في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
اختتمت القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة أعمالها بإجماع عربي على تبني الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، والتي تحولت إلى خطة عربية شاملة بعد حصولها على دعم واسع من الدول المشاركة.
هذه الخطة تهدف إلى تقديم بديل عملي لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مع التركيز على إعادة إعمار القطاع دون تهجير سكانه، وذلك في ظل تحديات أمنية وسياسية معقدة تعيق أي حل دائم للأزمة.
ملامح الخطة العربية.. الأهداف والآليات
أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الخطة تركز على هدفين رئيسيين: الأول هو تعزيز الموقف العربي الموحد الرافض لخطة ترامب، والثاني هو تقديم بديل عملي لإعادة إعمار غزة.
وتشمل الخطة تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة القطاع لمدة 6 أشهر على الأقل، مع التأكيد على ضرورة بقاء الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سلطة واحدة.
كما أشار أبو الغيط إلى أن الخطة تتضمن آليات لتأمين التمويل اللازم لإعادة الإعمار، مع رسم مسارات أمنية وسياسية واضحة.
من جهته، أشار رضوان السيد، الكاتب والمفكر السياسي، خلال حديثه لغرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية إلى أن هذه القمة تمثل لحظة حاسمة لعودة العرب إلى الملف الفلسطيني بعد سنوات من التهميش.
وقال: "اللحظة الحاسمة ليست لحظة غزة فقط، بل هي لحظة عودة العرب إلى الملف الفلسطيني الذي فقدوا تأثيره فيه منذ التسعينات".
وأضاف أن الخطة العربية تواجه تحديات كبيرة، خاصة في ظل وجود تنظيمات مسلحة مثل حماس التي ترفض أي حلول سلمية.
التحديات الأمنية والسياسية
أشار عبدالله الصوالحة، الخبير في مركز الإمارات للدراسات، إلى أن التحدي الأكبر يكمن في كيفية تنفيذ الخطة على أرض الواقع، خاصة في ظل إصرار إسرائيل على نزع سلاح حماس ورفضها لأي دور لها في إدارة غزة.
وقال: "المشكلة الأكبر هي الشق السياسي من الخطة.. كيف يمكن للدول العربية أن تقنع إسرائيل بأن هذه الخطة قابلة للتطبيق؟"
وأضاف أن إسرائيل تركز حالياً على استعادة الردع الأمني، وليس على السلام، مما يعقد أي جهود سياسية.
من جانبه، أكد محمد هواش، الكاتب والباحث السياسي، أن الخطة المصرية تمثل بديلاً مهماً لخطة ترامب، لكنها تواجه تحديات كبيرة، خاصة مع إصرار إسرائيل على تغيير الميزان الديموغرافي في الأراضي الفلسطينية.
وقال: "إسرائيل تحاول تغيير الميزان الديموغرافي بين نهر الأردن والبحر المتوسط، وهذه فرصة تاريخية لليمين الحاكم في إسرائيل لطرد مليونين فلسطيني من قطاع غزة".
وأضاف أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أظهر مرونة كبيرة في تبني الخطة، لكن التحدي الأكبر يبقى في كيفية تحقيق المصالحة الداخلية الفلسطينية.
الدور الأميركي والمستقبل
رغم أن الإدارة الأميركية لم ترفض المبادرة بشكل مباشر، إلا أن موقفها لا يزال مرهونًا بضمانات أمنية تطالب بها إسرائيل.
وفي هذا السياق، قال ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق لشؤون الشرق الأدنى إن الخطة قد تكون بداية جيدة، لكن نجاحها يتطلب موافقة إسرائيل، وهو أمر لا يمكن تحقيقه دون تقديم تنازلات أمنية واضحة، خصوصًا فيما يتعلق بسلاح حماس."
وأضاف أن الخطة تتضمن إعادة إعمار غزة ونزع سلاح حماس، لكنها تحتاج إلى دعم دولي لضمان نجاحها.
التحديات المستقبلية
نزع سلاح حماس: يبقى نزع سلاح حماس التحدي الأكبر، حيث أعلنت الحركة مراراً أنها لن تتخلى عن سلاحها. وهذا يشكل عقبة أمام أي خطة لإعادة الإعمار، خاصة مع إصرار إسرائيل على عدم السماح لحماس بالتحول إلى نموذج مشابه لحزب الله في لبنان.
التمويل: على الرغم من أن الخطة تتضمن آليات لتأمين التمويل، إلا أن التحدي يكمن في كيفية ضمان استمرار التمويل في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها العديد من الدول العربية.
المصالحة الفلسطينية: لا يمكن لأي خطة أن تنجح دون تحقيق مصالحة حقيقية بين الفصائل الفلسطينية، خاصة بين حركتي فتح وحماس. وهذا يتطلب إصلاحات داخلية في السلطة الفلسطينية، بما في ذلك تعيين نائب للرئيس وإجراء انتخابات.
الموقف الإسرائيلي: إسرائيل لن تقبل بأي خطة تسمح لحماس بالبقاء في السلطة، مما يعني أن أي حل دائم يجب أن يأخذ في الاعتبار المطالب الأمنية الإسرائيلية.
نجحت القمة العربية الطارئة في تقديم خطة لإعادة إعمار غزة، لكن التحديات الأمنية والسياسية تبقى عقبات كبيرة أمام تنفيذها.
نجاح الخطة يتوقف على قدرة الدول العربية على إقناع إسرائيل والولايات المتحدة بجدواها، بالإضافة إلى تحقيق مصالحة فلسطينية حقيقية. في النهاية، تبقى الكرة في ملعب الفصائل الفلسطينية والدول العربية لتحويل هذه الخطة إلى واقع ملموس على الأرض.