في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
وسط العاصفة السياسية التي تحيط بإيران، تمتد خيوط علاقاتها مع روسيا والصين لتشكل شبكة معقدة من المصالح المتبادلة. لكن هل يعكس هذا التقارب تحالفا استراتيجيا حقيقيا، أم أن موسكو وبكين تتعاملان مع طهران كورقة مساومة تخدم أجنداتهما الخاصة؟.
بينما تتزايد الضغوط الغربية على إيران على خلفية ملفها النووي، يواجه الداخل الإيراني أزمة اقتصادية خانقة واحتجاجات متصاعدة، في المقابل، تبحث طهران عن طوق نجاة في علاقاتها مع موسكو و بكين، اللتين تقدمان لها جرعة دعم حيوية، لكن بشروط غير معلنة.
وقد اجتمع مؤخرا، مسؤولون كبار من إيران و روسيا والصين في بكين، وأكدوا رفضهم لأي تهديدات تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، معلنين عن تنسيق مشترك لتخفيف التوترات.
وخلف هذا المشهد الدبلوماسي، تتشابك المصالح وتتعارض الأجندات، إذ لا ترى روسيا و الصين في إيران شريكا استراتيجيا خالصا، بقدر ما تعتبرانها ورقة يمكن استخدامها لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية.
وتحكم العلاقة بين إيران وروسيا "البراغماتية" البحتة، حيث تتأرجح بين التعاون والحذر. وبينما تحتاج طهران إلى دعم موسكو لمواجهة الضغوط الغربية، فإن الكرملين لا يمنح دعمه دون مقابل.
فروسيا، التي لعبت دور الوسيط في الملف النووي الإيراني، تسعى للحصول على مكاسب جيوسياسية في الشرق الأوسط، دون أن تسمح لإيران بالتحول إلى قوة إقليمية مستقلة بالكامل.
وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة طهران حسين رويوران خلال حديثه لبرنامج التاسعة على "سكاي نيوز عربية" إن إيران تملك معاهدة تعاون استراتيجي مع روسيا لمدة 25 عاما، لكن ذلك لا يعني تحالفا غير مشروط.
ويضيف أن موسكو "تدير علاقتها مع إيران من منطلق مصلحي، فهي لن تسمح لإيران بأن تنهار تماما، ولن تتركها خارج معادلة التوازنات الدولية".
واعتبر المتحدث أن "الاتهامات الإيرانية لموسكو بـ"الخيانة"، على خلفية تقاربها مع إدارة ترامب في السنوات الماضية، تعكس عدم الثقة العميق بين الطرفين.
فروسيا، وإن قدمت لإيران دعما سياسيا واقتصاديا، إلا أنها تحرص على إبقاء طهران تحت سقف معين، بحيث لا تتجاوز الخطوط الحمراء الغربية".
الصين وإيران.. نفط مقابل نفوذ
وعلى الجانب الآخر، تتبع الصين نهجا أكثر نعومة في علاقتها مع إيران، حيث تمارس استراتيجية الاحتواء دون الدخول في مواجهة مباشرة مع الغرب.
وبالنسبة لبكين، إيران ليست مجرد شريك، بل ورقة ضغط يمكن استخدامها في قضايا مثل الحرب التجارية مع الولايات المتحدة، وأزمة تايوان، والتحكم في أسواق الطاقة.
ويعتبر رويوران أن "الصين تملك اتفاق تعاون استراتيجي مع إيران لمدة 20 عاما، وهي تعتمد على النفط الإيراني في تأمين جزء من احتياجاتها، لكن في المقابل، لا تريد أن ترى إيران تتحول إلى قوة إقليمية كبرى".
وتابع "العقوبات الغربية جعلت من إيران سوقا شبه حصرية للصين، ما يمنح بكين فرصة لشراء النفط بأسعار منخفضة، وفي الوقت ذاته، تحرص على إبقاء طهران في حالة من التوازن بين القوة والضعف، بحيث تبقى مفيدة لكنها غير مستقلة تماما".
إيران أمام مفترق طرق
ورغم الدعم الروسي الصيني، لا تزال إيران تواجه أزمة داخلية متصاعدة. الاحتجاجات الشعبية، والانهيار الاقتصادي، والانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية، كلها عوامل تضع النظام الإيراني في موقف حرج. وفي ظل هذه الظروف، وصف مسؤول إيراني الوضع بأنه "برميل بارود قابل للانفجار في أي لحظة".
ويشير رويوران إلى أن إيران لم تستسلم للضغوط الأميركية، لكنه يعترف بتأثير العقوبات، قائلا: "لا يمكن القول إن العقوبات لم تؤثر، فهي أثرت على الاقتصاد، والتبادل التجاري، والعملة الوطنية، لكن الهدف الأمريكي لم يتحقق، فإيران لم تستسلم".
ومنذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، حاولت إيران التكيف مع العقوبات عبر تطوير علاقاتها مع روسيا والصين، والانضمام إلى تكتلات اقتصادية كبرى مثل بريكس ومنظمة شنغهاي. لكن رغم هذه الجهود، يبقى السؤال: هل يكفي هذا الدعم لمواجهة الضغوط الغربية المتزايدة؟.
وفي ظل الموجة المتزايدة من الاحتجاجات الشعبية والأوضاع الاقتصادية الصعبة، تجد إيران نفسها أمام خيارات صعبة. فهل ستتمكن من استثمار دعم روسيا والصين لمواجهة الضغوط الغربية، أم ستجد نفسها مضطرة لتقديم تنازلات في نهاية المطاف؟ الإجابة قد تتحدد بناء على مدى قدرة طهران على موازنة علاقاتها الدولية بين الصمود والتفاوض.