في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بين دوي المدافع ومشاهد الدمار، ترتفع نبرة التفاؤل الأميركي بإمكانية التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، رغم تصاعد القتال وفشل هدنة عيد الفصح.
المبعوث الأميركي الخاص، كيت كيلوغ، يلمّح إلى "تقدم في عمليات تسوية النزاع"، متحدثًا عن وقف شامل لإطلاق النار يمتد لـ30 يومًا كخطوة أولى نحو سلام دائم. لكن هذا التفاؤل يبدو في نظر كثير من المراقبين مجرد ستار دبلوماسي يُخفي وراءه حسابات أكثر تعقيدًا.
هدنة تنهار... والاتهامات تتطاير
لم تصمد الهدنة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال عيد الفصح سوى ساعات معدودة. تبادل للاتهامات بين موسكو وكييف سرعان ما أعاد مشهد الحرب إلى واجهته المألوفة.
وزارة الدفاع الروسية قالت إن أوكرانيا خرقت الهدنة أكثر من ألف مرة، فيما اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي موسكو بمحاولة التقدم على عدة جبهات، في تجاهل صريح لأي تفاهمات مؤقتة.
تفاؤل أميركي... غطاء لمصالح أوسع؟
التصريحات الأميركية الأخيرة، وعلى رأسها حديث كيلوغ عن هدنة شاملة تشمل "البر والبحر والجو والمنشآت الصناعية"، تعكس في ظاهرها حرصًا على إنهاء الحرب. لكن، وفقًا لتحليل الباحث إيهاب عباس، فإن هذا التفاؤل لا يعكس واقعًا ميدانيًا بقدر ما يعكس استراتيجية سياسية.
يقول عباس في حديثه لبرنامج التاسعة على شاشكة سكاي نيوز عربية إن "التفاؤل الأميركي ربما يكون محاولة لتهيئة المسرح الدولي لصفقات أكبر"، لافتًا إلى ما وصفه بـ"عروض إغراء روسية لترامب" تشمل مشاريع طاقة، وتعاونًا استخباراتيًا في ملفات معقدة مثل إيران وكوريا الشمالية، وصفقات محتملة مع شركات أميركية كبرى.
المعادلة الاقتصادية: الاستثمار رهين الاستقرار
الاتفاق الأخير بين واشنطن وكييف بشأن "المعادن النادرة" فتح الباب أمام الطموحات الاقتصادية الأميركية في أوكرانيا. لكن، كما يوضح عباس، فإن هذه الطموحات تصطدم بواقع أمني غير مستقر.
ويقول عباس: "لا يمكن لأي شركة أميركية أن تعمل في أوكرانيا وسط إطلاق نار وصواريخ ومسيرات (...) المشروع الاقتصادي مرهون بالأمن".
وفي تحذير لافت، يربط عباس بين استمرار الحرب ومصير الاستثمارات الأميركية، مشيرًا إلى أن "أي استثمار أميركي قد يُستهلك لاحقًا في تمويل الحرب نفسها، ما يجعل ميزان الربح والخسارة صفرًا في نهاية المطاف".
زيلينسكي تحت الضغط
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، من جهته، يسعى للحفاظ على الدعم الأميركي عبر استمرار العمليات العسكرية، خاصة في المناطق التي ضمتها روسيا، ذلك وفق عباس، لإبقاء الاتفاقات الاقتصادية قائمة وفعّالة. لكنه يُحذر من معادلة معقدة: "واشنطن لا تستطيع مطالبته بالتوقف، لأن ذلك سيُفقد اتفاق المعادن مبرره، لكنها في الوقت نفسه لا تملك القدرة على منع موسكو من الرد".
في ظل هذه المعادلة، يبقى الخوف الأوكراني من تخلي أميركي محتمل قائمًا، كما يرى بعض المحللين.
التعاون الأميركي الروسي
وفق تحليل عباس، فإن الحرب في أوكرانيا تمثل "عنق زجاجة" يُعطّل انطلاق ملفات استراتيجية بين واشنطن وموسكو. من بينها: الاتفاق النووي الإيراني، التجارة مع الصين، استثمارات الطاقة في القطب الشمالي، وحتى التعاون الفضائي. ولهذا، فإن "السلام المؤقت" في أوكرانيا لا يُفهم بالضرورة كحرص أميركي على الاستقرار، بل كمحاولة لفك القيود الجيوسياسية التي تعيق مصالح أكبر.
سلام المصلحة أم هدنة مؤقتة؟
رغم المشهد القاتم على الأرض، تُصر الإدارة الأميركية على الحديث عن "نافذة سلام"، لكن هذا التفاؤل بحسب عباس، "ربما لا يعكس الواقع بقدر ما يُستخدم كأداة ضغط وتكتيك تفاوضي".
يبدو أن واشنطن تسير على حبل مشدود، حيث السلام ليس هدفًا في ذاته، بل وسيلة لفتح ملفات ومصالح تتجاوز أوكرانيا نفسها. فهل يتحقق السلام؟ أم أن كفّة المصالح سترجّح كفّة الصفقات قبل أن يصمت صوت السلاح؟