احتفل ناشطون عرب وعراقيون، عبر منصات التواصل الاجتماعي، باختيار الشابّة ريم العبلي وزيرة للتنمية في الحكومة الألمانية الجديدة.
كما احتلفت صُحف ألمانية بتكليف العَبلي بهذا المنصب، مع التركيز على أنها ابنة لاجئين من العراق قد أصبحت وزيرة في ألمانيا.
وأعلن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ألمانيا، يوم الإثنين، عن اختيار العبلي في الحكومة التي سيقودها الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ، لتكون بذلك أصغر وزيرة في الحكومة الألمانية الجديدة.
وأشاد الناشطون العرب، عبر وسائل التواصل، بإبداع المرأة العربية في كل مكان - متى تيسّرت لها سُبل النجاح.
ورغم كلمات التهاني والفَخر بوصول امرأة شابة، لم تتجاوز الـ 35 عاماً، من أصول عربية إلى الوزارة في بلد متقدّم، فقد شابتْ المرارة تساؤلات كثيرين عمّا لو كانت ريم العبلي تعيش في بلاد آبائها؟
وفي ذلك، انتقد البعض معايير اختيار المسؤولين في بلاد عربية، مقارنةً بالحال في ألمانيا على سبيل المثال.
وذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك، متصوِّراً سيناريو وصول ريم العبلي إلى الوزارة في العراق، وكيف كانت ستدير تلك الوزارة؟ مشيراً إلى أن المشكلة ليست في الأشخاص ولكن في نظام الإدارة أو "السيستم"، على حدّ تعبيره.
والبعض تساءل قائلاً: "أين العراق بالموضوع؟"، مشيراً إلى أن ريم العبلي "لم تزُر العراق وليس فيها شيء من طبائع العراق، ولم تشتمّ في حياتها هواء العراق"، على حدّ تعبير أحدهم.
ويمكن أن ندع ريم العبلي تجيب بنفسها على أصحاب هذه التساؤلات، قائلة: "منذ صغري أعرف ما يحدث في العراق؛ فقد كان أبي يحكي معي في الشأن العراقي، وكان أبي هو الذي شجعني على دخول عالم السياسة، وإنْ لم يُجبرني على ذلك"، على حدّ تعبيرها باللغة العربية، في حديث مع قناة "الشرق" عام 2021.
أيضاً أجرى موقع "باس بلو" الإخباري، المعنيّ بتغطية قضايا المرأة، حواراً في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مع ريم العبلي، قالت فيه: "لديّ العديد من الهُويّات؛ فأنا أشعر بأنني ألمانية، وأشعر بأنني عراقية".
ريم سلام محمد صالح العبلي، من مواليد 1990، في موسكو، قبل أن تلجأ مع والديها إلى ألمانيا في عام 1996، وتحديداً إلى مجمع استقبال للاجئين بمدينة شفيرين عاصمة ولاية ميكلينبورغ - فوربومرن، شمالي ألمانيا.
لكنّ ريم تنتمي إلى أصل آشوري - كلداني - سرياني؛ فهي ابنة عائلة العَبلي من الأقلية الآشورية الكلدانية في العراق، وقد اضطُرتْ الملاحقةُ السياسية والدَيها إلى الهجرة.
وكان أبوها سلام العبلي محارباً - وكذلك كانت أُمُّها - في قوات البيشمركة الكردية بالعراق، ممن قاتلوا ضد نظام صدام حسين.
كما كان جدّها محمد صالح العبلي مناضلاً في صفوف الحزب الشيوعي العراقي، وتم إعدامه عام 1963 في العراق.
وبتشجيع من والدها، اتجهت ريم إلى دراسة العلوم السياسية والتنمية المستدامة في برلين وكايزرسلاوترن في جنوب غربي ألمانيا.
ثم عملت لمدة عامين في الجمعية الألمانية لمنطقتَي الشرق الأوسط والأدنى (نوموف) في برلين، كما عملت ريم في مراكز استقبال اللاجئين والمهاجرين.
وفي عام 2015، وجدتْ ريم نفسها تعمل في نفس مجمع الاستقبال الذي سكنته مع أسرتها عند مجيئهم إلى ألمانيا.
ثم في عام 2021، تولّت العبلي منصب مفوّضة شؤون الهجرة واللاجئين والاندماج في الحكومة الألمانية، كما انتُخبت ريم في العام نفسه عضوة في البرلمان الألماني (البوندستاغ) عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وفي عام 2022، شغلت ريم منصب مفوّضة الحكومة الفدرالية لمكافحة العنصرية، وهو منصب تم استحداثه من قِبل حكومة أولاف شولتس، لتصبح ريم بذلك أول مسؤول فدرالي يُكلّف بمناهضة العنصرية في ألمانيا.
وقادت ريم عِدّة حملات ضد التمييز والعنصرية، مؤكدةً على أهمية "تكافؤ الفرص للجميع، بعيداً عن الاسم أو الشكل أو الأصل".
وفي حكومة شولتس أيضاً، تولّت العبلي منصب وزيرة الدولة ومفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الهجرة واللاجئين والاندماج.
وتتحدث ريم اللغات: العربية، والألمانية، والآشورية والإنجليزية، وتمارس لعبة الملاكمة كهواية في أوقات الفراغ، وهي متزوجة من الملاكم المحترف دينيس رادوفان، ومن هنا اكتسبتْ كنية "رادوفان" في نهاية اسمها.
وتجدر الإشارة إلى أن عائلة رادوفان أيضاً لجأت إلى ألمانيا هرباً من الحكم الشمولي في رومانيا إبان نظام الرئيس السابق نيكولاي تشاوتشيسكو.