مساء السبت 15 آذار/مارس، كانت العاصمة اليمنية صنعاء، على موعد مع أكبر هجوم أمريكي، على أهداف للحوثيين في اليمن، منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلطة، فقد شنت الولايات المتحدة سلسلة غارات، استهدفت صنعاء ومدينة صعدة، في وقت أشارت فيه تقارير إلى أن الغارات، استمرت حتى فجر الأحد 16 آذار/مارس.
وقالت وسائل إعلام، تابعة لجماعة أنصار الله الحوثية في اليمن، إن أمريكا شنت 40 غارة، على العاصمة صنعاء، وصعدة، والبيضاء، أسفرت في حصيلة غير نهائية، عن مقتل 32 شخصا، وجرح أكثر من مئة آخرين، معظمهم من النساء والأطفال، في وقت تؤكد فيه الولايات المتحدة، أن الأهداف هي أهداف عسكرية، بينما أشار مسؤول أمريكي، طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى أن العمليات العسكرية ضد الحوثيين، قد تستمر لأسابيع.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قد أعلن السبت 15 آذار/ مارس، عن إطلاق عمل عسكري، "حاسم وقوي" ضد الحوثيين، وقال في منشور على منصته "تروث سوشال" للتواصل الاجتماعي: "سنستخدم القوة المميتة الساحقة حتى نحقق هدفنا"، متهما الحوثيين بتهديد حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وأضاف: "إلى جميع الإرهابيين الحوثيين، انتهى وقتكم، ويجب أن تتوقف هجماتكم، بدءاً من اليوم".
وتمثل هذه الضربات الأمريكية، الأولى على اليمن، منذ تولي ترامب منصبه في كانون الثاني/ يناير، بعد توعد الحوثيين، باستئناف هجماتهم ضد السفن الإسرائيلية، في البحر الأحمر وبحر العرب، والتي قاموا بها خلال الأشهر الماضية دعما للفلسطينيين في حربهم مع إسرائيل في غزة.
ضربات مختلفة
يجمع العديد من المراقبين والمحللين العسكريين، على أن الضربات الأمريكية للحوثيين، بدت مختلفة هذه المرة، عن سابقاتها، إذ يبدو أن هناك اتفاق بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقادته العسكريين على توسيع نطاق الأهداف، لتتجاوز المنشآت وخطوط الإمداد للحوثيين، لتركز على استهداف قياداتهم، وقد كان لافتا أن العديد من التقارير، تحدثت عن استهداف الغارات الأخيرة، لمناطق سكنية يعيش فيها بعض من قادة الحوثيين في اليمن.
وكانت الإدارة الأمريكية السابقة للرئيس جو بايدن، قد سعت إلى إضعاف قدرة الحوثيين، على مهاجمة السفن قبالة السواحل اليمنية، لكنها حدّت من اتخاذ إجراءات أمريكية، لاستهداف قادة وجنود الحوثيين، في وقت يقول فيه مسؤولون أمريكيون، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، إن ترامب أذن باتباع نهج أكثر عداء، وهو ما بدا متوافقا مع حديثه السبت 15 آذار/مارس.
وفي أوائل مارس االجاري، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن قيام إدارة الرئيس ترامب، بتخفيف القيود المفروضة على تنفيذ الضربات الجوية، والعمليات العسكرية خارج مناطق الحرب التقليدية، في إطار ما تُعرف بحملات "مكافحة الإرهاب".
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة قولها، إن هذه الخطوة قد تسمح بتوجيه ضربات، تستهدف مشتبهين في تورطهم بأنشطة إرهابية، مع إمكانية توسيع نطاقها ليشمل دولاً مثل الصومال واليمن.
الأهداف
نقلت "وول ستريت جورنال" عن مصادر أمريكية قولها: إن هناك ثلاثة أهداف، للضربات الأمريكية الأخيرة، على الحوثيين في اليمن وهي: منصات إطلاق صواريخ حوثية كانت تُنقل نحو الساحل استعدادا لهجمات جديدة على السفن، وقيادات الحوثيين المختبئين، ورسالة إلى إيران مفادها أنها قد تكون التالية.
