أصدرت السلطات الإماراتية مؤخرا قراراً يقضي بحصر استخدام اللهجة الإماراتية في الإعلام الرسمي على المواطنين فقط.
واشترطت أن يكون المتحدث مرتدياً الزي الوطني عند الحديث عن أي مشروع أو مضمون باللهجة المحلية.
وأوضح عبد الله بن محمد بن بطي آل حامد، رئيس المكتب الوطني للإعلام ورئيس مجلس الإمارات للإعلام، أن السياسة الإعلامية الجديدة طُبّقت فعليًا منذ نحو ثلاثة أشهر.
وأضاف أن السياسة الجديدة تشترط أن يكون المتحدث باللهجة الإماراتية إماراتيا، مرتديًا الزي الرسمي، وذلك لضمان تقديم الصورة الصحيحة للمجتمع الإماراتي، وحماية خصوصيته الثقافية.
ويأتي تبنّى المجلس الوطني الاتحادي في دولة الإمارات هذه السياسة الإعلامية الجديدة، التي تقضي بعدم السماح لغير المواطنين باستخدام اللهجة الإماراتية في وسائل الإعلام، في خطوة تهدف إلى حماية الهوية الوطنية ومنع تحريف الرموز الثقافية، وفق ما قالته الجهات المعنية.
كما يأتي هذا القرار في إطار مواجهة ما وصفته السلطات بـ "تشويه اللهجة الإماراتية" في بعض وسائل الإعلام.
وقد بدأت الجهات المعنية برصد مدى الالتزام بتنفيذ القرار منذ دخوله حيز التنفيذ.
وشدّد المسؤول الإماراتي على أن هناك جهات حاولت تشويه سمعة الدولة من خلال تقديم محتوى مغلوط، وقد تم اتخاذ إجراءات صارمة بحقها، دون الكشف عن طبيعة العقوبات.
وأكد آل حامد أن الإعلام الإماراتي بات يتفرع إلى مستويين: الإعلام الرسمي الذي تمثّله المؤسسات الوطنية الكبرى، والإعلام الشخصي الذي يتمثّل في الأفراد المؤثرين عبر منصاتهم الخاصة، ودعا إلى استهداف الجمهور المناسب وتوجيه الرسائل الإعلامية بما يتوافق مع طبيعة المتلقي.
وتعكس هذه الخطوة، بحسب معلقين عبر مواقع التواصل، توجهاً واضحاً لدى السلطات الإماراتية لتعزيز الأصالة في الرسائل الإعلامية والحد من محاولات تقليد أو تحريف المكونات الثقافية المحلية من قبل غير الإماراتيين، خصوصا مع تزايد استخدام اللهجة الإماراتية بشكل غير دقيق في برامج السوشيال ميديا والمنصات الرقمية، وفق تعبير العديد منهم.
وفيما رحّب الكثير من المواطنين بالقرار واعتبروه خطوة جريئة في سبيل حماية التراث والهوية الوطنية، أبدى البعض الآخر، خاصة العاملين في المجال الإعلامي من غير المواطنين، تساؤلات حول حدود القرار، وكيف يمكن تنفيذه دون أن يؤثر سلبًا على التنوع والتفاعل الثقافي.
بالإضافة إلى ذلك، يخشى البعض من أن هذا قد يعيق الإبداع والتعبير في وسائل الإعلام، مما يحد من إمكانية استخدام اللهجة الإماراتية للوصول إلى جمهور أوسع.
وأبدى معلقون استغرابهم من كيفية ضبط المخالفات التي من الممكن ارتكابها نتيجة تعايش جنسيات مختلفة في الدولة، أو اختلاف اللهجات من إمارة لأخرى.
وبعدما أبدى معلقون تخوفهم من أن يكون القرار يمس الجنسيات الوافدة في الإمارات، أو يميّز بينهم وبين المواطنين في البلاد، دافعت إحدى المعلقات عن القرار باعتباره ينحصر بهدف الحفاظ على العادات، معتبرة أن حصر التحدث باللهجة المحلية للمواطنين هو ما يحمي الهوية الوطنية التي هي من اختصاص "أهل البلد" فقط دون غيرهم، على حد تعبيرها.
وحول السبب الذي دفع السلطات الإماراتية لاتخاذ هذا القرار، قال معلقون إن أنماطاً لغوية "هجينة" بدأت تظهر في الإعلام، من قبل من قالوا إنهم من غير المواطنين، وتقدّم على أنها "إماراتية" لكنها غالبًا ما تفتقد إلى الدقة والعمق الثقافي الحقيقي. لذلك، رأت الجهات الرسمية أن هذا الاستخدام غير المنضبط قد يساهم في إضعاف الهوية اللفظية الإماراتية، وربما حتى في تشويه الصورة الثقافية للمجتمع.
إلا أن عاملين في الحقل الاعلامي قالوا إن هناك العديد من العاملين في المجال من غير الإماراتيين، وممن يتقنون اللهجة الإماراتية ويستخدمونها في بعض الأحيان للاحتفاء باللهجة والدولة، مستهجنين إن كان ذلك سيؤدي بهم لخسارة وظائفهم في تلك القنوات لاحقاً.
لكن الأيام القادمة ستبين عن كثب كيف سيتفاعل المجتمع الإعلامي مع هذا القرار، وهل سيفتح الباب لمبادرات مشابهة في مجالات أخرى لحماية الهوية الإماراتية؟