يزور اليوم عشرات من الشخصيات الدرزية السورية البارزة منطقة الجولان التي تحتلها إسرائيل، للقاء شيخ عقل الطائفة هناك، موفق طريف، في زيارة دينية هي الأولى من نوعها.
وتأتي هذه الزيارة تلبية لدعوة من الطائفة الدرزية في إسرائيل، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
ويعتزم رجال الدين الدروز أن يعبروا برّاً من الأراضي السورية باتجاه إسرائيل من خلال بلدة حضر الحدودية التي تقع في ريف القنيطرة (جنوب)، وزيارة مقام النبي شعيب الذي له مكانة خاصة عند الدروز.
تأتي هذه الزيارة بعد تصريحات زعيم الطائفة في سوريا، الشيخ حكمت الهجري، الخميس، الذي أكد بأنه "لا وفاق ولا توافق مع السلطات في دمشق"، متعهداً "العمل بما هو مناسب للطائفة الدرزية"، وواصفاً حكومة دمشق بـ"المتطرفة" و"المطلوبة للعدالة الدولية".
تزامناً مع تصريحات الهجري، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، الخميس، إرسال آلاف الطرود من المساعدات الإنسانية إلى أفراد الطائفة الدرزية في سوريا.
وتتجه الأنظار اليوم إلى طائفة الموحدين الدروز وسط حديث عن مساعٍ لإبرام اتفاق مشابه لاتفاق رئيس المرحلة الانتقالية والإدارة الجديدة في سوريا، أحمد الشرع، مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
ومنذ سقوط نظام حزب البعث السوري في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أثيرت تساؤلات عدة حول مصير هذه الطائفة.
وجاءت التصريحات الإسرائيلية بشأن نية إسرائيل "الدفاع عن دروز سوريا"، إلى جانب توغل قواتها في مناطق جنوب البلاد، لتضيف مزيدًا من التعقيد إلى الوضع الخاص بهذه الطائفة.
فماذا نعرف عن دروز سوريا؟ وما هي هواجسهم في ظل الحكم الجديد؟
يُشير أبناء طائفة الموحدين الدروز إلى أنفسهم باسم "الموحدون"، أي المؤمنون بتوحيد الله، كما يُطلق عليهم أيضًا "بنو معروف". ويُقال إن اسم "دروز" يعود إلى نشتكين (محمد بن إسماعيل) الدرزي، الذي نشر دعوته في لبنان وسوريا.
ويتوزع الموحدون الدروز بشكل رئيسي في لبنان وسوريا وإسرائيل والأردن، إضافةً إلى مناطق متفرقة أخرى.
يرجع تاريخ وجود الموحدين الدروز في سوريا إلى مئات الأعوام.
وقد لعبوا دورًا أساسيا في بلاد الشام عبر مراحل تاريخية مختلفة، حيث شاركوا في معركة حطين ضد الصليبيين عام 1187، وتولّوا مهاما قيادية بعد نيلهم ثقة الأيوبيين والزنكيين. كما انخرطوا لاحقا في المعارك مع المماليك ضد المغول في معركة عين جالوت.
وفي القرن التاسع عشر، وقف الدروز إلى جانب العثمانيين ضد حملة محمد علي باشا على بلاد الشام، وكبّدوا الجيش المصري خسائر كبيرة في جبل العرب جنوبي دمشق، بقيادة الشيخ يحيى الحمدان، الذي كان يحكم الجبل آنذاك.
لكن العلاقة مع الدولة العثمانية تدهورت لاحقًا، إذ ثار الدروز ضدها بعد محاولاتها المتكررة فرض سيطرتها على الجبل. وفي عام 1911، أعدم العثمانيون عددًا من زعماء الجبل بعد إحكام قبضتهم عليه، كان أبرزهم ذوقان الأطرش ويحيى عامر.
لاحقًا، أعلن دروز سوريا ولاءهم للشريف حسين، وانضم المئات منهم إلى الجيش العربي، وكان الزعيم سلطان باشا الأطرش في طليعة من رفع علم الثورة العربية الكبرى، أولًا في الجبل ثم في دمشق.
وفي عام 1925، لعب الدروز دورًا محوريًا في مقاومة الاحتلال الفرنسي لسوريا، إذ رفضوا مشروع تأسيس دولة درزية، وأشعلوا شرارة الثورة السورية الكبرى بقيادة سلطان باشا الأطرش.
يبلغ عدد الموحدين الدروز في سوريا اليوم نحو 700 ألف نسمة، يتوزعون في السويداء، صلخد، شهبا، القريا في جبل العرب، إضافة إلى جرمانا قرب دمشق، ومجدل شمس في الجولان السوري المحتل.
من هي الشخصيات الفاعلة اليوم في المشهد الدرزي السوري؟
هناك أكثر من مرجع روحي واجتماعي يحظى بدعم وتأييد واحترام داخل طائفة الموحدين السوريين.
وأهمّ هذه الشخصيات هي المرجعيات الروحية في الطائفة أي مشايخ العقل الثلاث الشيخ حكمت الهجري والشيخ حمود الحناوي والشيخ يوسف جربوع.
بالإضافة إلى وجوه تتزعم وتقود فصائل مسلحة تشكلت خلال سنوات النزاع، أبرزها الشيخ ليث البلعوس قائد "قوات الكرامة"، وهو نجل الشيخ وحيد البلعوس المعارض للنظام السوري ومؤسس قوات الكرامة الذي توفي في حادث سيارة عام 2015.
وهناك أيضا الشيخ سليمان عبد الباقي، قائد قوات "أحرار الجبل".
نجح الموحدون الدروز في تحييد أنفسهم مع بداية الانتفاضة السورية ضد النظام في عام 2011، وتحول المشهد إلى نزاع مسلح.
لم تنضم الغالبية من أبناء الطائفة إلى صفوف المعارضة للنظام، لكنهم في الوقت نفسه رفضوا التجنيد الإجباري في صفوف الجيش السوري.
وباستثناء الشيخ وحيد البلعوس، الذي عارض النظام السوري علنا حتى وفاته في حادث سيارة عام 2015، لم يحمل أبناء الطائفة السلاح إلا لتشكيل لجان مسلحة محلية تهدف إلى حماية مناطقهم.
وفي عام 2014، قام أبناء الطائفة بمحاصرة مراكز الأمن التي احتجزت أبناءهم بسبب رفضهم التجنيد الإجباري، وتمكنوا من إطلاق سراحهم.
وتعرضت بعض مناطقهم لهجمات قليلة، على يد مجموعات تنتمي إلى ما يُعرف بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة وبشكل خاص بين 2012 و2015.
لكنّ عام 2023، ومع هدوء مشهد الصراع المسلّح نسبياً في سوريا، نظّم قسم من دروز السويداء احتجاجات ضد النظام، وبدعم من المراجع الروحية – باستثناء الشيخ يوسف الجربوع المؤيد للنظام – للمطالبة علناً بإسقاط بشار الأسد.
وتركزت الاحتجاجات حينها في ساحة الكرامة قرب ضريح سلطان باشا الأطرش في السويداء.
في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، شنت الفصائل المسلحة المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام هجوما مفاجئا انطلق من إدلب نحو حلب ومن ثم إلى مناطق أخرى تحت سيطرة النظام السوري.
سقطت منطقة تلو الأخرى بسرعة في يد المعارضة، حتى وصلت قواتها إلى الشام بعد عشرة أيام، وسط تأكيد أنباء عن فرار الرئيس السابق بشار الأسد وعائلته إلى موسكو.
سقط النظام في سوريا بعد أكثر من ستة عقود من حكم حزب البعث، وبدأت التساؤلات تُطرح حول مصير سوريا بمختلف أطيافها في هذا المشهد الجديد.
كانت العلاقة بين الدروز والإدارة الجديدة في سوريا أمام اختبار جدي.
فالسلطة الجديدة تتكون غالبًا من أعضاء هيئة تحرير الشام، وهي نفس الهيئة التي هاجمت في السابق السويداء عندما كانت تُعرف باسم جبهة النصرة تحت قيادة أحمد الشرع، الذي كان يُعرف وقتها بـ أبو محمد الجولاني.
أما المسألة الثانية التي تشكّل هاجسا للسلطة الجديدة في سوريا، فهي السلاح. فخلال سنوات النزاع، شكّل الدروز فصائل محلية مسلحة لحماية بلداتهم ومناطقهم.
وقال الشيخ حكمت الهجري في مقابلة على إحدى القنوات الفضائية العربية في يناير/كانون الثاني، إن التواصل مع الإدارة الجديدة بدأ فورًا بعد سقوط النظام.
وجه الشيخ حكمت الهجري رسالة إلى أحمد الشرع خلال المقابلة، مطالبا بـ "التشاركية في الحوار والأفكار حتى نتمكن من تجاوز المرحلة الانتقالية بنجاح وتأمين المرحلة المقبلة التي يجب أن تكون أكثر دقة، إضافة إلى بناء قاعدة متينة لسوريا المستقبل".
وجاءت هذه الرسالة بعد لقاء لوفد من الطائفة الدرزية مع أحمد الشرع في منتصف ديسمبر/كانون الأول، حيث قال الشرع خلال اللقاء إنّ سوريا "يجب أن تبقى موحدة، وأن يكون بين الدولة وجميع الطوائف عقد اجتماعي لضمان العدالة الاجتماعية".
وأكد الشرع في كلمته أمام الوفد قائلاً: "ما يهمنا هو أن لا تكون هناك محاصصة ولا خصوصية تؤدي إلى انفصال".
شكلت أعمال العنف في منطقة جرمانة أولى تحديات العلاقة بين الطرفين، حيث وقعت اشتباكات بين مسلحين من الطائفة الدرزية وقوات من الأمن في المنطقة ذات الأغلبية الدرزية في بداية مارس/آذار.
لكن الأحداث الدامية الأخيرة في منطقة الساحل السوري، حيث تفيد التقارير بمقتل مئات المدنيين العلويين، دفعت الشيخ الهجري إلى التصريح مطالبًا بوقف العمليات العسكرية في الساحل.
وأعلن الهجري في 8 مارس/آذار رفضه لما وصفه بـ "القتل الممنهج".
يعيش نحو 150 ألف درزي في إسرائيل، الغالبية منهم يعتبرون أنفسهم إسرائيليين واندمجوا في المجتمع الإسرائيلي وجيشه، بينما يقيم 23 ألف درزي في الجزء الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان. ويتسمك غالبيتهم بالهوية السورية رافضين الجنسية الإسرائيلية.
صرّح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 17 فبراير/شباط قائلاً: "لن نسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول الأراضي الواقعة جنوب دمشق. ونطالب بنزع السلاح الكامل من جنوب سوريا، في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء".
كما حذر نتنياهو من استمرار "تهديد" المجتمع الدرزي وانتشار السلاح في محافظات جنوب سوريا.
وشهدت مدن سورية عدة، بينها دمشق والسويداء، التي تقطنها غالبية درزية، تظاهرات يوم الثلاثاء ندّدت بمواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلن أن بلاده لن تسمح لقوات الجيش السوري بالانتشار جنوب دمشق.
واجتمع أحمد الشرع بوفد درزي عقب تصريحات نتنياهو في 25 فبراير/شباط، ضمّ قائدي "قوات الكرامة" و"أحرار الجبل"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية سانا.
قال الشرع خلال اللقاء إنّ السويداء جزء لا يتجزأ من سوريا.
إلا أن وكالة رويترز أفادت في 12 مارس/آذار نقلاً عن مصدر داخل طائفة الموحدين الدروز في سوريا دون الكشف عن هويته، أن 100 شخصية درزية ستزور منطقة الجولان التي تحتلها إسرائيل، وتلتقي مع شيخ عقل الطائفة هناك موفق طريف.
وقالت رويترز إنّ ذلك يعد مؤشرًا على دعم إسرائيل للدروز السوريين.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت عن قرار السماح لدروز سوريين بالدخول إلى الجولان للعمل بدءًا من 16 مارس/آذار.
وجاء ذلك على الرغم من أن الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، أوضح أن إدارته الجديدة ستعترف باتفاقية 1974 مع إسرائيل.
ويقيم نحو 150 ألف درزي في إسرائيل، الغالبية منهم يعتبرون أنفسهم إسرائيليين واندمجوا في المجتمع الإسرائيلي وجيشه، بينما يقيم 23 ألف درزي في الجزء الذي تحتله إسرائيل من هضبة الجولان. ويتسمك غالبيتهم بالهوية السورية رافضين الجنسية الإسرائيلية.
وصرّح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في 17 فبراير/شباط قائلاً "لن نسمح لقوات هيئة تحرير الشام أو الجيش السوري الجديد بدخول الأراضي الواقعة جنوب دمشق. ونطالب بنزع السلاح الكامل من جنوب سوريا، في محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء".
كما حذر نتنياهو من استمرار "تهديد" المجتمع الدرزي وانتشار السلاح في محافظات جنوب سوريا.
وشهدت مدن سورية عدة بينها دمشق والسويداء، التي تقطنها غالبية درزية، تظاهرات الثلاثاء ندّدت بمواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلن أن بلاده لن تسمح لقوات الجيش السوري بالانتشار جنوب دمشق.
واجتمع أحمد الشرع بوفد درزي على أثر تصريحات نتنياهو في 25 فبراير/شباط، ضمّ قائدي "قوات الكرامة" و"أحرار الجبل" وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية سانا.
وقال الشرع خلال اللقاء إنّ السويداء جزأ لا يتجزأ من سوريا.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت عن قرار السماح لدروز سوريين بالدخول إلى الجولان للعمل بدءاً من 16 مارس/آذار.