غير أن محللين يرون أن الهدف الأول، للعمليات الأخيرة التي تستهدف الحوثيين، ربما يتعدى الشأن الحوثي الداخلي، إلى الارتباطات والتعقيدات الأقليمية في المنطقة، ويعتبر المحللون أن أمريكا، وبعد أن ساعدت إسرائيل في تدمير قوة حزب الله اللبناني، ستسعى إلى تصفية قدرات الحوثيين، وربما ردعهم عن ممارسة ما يسمونه بالإسناد للفلسطييين في غزة.
وربما يصب كل ذلك في مجال السعي الأمريكي- الإسرائيلي من أجل تحجيم إيران والقضاء على أذرعها في المنطقة.
إيران
كان لافتا خلال الهجمات الأمريكية الأخيرة، على الحوثيين في اليمن، دعوة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إيران، إلى وقف دعمها لجماعة الحوثيين في اليمن، فقد كتب ترامب على منصة تروث سوشيال ،بعد تهديد الحوثيين بالقوة المميتة قائلا: "لإيران؛ يجب وقف الدعم للحوثيين حالاً، ولا تهدّدوا الشعب الأمريكي ورئيسه الذي حصل على أكبر تفويض في التاريخ الرئاسي أو ممرات الملاحة العالمية، ولو فعلتم، فعليكم الحذر، لأن أمريكا ستحاسبكم".
وقد رد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، على ماقاله ترامب مؤكدا بانه " لا يحق لواشنطن، إملاء سياسة الجمهورية الإسلامية الخارجية، في حين توعد قائد الحرس الثوري الإيراني، اللواء حسين سلامي بأن إيران ستردّ على أي هجوم يستهدفها.
ويعتبر مراقبون أن المستهدف بالدرجة الأولى، من الهجمات الأمريكية الأخيرة على الحوثيين، هو إيران التي تتعرض حاليا لضغوط متصاعدة من قبل واشنطن، التي تسعى إلى جلبها إلى طاولة المفاوضات، بخصوص برنامجها النووي.
رد الحوثيين
لا أحد يعرف حتى الآن، إلى أين ستمضي المواجهة بين أمريكا والحوثيين، بعد أن أخذ ترامب على عاتقه شخصيا محاربة الحركة، وقد أجمعت كل الردود الصادرة عن قادة الحوثيين في اليمن، على أن الحركة ستصعد في مواجهة التصعيد الأمريكي، فقد قال محمد البخيتي، العضو البارز في المجلس السياسي للحوثيين، إن المجلس سيرد على ما وصفه بالغارات الجوية الأمريكية "غير المبررة"، وأضاف في تدوينة على موقع إكس، السبت 15 آذار/ مارس: "سنقابل التصعيد بالتصعيد والبادئ أظلم".
لكن محللين يرون أن حديث التصعيد، الوارد على لسان قادة الحوثيين، بعد الهجمات الأمريكية الأخيرة، ربما يفتقر إلى المنطق، في ظل تفاوت القدرات العسكرية، بين الحركة وبين أكبر قوة في العالم، وهي الولايات المتحدة الأمريكية.
يذكر أن الحوثيين، شنوا أكثر من 100 هجوم، على حركة الشحن البحري في البحر الأحمر، منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، في حملة قالوا إنها تأتي في إطار التضامن مع الفلسطينيين في حرب غزة .
وخلال تلك الفترة، أغرقت الجماعة سفينتين، واستولت على واحدة، وقتلت أربعة بحارة على الأقل، في هجمات عطّلت حركة الشحن العالمية، وأجبرت الشركات، على تغيير مسار سفنها، لتشرع في رحلات أطول وأكثر تكلفة حول جنوب قارة أفريقيا.
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الاثنين 17 آذار/ مارس.
خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب