في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بيروت- "نخشى دور مهربي السلاح والممنوعات من سوريا إلى لبنان " يقول رئيس بلدية دير العشائر الحدودية أحمد نصر، متسائلا "لماذا التركيز على قرى سفوح جبل الشيخ الحدودية؟".
ويأتي سؤال نصر بعد توقيف الجيش اللبناني في العاشر من أبريل/نيسان الجاري عصابة تهرب أسلحة حربية عبر حدود المنطقة، وقال "لا نعلم لصالح من يعملون، ولا وجهة استعمالها، هل هي للفتنة أم للإتجار".
تعتبر قرى دير العشائر وكفرقوق وعيحا وينطا وحلوة امتدادا طبيعيا لجبل الشيخ، حيث تفرض تضاريس الجبال تداخلا عقاريا مع القرى السورية في الجهة المقابلة، كمزرعة دير العشائر ورخلة والديماس ويعفور ورأس العين.
وكان النظام السوري السابق قد استغل جغرافيا وديمغرافيا المنطقة في عمليات تهريب منظمة، زارعا بذور الخلاف بين سكان الجانبين، بما في ذلك منع مزارعي الجانب اللبناني من الوصول إلى أراضيهم الزراعية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يقول رئيس البلدية نصر "المسافة بين دير العشائر اللبنانية ومزرعة دير العشائر كيلومترين، أرض المزرعة لبنانية وسكانها من السوريين، إنه نموذج معقد ينسحب على قرى سفوح جبل الشيخ كافة".
ويوضح أن "التضاريس الجبلية والأحراج الكثيفة مغرية للمهربين، الذين يحاولون تمرير موبقاتهم قبل استتباب الوضع للعهدين الجديدين في سوريا ولبنان"، لكنه في المقابل يشير إلى دورٍ فاعل للجيش اللبناني في مكافحة المهربين.
وبعد نجاح التنسيق الأمني الرسمي بين لبنان وسوريا في محاصرة الاشتباكات التي دارت في منطقة حوش السيد علي يوم 16 مارس/آذار الماضي، تحولت سكة التهريب نحو مناطق أخرى بعيدة، لكن جغرافيتها تمتاز بأنها معقدة من الناحية اللبنانية، ومفتوحة نسبيا من الجهة السورية.
ويذكّر نديم عبد الخالق مختار بلدة كفرقوق بتنفيذ النظام السوري السابق سياسة قضم الأراض الزراعية اللبنانية، من خلال إزالة علامات ترسيم حدودية وتنظيم التهريب علنا، وقال للجزيرة نت: "اليوم، أمسك الجيش اللبناني بالمنطقة، وهو يقيم حواجز ثابتة في دير العشائر وحلوة مثلا، حيث يمنع أي زائر من غير الأهالي الدخول إليها من دون تصريح رسمي".
وأضاف: "صحيح أن إجراءات الجيش الصارمة أدخلت الطمأنينة إلى قلوب الأهالي، لكن عديدا من أبناء قريتي لا يستطيعون الوصول إلى أملاكهم، لأن الواقع الحدودي متداخل، ويحتاج إلى حلول سريعة"، مشيرا إلى أن تحول بعض عمليات التهريب باتجاه مناطقهم يشي بتعقيدات كثيرة، وقال "أتمنى ألا يبقى الحزم من جانب لبنان فقط، ونأمل أن تستتب الأمور للعهد الجديد في سوريا".
المخاوف التي أبداها المختار والأهالي أكدتها مصادر أمنية رسمية للجزيرة نت، إذ قالت إن "المناطق السورية الواقعة شرق قرى سفوح جبل الشيخ، كانت مليئة بالمواقع العسكرية التابعة للنظام السابق، ويُخشى من وجود بقايا ضباط وعناصر ربما استحوذوا على أسلحة ومعدات حربية، وقد تكون لهم صلات بمهربين سوريين ولبنانيين، الأمر الذي يستوجب مزيدا من الحذر".
وفي هذا الإطار، أكد وافي عربي -وهو أحد أبناء قضاء راشيا- أهمية بسط الإدارة الجديدة في سوريا سيطرتها على المناطق الحدودية، "خاصة تلك المواجهة لقرانا، صحيح إنهم يمرون بمرحلة انتقالية تتطلب بعض الوقت كي يستقر وضعهم، لكن الأمر يحتاج إلى حلول سريعة"، حسب وصفه، مضيفا في حديثه للجزيرة نت: "سيبقى موضوع التهريب يؤرقنا من الجانب الآخر".
وأكد عربي أن الوضع الأمني من الجهة اللبنانية محصن أمنيا بفضل انتشار الجيش وحواجزه الثابتة والمتحركة، سواء داخل القرى أو في المناطق الجرداء القاسية، والممتدة على طول شريط قرى عيحا وحلوة وكفرقوق وينطا ومرتفعات راشيا، "باختصار، الوضع من الجهة اللبنانية مسيطر عليه، لكن ذلك لا يعني أن عمل المهربين قد توقف".
وضمن إطار مكافحة التهريب عبر الحدود اللبنانية السورية خلال الأيام القليلة الماضية، دهمت وحدات من الجيش اللبناني منطقة القصر في محافظة الهرمل، وصادرت أسلحة حربية وممنوعات، كما سبق أن اشتبكت مع مجموعة مهربي أسلحة حربية في عيحا وأوقفتهم، وفي وقت آخر صادرت شاحنة محملة بمعدات لتصنيع الكبتاغون، في منطقة السماقة الهرمل، كانت معدة للتهريب من سوريا إلى لبنان، حسب مديرية التوجيه في الجيش اللبناني.
يقول عضو المجلس المذهبي لطائفة الموحدين الدروز الشيخ منور أبو درهمين- راشيا إن "موضوع التهريب عبر الحدود السورية اللبنانية مُتفلت بحكم الجغرافيا أولا، وبحكم تفلت مجموعات التهريب عبر الحدود الشرقية بأكملها".
وأبدى خشيته من تنامي هذه الظاهرة مؤخرا، داعيا إلى مكافحتها بكل قوة، "لأن أي تنام لدور مهربي الأسلحة الحربية والممنوعات، يجعلنا نحن المجتمع المحلي معرضين لمخاطر جمة".
ويرى الشيخ في أي لقاء قد يعقد بين الحكومتين اللبنانية والسورية فرصة مهمة لمعالجة ملف الحدود المشتركة وترسيمها، إضافة لمواضيع كثيرة عالقة بين لبنان وسوريا، وأكد الوقوف خلف الإدارة الجديدة في لبنان، وقال: "نشد على يد الحكومة للنهوض بلبنان نحو الأفضل، ونثمن عاليا طرح مشكلاتنا بجدية وحرص مع الإدارة الجديدة في سوريا، لأن في ذلك خيرا ومصلحة للبلدين".