ترى موسكو أن الاتصال الهاتفي الأخير بين الرئيسين الأمريكي، دونالد ترامب، والروسي، فلاديمير بوتين، سار بشكل جيد، بالتأكيد بالنسبة للكرملين، استناداً إلى ما أوردته عناوين الصحف في روسيا يوم الأربعاء 19 مارس/آذار الجاري.
وخلصت صحيفة إزفيستيا إلى أن "بوتين وترامب اتفقا على العمل معاً بشأن تسوية في أوكرانيا".
ووصفت صحيفة "كومسومولسكايا برافدا" المكالمة الهاتفية بين بوتين وترامب بأنها "الأطول على الإطلاق"، وأضاف موقع الصحيفة الإلكتروني: "في الوضع الراهن، حققت روسيا انتصاراً دبلوماسياً هنا".
فلماذا يدعي البعض في روسيا "النصر" بعد هذه المكالمة التي استمرت ساعتين؟
ربما لأنه، في نهاية المكالمة، لم يُجبر بوتين على تقديم تنازلات كبرى لأوكرانيا أو الولايات المتحدة. بل على العكس، رفض، في الواقع، فكرة ترامب بوقف إطلاق نار فوري وغير مشروط لمدة 30 يوماً.
وبدلاً من الضغط على موسكو بتهديدها بعقوبات وإجراءات أكثر صرامة لدفعها إلى الموافقة على الخطة الأمريكية، ردت الإدارة الأمريكية بالثناء على الزعيم الروسي.
وقال ترامب لفوكس نيوز: "أجرينا مكالمة رائعة".
وقال مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف: "أود أن أشيد بالرئيس بوتين على كل ما فعله اليوم خلال تلك المكالمة لدفع بلاده نحو اتفاق سلام نهائي".
ولم تكتفِ موسكو بعدم الموافقة على الوقف غير المشروط لإطلاق النار، بل وضع بوتين شروطه المسبقة للسلام.
وتشمل هذه الشروط إنهاء المساعدات العسكرية الغربية لكييف وتبادل المعلومات الاستخباراتية معها، إضافة إلى وقف التعبئة في أوكرانيا. ويُنظر على نطاق واسع لهذه الشروط على أنها وسيلة لضمان استسلام أوكرانيا.
وفي المقابل، من الصعب أن توافق كييف على أي من هذه الشروط.
لكن هل يمكن لموسكو إقناع إدارة ترامب في نهاية المطاف بأن هذه الشروط مقبولة؟ وإذا حدث ذلك، فهل تجبر واشنطن كييف على قبولها؟
لكن الأمر يعتمد إلى حد كبير على ما إذا كان الكرملين قادراً على إقناع ترامب بأنه سيحقق مكاسب أكبر من تعزيز العلاقات مع موسكو مقارنة بالدفاع عن الجانب الأوكراني.
وللتأكيد على هذه النقطة خلال محادثات مع الأمريكيين، يلوح مسؤولون روس بحوافز اقتصادية ومالية، متحدثين عن مدى الفوائد المتبادلة التي يمكن أن تحققها العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة إذا تمكن البلدان من إعادة تنشيط علاقاتهما الثنائية والعمل على مشروعات مشتركة.
وأثار بوتين مؤخراً إمكانية التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا في إنتاج الألومنيوم وتعدين المعادن النادرة.
ويبدو أن هذه الرسالة قد وصلت بالفعل، حيث ترامب الثلاثاء في مقابلة مع فوكس نيوز: "نود أن يكون لدينا المزيد من التجارة مع روسيا".
وأضاف: "لديهم أشياء قيمة جداً بالنسبة لنا، بينها المعادن النادرة، ولديهم مساحة شاسعة من الأراضي، هي الأكبر في العالم. لديهم أشياء قد نستفيد منها".
وتأمل موسكو، وربما تحسب، أن يعطي ترامب أولوية للحصول على جزء من "العقارات الروسية" على حساب ضمان اتفاق مقبول لأوكرانيا لإنهاء الحرب، في نقطة كررتها صحيفة إزفيستيا المؤيدة للكرملين.
وقالت الصحيفة إن "منطق موسكو يتمثل في جعل العلاقات الاقتصادية مع واشنطن مربحة للغاية بحيث يكون قطعها مكلفاً للغاية بالنسبة للولايات المتحدة".
وبعد أسبوع على موافقة أوكرانيا على الوقف غير المشروط لإطلاق النار، أعلنت الإدارة الأمريكية أن "الكرة أصبحت في ملعب روسيا".
وبعد رفض بوتين الاتفاق وحدد شروطه الخاصة، أعاد زعيم الكرملين الكرة إلى "الملعب" الأمريكي.
لكن روسيا والولايات المتحدة ستواصلان مناقشاتهما سواء بشأن أوكرانيا أو بشأن علاقاتهما الثنائية. ومن المرجح أن تؤثر هذه المحادثات على خطوة ترامب التالية.