك.
كما تم تحليل شدة الخطوات - أي سرعة المشي لدى المشاركين. ووجد الباحثون أن المشي السريع مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسرطان.
ومع ذلك، عند أخذ إجمالي النشاط البدني في الاعتبار، لم تعد سرعة المشي تُحدث فرقا ذا دلالة إحصائية. بمعنى آخر: إن إجمالي مدة المشي هو المهم، وليس سرعته.
وبالمثل، فإن استبدال وقت الجلوس بنشاط خفيف أو متوسط يقلل من خطر الإصابة بالسرطان، ولكن استبدال النشاط الخفيف بالنشاط المعتدل لم يقدم فوائد إضافية. لذا يبدو أن مجرد الحركة أكثر، بأي سرعة، هو الأهم.
درس الباحثون 13 نوعا محددا من السرطان، بما في ذلك سرطان المريء، والكبد، والرئة، والكلى، والمعدة، وبطانة الرحم، وسرطان الدم النخاعي، والورم النقوي، والقولون، والرأس والرقبة، والمستقيم، والمثانة، والثدي.
خلال فترة المتابعة التي استمرت 6 سنوات، أصيب حوالي 3% من المشاركين بأحد هذه السرطانات. وكانت أكثرها شيوعا سرطان القولون والمستقيم والرئة لدى الرجال، و سرطان الثدي والقولون وبطانة الرحم والرئة لدى النساء.
وكانت مستويات النشاط البدني الأعلى مرتبطة ارتباطا وثيقا بانخفاض خطر الإصابة بستة أنواع من السرطان: المعدة، والمثانة، والكبد، وبطانة الرحم، والرئة، والرأس والرقبة.
تقسيم النشاط
اعتمدت الدراسات السابقة على سجلات النشاط الذاتي، التي قد تكون غير موثوقة، فكثيرا ما ينسى الناس أو يخطئون في تقدير مستويات نشاطهم. استخدمت هذه الدراسة أجهزة قابلة للارتداء، مما يوفر صورة أدق عن مقدار وكثافة حركة الأشخاص.
تتميز الدراسة أيضا بأنها لم تركز فقط على التمارين الرياضية الشاقة، فقد أظهرت العديد من الدراسات السابقة أن التمارين الشاقة يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالسرطان، ولكن ليس كل شخص قادرا (أو راغبا) في ممارسة التمارين الرياضية المكثفة.
يُظهر هذا البحث الجديد أن حتى النشاط الخفيف مثل المشي يمكن أن يُحدث فرقا، مما يجعل الوقاية من السرطان في متناول المزيد من الناس.
بالطبع، فإن العلاقة بين النشاط البدني والسرطان معقدة. هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث طويلة الأمد، وخاصة تلك التي تركز على أنواع السرطان المختلفة، لفهم أفضل لفائدة المشي، وكيف يمكننا جعل الحركة جزءا أساسيا من استراتيجيات الوقاية من السرطان.
ولكن في الوقت الحالي، الرسالة واضحة: اجلس أقل، تحرك أكثر - وستتمكن من المشي نحو صحة أفضل.