آخر الأخبار

الأطباء في غزة: قصة طبيبة تتحدث عن صعوبة الظروف في القطاع

شارك
مصدر الصورة

في غزة، كان قطاع الصحة ضحية لحرب مستمرة منذ 18 شهراً، حيث يكافح الأطباء للتعامل مع هذا الوضع في القطاع. تابعت بي بي سي عمل طبيبة عامة خلال مناوبتها في عيادة تابعة لمنظمة أطباء بلا حدود.

عند الساعة 7:30 صباحاً بالتوقيت المحلي، تبدأ الدكتورة وسام سكر، مسيرها عبر شوارع مدينة غزة المدمرة، "أمشي حوالي 50 دقيقة للوصول إلى عيادتنا"، قالت وسام لصحفية محلية متعاونة مع بي بي سي، إذ أن نفاد الوقود بشكل كامل تقريباً في غزة، جعل وجود سيارات الأجرة نادر جداً.

وتضيف الدكتورة وسام: "مع مواردنا المحدودة، لا نزال نحاول التواجد هنا في شمال غزة خلال هذه الأوقات الصعبة".

وتقول منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة إن 21 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في غزة تعمل حالياً بشكل جزئي، فيما انخفضت الإمدادات الطبية الواردة إلى القطاع بشكل حاد بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على غزة.

وتشير الطبيبة إلى ما تبقى من مكان عملها السابق، وهو عيادة الحروق التابعة لمنظمة أطباء بلا حدود التي استهدفت في الأسابيع الأولى من الحرب، خلال معارك في الشوارع بين الجنود الإسرائيليين ومقاتلي حماس.

قام فريق أطباء بلا حدود بتحويل أحد المكاتب الواقعة غرب مدينة غزة إلى عيادة، وبحلول الساعة 9:30 صباحاً، وبينما كانت الدكتورة وسام ترتدي رداءها الأبيض، كان هناك نحو 150 شخصاً ينتظرون في خيمة للاستقبال في الخارج.

مصدر الصورة

تقول الدكتورة وسام: "معظم مرضانا نازحون. يعيشون في ملاجئ، بل يعيشون في خيام في الشوارع".

ومنذ انهيار وقف إطلاق النار قبل شهر، غادر آلاف الغزيين منازلهم مرة أخرى نزحوا إلى هذا الحي، بحثًا عن الأمان.

لكن مع قلة الطعام والمياه النظيفة، تتزايد حالات سوء التغذية والأمراض، مثل جرثومة المعدة والجرب، وكبار السن والشباب هم الأكثر تضرراً، وأيضاً الرضّع المصابون بعدوى فيروسية.

تقول الدكتورة إنهم يستقبلون الكثير من الأطفال الذين يعانون من التهابات الجهاز التنفسي العلوي والإسهال، ففي الملاجئ يتكدس الأطفال في نفس المكان، ويمكن أن تنتشر الفيروسات بينهم بسرعة كبيرة.

كان هناك طفل صغير مصاب بلدغات البعوض على وجهه، بدأت الدكتورة وسام بتطبيق كريم مهدئ على أماكن اللدغات، كما كانت هناك العديد من حالات الحروق الخطيرة، فمع انقطاع غاز الطهي في القطاع، لجأت العائلات إلى استخدام النار لإعداد الطعام، ما أدى إلى زيادة إصابات الحروق الخطيرة.

في غضون ساعة، عاينت الدكتورة وثلاثة أطباء آخرين عشرات المرضى، لكنهم وجدوا صعوبة في مساعدة الكثير من الحالات.

تقول الدكتورة وقد بدا عليها التعب: "نواجه تحديات متزايدة مع العدد الهائل من المرضى ونقص الإمدادات الطبية"، وتضيف: "نستقبل حالات معقدة، ولا نعرف أين نحيل هؤلاء المرضى لأن النظام الصحي في غزة انهار".

