آخر الأخبار

جدعون ليفي: رسائل الاحتجاج على الحرب متأخرة وجبانة

شارك

جميع رسائل الاحتجاج ضد الحرب تستحق التقدير، وإن كانت متأخرة وجبانة، ولكن قراءتها تعطي انطباعا بأن 59 شخصا فقط هم من يعانون في قطاع غزة ، فلا أثر لـ50 ألف جثة ولا لعشرات الآلاف من الأطفال الأيتام والمصابين والمشوهين، ولا لمليوني فلسطيني نازح ومعدم، وكأن 59 محتجزا إسرائيليا، أحياء وأمواتا، دماؤهم وحدهم مقدسة وحريتهم تفوق كل شيء.

هكذا انطلق جدعون ليفي -في عموده بصحيفة هآرتس- موضحا أن من يقرأ هذه الرسائل الشجاعة نظريا، يظن أن المحتجزين هم ضحايا الحرب الوحيدون، وسوف تواجهه قواعد أخلاقية مشوهة وانتقائية لدى المجتمع الإسرائيلي، لأن المعنى الضمني المروع هو أنه إذا أطلق سراح المحتجزين وأقيل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من منصبه، فإن حمام الدم في غزة سيستمر دون عوائق، لأن الحرب في نهاية المطاف مبررة.

ومع أن كثيرين يشيدون بهذه الرسائل، وبشجاعتها المزعومة والتزامها المتمدن، فإنها تبعث على الفزع، إذ لا واحدة منها تدعو إلى إنهاء الحرب بسبب الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت فيها، ولا بسبب إهدار الكرامة الإنسانية، وكأن مصير المحتجزين هو الذي ينبغي أن يحرك كل إسرائيلي وكل إنسان، دون الشعور بمعاناة أكثر من مليوني شخص آخرين، كما يقول الكاتب.

إعلان

ومع أن كل أمة يجب عليها أن تهتم قبل كل شيء بمصالحها الخاصة، فإن تجاهل الضحايا الآخرين تماما -وهم ضحايا من صنع أيديها- أمر محبط للغاية، ينبغي أن يمنع أي شخص ذي ضمير حي من أن يوقّع على مثل هذه الرسائل.

لا لتصنيف المعاناة

ونبه ليفي إلى أن بعض الرسائل تظاهرت باهتمام لضحايا غزة، إذ أشار الطيارون بشكل مبهم إلى "المدنيين الأبرياء"، من دون تحديد من هم، وأظهر الكتّاب شجاعة أكبر، متحدثين عن "ضرر غير متناسب لحِق بسكان غزة"، بل وحتى "ضرر مروع لحِق ببشر عاجزين"، ولكن حتى في هذه الحالات، يبقى من الواضح أن الدافع الرئيسي وراء الدعوة إلى إنهاء الحرب هو مصير المحتجزين.

وذكّر الكاتب بأن هذه الرسائل وقعها ألفان من جنود الاحتياط من لواءي المظليين والمشاة، و1700 من سلاح المدرعات، و1055 طيارا وطاقما جويا، وحتى 200 جندي احتياط من برنامج "تلبيوت" التدريبي النخبوي، ولكن كبار القادة العسكريين هددوا بفصل المحتجين، مما أضفى لمسة درامية لا داعي لها إلى احتجاج متواضع أصلا.

ثم استيقظ الفنانون والمهندسون المعماريون والأطباء فجأة بعد أكثر من عام ونصف عام من الرعب والصمت، وكتبوا جميعا بأسلوب النسخ واللصق "أوقفوا الحرب لإنقاذ الرهائن"، وهم يدركون تماما أنهم لو وضعوا الضحايا الفلسطينيين في المقدمة لانسحب عديد من الموقعين.

والواقع أنهم محقون في أن الحرب يجب أن تنتهي لإنقاذ المحتجزين، ولكن لا يمكن أن يكون هذا هو السبب الوحيد أو حتى الرئيسي، بل يجب أن تنتهي الحرب بسبب ما تلحقه بأكثر من مليوني فلسطيني غالبيتهم العظمى من الأبرياء العزل، دون الحاجة لتصنيف المعاناة، أو مقارنة نوع من الألم بآخر.

وختم ليفي بأن المحتجزين وعائلاتهم في معاناة لا تصدق، ويجب أن تنتهي فورا، مؤكدا أنه يجب أيضا أن نرفع أصواتنا بالقوة نفسها، ضد قتل الصحفيين والعاملين في المجال الطبي، (مشيدا بالأطباء)، وضد قصف المستشفيات والمدارس، واقتلاع مجتمعات بأكملها، وضد الدمار الشامل الذي يلحقه الجيش بالقطاع.

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا