آخر الأخبار

كيف تنظر أنقرة إلى اتفاق دمشق وقوات قسد؟

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أنقرة- أثار الاتفاق الذي وقعته دمشق لدمج قوات سوريا الديمقراطية "قسد" في مؤسسات الدولة نقاشا واسعا في تركيا، فبينما كان يُنظر إلى القوات الكردية كتهديد مباشر للأمن القومي التركي، فإن إعادة دمجها تحت سلطة دولة باتت حليفة لأنقرة يفتح الباب أمام سيناريوهات جديدة قد تؤثر على موازين القوى في المنطقة.

وتتباين المواقف في أنقرة بين من يرى في الاتفاق فرصة لتقليص النفوذ الأميركي شرق الفرات دون تدخل عسكري، وبين من يحذر من تحديات محتملة، أبرزها استمرار الدعم الإسرائيلي لقسد والتدخلات الخارجية، كما يظل السؤال مطروحا حول ما إذا كانت تركيا ستقبل بالاتفاق دون ضمانات واضحة تمنع "قسد" من إعادة تشكيل نفوذها داخل مؤسسات الدولة السورية.

الموقف التركي

لم تعلّق أنقرة رسميا حتى الآن على الاتفاق بين الحكومة السورية وقسد، لكن وكالة رويترز نقلت عن مسؤول تركي قوله إن أنقرة تشعر بتفاؤل حذر تجاه الاتفاق بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، لكنها تريد رؤية آلية تنفيذه قبل إصدار موقف نهائي.

وأضاف أن الاتفاق لا يغيّر من التزام تركيا بمكافحة الإرهاب أو تمسكها بحل وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة امتدادا لحزب العمال الكردستاني.

ويرى الباحث في الشأن التركي علي أسمر أن الصمت التركي تجاه الاتفاق قد يكون إشارة إلى الرضا أو تحفظ حذر، لكنه يرجّح أن أنقرة كانت على علم بالمفاوضات بين دمشق وقسد وواشنطن، إلا أنها فضلت البقاء في موقع المراقب، منتظرة كيفية تنفيذ الاتفاق قبل تحديد موقفها النهائي.

ويستبعد أسمر أن يكون تزامن الاتفاق مع دعوة عبد الله أوجلان مجرد مصادفة، معتبرا أن هذه التطورات تعكس تحولات في موازين القوى شمال سوريا، خاصة في ظل الحديث عن انسحاب أميركي وشيك.

إعلان

ويضيف -في حديث للجزيرة نت- أن الهدف قد يكون إعادة ترتيب التحالفات الإقليمية وفرض وقائع جديدة، للحد من سيناريوهات التقسيم التي كانت مطروحة سابقا.

وعلى الرغم من أن بنود الاتفاق شددت على وحدة الأراضي السورية ومكافحة تنظيم الدولة الإسلامية ، وهو ما قد يخدم المصالح التركية، إلا أن الإشكالية -وفقا لأسمر- تكمن في عدم وضوح آلية دمج "قسد" في مؤسسات الدولة.

ويحذر من أن دمج "قسد" دون تفكيكها قد يؤدي إلى وجود "جيش داخل جيش" شبيه ب الحشد الشعبي في العراق، مما قد يهدد أمن سوريا واستقرارها، وينعكس سلبا على تركيا التي قد تجد نفسها مضطرة إلى اتخاذ إجراءات لحماية أمنها، مثل إقامة منطقة عازلة على حدودها.

مصدر الصورة تركيا كانت على دراية بالمفاوضات عبر قنوات دبلوماسية غير معلنة مع دمشق (الأناضول)

مكاسب مشتركة

يرى الباحث في مركز سيتا للأبحاث كوتلوهان قورجو أن الاتفاق بين دمشق وقسد يحمل دلالات سياسية مهمة، حيث لم يُرفع خلال مراسم التوقيع سوى العلم السوري، ولم يُلقب قائد قسد مظلوم عبدي بـ"جنرال" بل تمت الإشارة إليه فقط بـ"السيد مظلوم عبدي" وهو ما يعتبره إشارة إلى تراجع رمزية "قسد" ككيان مستقل وإعادة تأطيرها ضمن النظام السوري.

كما أن غياب أي إشارة إلى الحكم الذاتي أو الفدرالية في بنود الاتفاق يُعد مكسبا سياسيا لكل من دمشق وأنقرة، ويعكس تغيرا في خطاب "قسد" السياسي.

ويؤكد قورجو -في حديث للجزيرة نت- أن الاتفاق لم يكن مفاجئا لأنقرة، إذ كانت على دراية بالمفاوضات عبر قنوات دبلوماسية غير معلنة مع دمشق، لكنها لم تكن طرفا مباشرًا في المحادثات.

ويقول الباحث السياسي إن الاتفاق أضعف النفوذ الإسرائيلي شمال سوريا، إذ كانت إسرائيل تسعى لاستخدام قسد والطائفة الدرزية كأوراق ضغط ضد دمشق، لكن الأطراف المحلية اختارت المصالحة مع الحكومة السورية بدلا من التوجه نحو إسرائيل، حيث يرى أن هذا التحول قد يعزز استقرار شمال سوريا، لكنه قد يدفع إسرائيل للبحث عن أدوات جديدة لتعزيز نفوذها الإقليمي.

إعلان

أما فيما يتعلق بالمخاوف الأمنية، فيحذر قورجو من أن عدم خروج العناصر المرتبطة ب حزب العمال الكردستاني ، أو استمرار أي تهديد أمني، قد يدفع أنقرة إلى إعادة النظر في موقفها، مؤكدا أن الخيار العسكري سيظل حاضرا إذا لم يتحقق الهدف الرئيسي من الاتفاق، وهو تفكيك البنية العسكرية للقوات الكردية، مشيرا إلى أن تركيا عززت وجودها العسكري على حدودها استعدادا لأي تطورات قد تهدد أمنها القومي.

أبرز التحديات

ورغم أن الاتفاق بين دمشق و"قسد" يمثل تحولا مهما في المشهد السوري، إلا أن نجاحه ليس مضمونا في ظل التعقيدات الأمنية والسياسية المحيطة به.

وفي هذا السياق، يرى المحلل الأمني مراد أصلان أن الاتفاق بين دمشق و"قسد" يمثل خطوة إيجابية لسوريا والسوريين، مؤكدا أن البنود المعلنة تصب بشكل واضح في مصلحة الحكومة السورية، حيث تمنحها سيطرة أكبر على الشمال الشرقي وتساهم في إعادة دمج المكونات العسكرية والإدارية تحت مظلتها.

ومع ذلك، يشير أصلان -في حديث للجزيرة نت- إلى أن التحديات أمام تنفيذ الاتفاق لا تزال قائمة، وأبرزها استمرار الدعم الإسرائيلي لقسد، والذي قد يشكل عامل إعاقة رئيسي في حال لم تكن أسس الاتفاق قوية بما يكفي لمواجهة الضغوط الخارجية.

وبرأيه، فإن نجاح الاتفاق يعتمد على قدرة دمشق وحلفائها، وعلى رأسهم أنقرة، على تحصينه ضد أي تدخل خارجي، مشددا على أهمية منع أي محاولة إسرائيلية أو دولية للتأثير على مسار الاتفاق، سواء عبر الضغط السياسي أو محاولات تأجيج الانقسامات داخل قسد نفسها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا