يقود الطيار الإسرائيلي السابق في سلاح الجو، جاي بوران (69 عاماً)، مؤسس مجموعة "555 طيار"، التي تضم 1,700 طيار وقائد سابق، مبادرة احتجاجية قوية تدعو إلى وقف الحرب في غزة من أجل إعادة المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.
وقد وقّع على تلك الرسالة الاحتجاجية أكثر من 1200 طيار وضابط حالي وسابق، مطالبين بإنهاء الحرب التي وصفوها بأنها "حرب سياسية" لا تحقق الأهداف الاستراتيجية، بل تهدد حياة الرهائن والجنود.
وتوالى بعدها عديدٌ من رسائل الاحتجاج من قبل جنود وضباط سابقين وحاليين في عشرات الوحدات العسكرية بالجيش، ومن جهاز الاستخبارات (الموساد) وجهاز الأمن العام (الشاباك) والشرطة ووحدات القتال البري وسلاح البحرية.
يُعتبر بوران من قادة التظاهرات في إسرائيل، التي بدأت في فترة خطة الحكومة لإجراء التعديلات القضائية، وتستمر اليوم للضغط من أجل استعادة الرهائن في غزة ولانتقاد سياسة الحكومة الإسرائيلية.
قال بوران إن الرسالة الأخيرة التي نشرها مع زملائه "لم يكن يتوقع أن تجذب الشارع الإسرائيلي بهذه الطريقة"، إذ انضمّت إليها عشرات الوحدات من سلاح البحرية ووحدة الاستخبارات العسكرية 8,200، مشيراً إلى أن تأثير الطيارين في المجتمع الإسرائيلي كبير، ولذلك فإن تحركهم ليس بالأمر البسيط.
اتهم بوران الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو بأنها أعادت الحرب إلى غزة لأسباب سياسية، قائلاً: "عندما يهدد سموتريتش وبن غفير بإسقاط الحكومة في حال عدم العودة للحرب، ثم تعود الحرب بالفعل، فذلك أكبر دليل على أنها حرب سياسية"، وأشار إلى أن "استمرار الحرب لا يخدم هدف إعادة الرهائن، بل على العكس".
هكذا فسّر الطيار الإسرائيلي السابق سبب رفضهم لاستمرار الحرب في القطاع: "في أحسن الأحوال يوقف عودتهم، وفي أسوأ الأحوال يؤدي إلى قتلهم".
أوضح بوران أن السبب المباشر لنشر الرسالة، هو رفض الحكومة الإسرائيلية تنفيذ اتفاق تبادل مرحب به من الولايات المتحدة، وخاصةً من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وعن سؤالنا له بشأن اتهامات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للموقّعين على الرسالة بأنهم "يساريون"، أجاب بأنهم عسكريون سابقون وليسوا سياسيين، مشيراً إلى أن خروج هذا النوع من الأشخاص، خصوصاً الطيارين في سلاح الجو، يعني أن أمراً خطيراً يحدث.
وكشف جاي بوران أن قيادات حالية في سلاح الجو هددت بعض الموقّعين على الرسالة بالتسريح في حال لم يسحبوا تواقيعهم، كما تلقى هو نفسه ضغوطاً لمنع نشر الرسالة، ورغم ذلك يؤكد تمسكه بموقفه.
يستند بوران في تحركه إلى تاريخ من التأثير داخل المؤسسة العسكرية، مشيراً إلى أن من بين الموقعين على الرسالة الأخيرة أربعة قادة سابقين شاركوا في تنفيذ الضربة الجوية ضد المفاعل النووي العراقي في الثمانينيات.
عبّر جاي بوران عن قلقه من أن نتنياهو لا يستمع لا إلى مئات الطيارين أو حتى ملايين المواطنين، لأنه يعلم أن استقالة اثنين فقط من شركائه في الحكومة – بن غفير وسموترتش – قد تؤدي إلى سقوط حكومته.
لذلك يبرر الطيار السابق الرسالة الاحتجاجية، التي أثارت ضجةً عارمةً وغضباً من قبل اليمين الحاكم في إسرائيل، بسبب وصف طيارين إسرائيليين – جزءٌ منهم يشارك في الغارات الجوية على غزة – هذه الحرب بأنها "سياسية"، ما يعني عدم اقتناع جزءٍ منهم بأن ما يؤديه الجيش في غزة هو أمر عسكري واستراتيجي.
أسس بوران مجموعته قبل خمس سنوات بهدف دعم الخطوات الرامية للحفاظ على إسرائيل كدولة ديمقراطية ومهنية.
وكانت هذه المجموعة من بين أبرز الأصوات المعارضة لخطة التعديلات القضائية التي طرحتها الحكومة، وسبق لها أن ساهمت في تحريك الرأي العام، عندما أدت رسالة سابقة للطيارين إلى دفع وزير الدفاع السابق يوآف غالانت للإعلان عن رفضه للتعديلات القضائية.
كشفت إحصاءات قدمها قادة الاحتجاجات، حجم المشاركة من مختلف الوحدات العسكرية. من بين الموقعين ثلاثة رؤساء أركان سابقين، وضباط من الشرطة وجهاز الاستخبارات (الموساد) وجهاز الأمن العام (الشاباك) وغيرها من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
هؤلاء الضباط والجنود هم أنفسهم من قادوا احتجاجات سابقة ضد خطة الحكومة لتغيير النظام القضائي، حينها نجحوا في تحريك الشارع الإسرائيلي، وأوقفوا الخطة مؤقتاً بعد إعلان بعض الطيارين رفض الخدمة العسكرية إن استمرت خطة التعديلات القضائية.
واليوم اتُهموا من قبل نتنياهو برفض الخدمة العسكرية، ولكنهم ردوا بأن رسالتهم لا تعلن رفض الخدمة، بقدر ما تسمع صوت كثير من الإسرائيليين، وفق تعبيرهم.