ومنذ الأحد الماضي، وصل إلى المراكز الطبية العديد من الجرحى المصابين بجروح خطيرة، القصف الإسرائيلي على المستشفى الأهلي العربي في مدينة غزة .

واتهمت إسرائيل حماس باستخدام مبنى المستشفى كـ"مركز قيادة وتحكم"، وهو ما نفته الحركة.

المستشفى الأهلي، الذي كان المركز الطبي الرئيسي لعلاج الإصابات في شمال غزة، لم يعد قادراً على استقبال المرضى، إذ قالت منظمة الصحة العالمية إن غرفة الطوارئ والمختبر وأجهزة الأشعة والصيدلية دُمرت بالكامل.

مصدر الصورة

سعيد بركات، رجل مسن مصاب بكسر في عظم الفخذ، وصل إلى عيادة أطباء بلا حدود على عكازات، وقال: "بدأت علاجي في مستشفى الشفاء ، ثم تم تحويلي إلى مستشفى الأهلي وقاموا بقصفه".

خضع سعيد لعملية جراحية بعد إصابته خلال قصف إسرائيلي على الملجأ الذي كان يقيم فيه أواخر العام الماضي، ومازالت ساقه متورمة.

وبينما تقوم الممرضات بتغيير الضمادات وإعطائه مسكنات للألم، يقول سعيد: "لقد جئت إلى هنا من أجل أي علاج وللمتابعة".

عند الظهيرة، تتفقد الدكتورة وسام الصيدلية الصغيرة في العيادة وقد بدا عليها القلق، إذ كانت العديد من الرفوف فارغة.

أغلقت إسرائيل جميع المعابر المؤدية إلى غزة في بداية مارس/آذار، وتدّعي أنها تمارس ضغوطاً على حماس لإطلاق سراح الرهائن المتبقين لديها، ومنذ ذلك الحين لم تدخل أي مساعدات للقطاع.

وتقول الدكتورة وسام: "بالنسبة لمرض السكري، ليس لدينا الأنسولين، وليس لدينا علاجات للصرع، وليس لدينا أدوية أساسية مثل أدوية خفض الحرارة"، وتضيف: "إنه موسم العدوى الجلدية، وليس لدينا كريمات أو مراهم لعلاج العدوى البكتيرية، ولا أدوية لعلاج الجرب والقمل"، بينما يقوم الأطباء بتقنين استخدام الإمدادات المتبقية.

مصدر الصورة

وتوضح الدكتورة وسام: "نحن نبذل قصارى جهدنا حتى يكون هناك ما يكفي للأسبوع المقبل"، متوقعة أن ينفد مخزون الأدوية "خلال أسبوعين تقريباً".

عادت الدكتورة وسام إلى غرفة المعاينة، حيث يتوافد العديد من المرضى، والأطفال الذين يعانون من السعال والحمى واضطرابات المعدة.

بحلول الساعة 15:30 بالتوقيت المحلي، أعلقت العيادة أبوابها، ويقدر الأطباء الأربعة الذين يعملون فيها، أنهم عاينوا ما يقرب من 390 مريضاً.

وبعد يوم طويل ومتعب، تعود الدكتورة وسام إلى المشي مسافة طويل ومتعبة إلى منزلها.

وعند مغادرتها العيادة اتصلت بعائلتها، كانت تفكر في أطفالها الذين نزحوا معها تسع مرات خلال العام والنصف الماضيين.

وتقول: "كأي غزّي، أعاني يومياً لتأمين مياه الشرب النظيفة وطعام أطفالي"، وتوضح: "ليس لدينا كهرباء، لذا يصعب عليّ حتى شحن بطارية هاتفي المحمول".

وتضيف: "الأهم من ذلك كله، من الصعب حقاً أن يكون لديك أي أمل .. أشعر أنني أعيش في كابوس لا نهاية له. متى ستنتهي هذه الحرب؟".

في الوقت الحالي، لا توجد إجابة على هذا السؤال، ولا حتى راحة.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا