آخر الأخبار

من طاولة المفاوضات إلى التهديد العسكري.. اختبار نوايا إيران

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

هل نجح ترامب بإقناع نتنياهو حول إعطاء فرصة للتفاوض مع إيران؟

في الوقت الذي تزداد فيه سخونة الجبهات السياسية حول الملف النووي الإيراني، تتجه الأنظار إلى مسقط حيث تستعد سلطنة عمان لاستضافة محادثات مفصلية بين إيران والولايات المتحدة.

هذه الجولة المرتقبة تأتي في ظل ضغوط أميركية مكثفة وتلويح إسرائيلي بالخيار العسكري، في مقابل إشارات إيرانية براغماتية غير مسبوقة.

غير أن المشهد لا يقتصر على التفاوض المباشر أو غير المباشر، بل يمتد إلى عمق الحسابات الاستراتيجية التي تحكم سلوك اللاعبين الرئيسيين.

هل تُفكك إيران قنبلة طموحاتها النووية؟

لم يكن من المتوقع أن توافق طهران على الدخول في محادثات نووية دون رفع مسبق للعقوبات الأميركية.

لكن الموافقة بحد ذاتها تطرح سؤالًا جوهريًا: هل نحن أمام تغيير حقيقي في مقاربة إيران؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه إعادة تموضع تكتيكي لكسب الوقت وتخفيف الضغوط؟

في تصريحات واضحة اللهجة، أكد عباس عراقجي، كبير مفاوضي إيران، أن "ما يهم طهران الآن هو اختبار جدية الأميركيين"، مشددًا على أن بلاده اختارت التفاوض غير المباشر لتجنب "الإملاءات والضغوط" التي تصاحب الحوار المباشر.

هذه الرسالة تحمل بعدين: الأول هو الاعتراف بالضغط، والثاني هو محاولة ضبط شروط اللعبة التفاوضية من البداية.

واشنطن تشدد الخناق... وترامب يلوّح بالخطر

في الجهة المقابلة، أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحذيرًا صريحًا لإيران، حين قال: "إذا فشلت المحادثات، فإن إيران ستكون في خطر كبير".

الرسالة كانت موجهة لطهران لكنها صيغت أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما يضيف بعدًا رمزيًا وتحذيريًا في آن.

هذا التصعيد الأميركي جاء مترافقًا مع تعيين المبعوث ستيف ويتكوف لقيادة الوفد الأميركي، في إشارة إلى جدية واشنطن في إدارة ملف حساس، دون الاستعانة بمسؤولين من الصف الأول، ما قد يعكس رغبة في اختبار الأرضية دون التزام سياسي مباشر من إدارة بايدن.

دون برامر: ترامب لا يؤمن بالحرب... بل بالمساومة

تصريحات الضابط الأميركي السابق دون برامر تكشف عن العمق الذي تنظر به المؤسسات الأمنية الأميركية إلى الملف الإيراني.

يقول برامر في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية": "ترامب رجل أعمال في الأصل، ويؤمن بأن المفاوضات طريق إلى السلام، لا الحرب".

ويضيف: "الرئيس السابق لم يكن يهوى النقاط الساخنة، بل كان يبحث عن حلول وسط تُرضي الجميع. وهو يرى أن التقدم البطيء أفضل من التصعيد غير المحسوب".

ويرى برامر أن ترامب، حتى في ذروة توتر العلاقات مع إيران، كان يبحث عن طاولة حوار يمكن أن تجمع أطرافًا متباينة لتحقيق اختراق سياسي، مثلما حدث في اتفاقيات أبراهام، التي وصفها بأنها "نموذج قابل للتكرار إذا توفرت الإرادة".

وتابع قائلا: "في التفاوض، الوقت ليس خصمك، بل شريكك إذا ما استُثمر جيدًا. ولكن حين لا يكون هناك تقدم حقيقي، فإن أي إدارة، حتى الأكثر صبرًا، ستشعر بالإحباط".

تحليل برامر يكشف عن جوهر المقاربة الأميركية: مزيج من الضغط الاقتصادي، والتلويح العسكري، مع فتح نوافذ تفاوضية محسوبة.

إسرائيل ترفع وتيرة التهديد.. وروسيا تراقب المشهد

من تل أبيب، جاء الموقف أكثر وضوحًا وشدة. فقد صرّح بنيامين نتنياهو بأن "الخيار العسكري لا مفر منه" في حال طال أمد المفاوضات.

وأكد وجود "تفاهم كامل مع واشنطن على منع إيران من امتلاك سلاح نووي"، مشددًا على ما سماه "النموذج الليبي" كخيار مُفضل لتفكيك البرنامج الإيراني.

في المقابل، جاءت تصريحات موسكو أكثر براغماتية، حيث أشار نائب وزير الخارجية الروسي إلى أن بلاده "لن تقدم دعمًا عسكريًا لإيران في حال تعرضها لهجوم"، لكنها تدعم "جميع المسارات السياسية لتفادي المواجهة".

أما الصين، ففضلت الصمت العلني، مع تكثيف مشاوراتها الثنائية مع روسيا وطهران، في محاولة لرسم خريطة نفوذ في حال فشل المحادثات أو نجاحها.

ورقة البرنامج النووي في ميزان الحسابات الكبرى

اللافت في هذه الجولة من التوتر أن إيران تبدو مستعدة لخيارات لم تكن مطروحة سابقًا. القبول بالتفاوض دون رفع العقوبات مؤشر على ضغط داخلي اقتصادي خانق، يقابله قلق سياسي من استمرار العزلة وتضاؤل الدور الإقليمي.

لكن إيران، من جهة أخرى، تمتلك أوراقًا لا يُستهان بها: من أذرعها الإقليمية، إلى قدرتها على تخصيب اليورانيوم بنسبة مرتفعة، ما يجعل تفكيك برنامجها أكثر تعقيدًا من النموذج الليبي.

أما واشنطن، فترى في الضغط وسيلة لـإجبار إيران على تقديم تنازلات جوهرية دون الاضطرار لخوض مواجهة عسكرية، لا تحظى بتأييد واسع داخل المؤسسة الأميركية، لا سيما في ظل الانشغال بالصين وأوكرانيا.

هل ينضج الاتفاق أم نقترب من الانفجار؟

بين الضغوط الأميركية، والانفتاح الإيراني المشروط، والتحذير الإسرائيلي، والمراقبة الروسية–الصينية، تبقى محادثات عمان لحظة اختبار حقيقية: إما انفتاح على حل متدرج، أو تصعيد قد يجرّ المنطقة إلى حافة الخطر.

ويبقى السؤال الأهم هل تملك طهران الشجاعة السياسية للرهان على التفاوض الجاد؟ أم أن البرنامج النووي سيبقى ورقة مساومة لا تفكك إلا تحت صدمة السلاح؟

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا