في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
دبلن- انتقد مات كارثي، النائب الأيرلندي والناطق باسم حزب "شين فين" للشؤون الخارجية والدفاع، بشدة سلوك الحكومات الغربية، وعلى رأسها بريطانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، تجاه "جرائم الحرب" التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين.
وفي حوار حصري للجزيرة نت، وصف النائب الأيرلندي سلوك بريطانيا تجاه الإبادة الجماعية في غزة بأنه "مخيب للآمال بشكل لا يصدق، ولكنه ليس مفاجئا"، مشيرا إلى تاريخ بريطانيا الاستعماري، و"تواطؤ الغرب" مع إسرائيل.
وأضاف أن "هذه الدول، التي تدعّي الدفاع عن حقوق الإنسان والقانون الدولي، تتواطأ بشكل واضح مع جرائم إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وتمنحها غطاء سياسيا وقانونيا للاستمرار في انتهاكاتها، وكأنها شريكة لها في هذه الجرائم".
واتهم كارثي إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية" في غزة، واستنكر عدم اتخاذ المجتمع الدولي إجراءات صارمة لوقف هذه الجرائم.
وقال "لقد وصلنا إلى المدى الذي ترتكب فيه إسرائيل الآن إبادة جماعية في غزة، ويتساءل الجميع كيف وصلنا إلى هذا المدى"، واعتبر أن السبب هو أن لا أحد أجبر إسرائيل على التوقف، وأنها ترتكب جرائم حرب في وضح النهار، والمجتمع الدولي يتفرج عليها وكأنها لا تفعل شيئا.
وأضاف أن إسرائيل تقتل الأبرياء، وتدمر المنازل، وتقصف المدارس والمستشفيات، ولا تزال تتلقى الدعم من الدول الغربية، وكأنها فوق القانون الدولي، وتستفيد من الحصانة التي يمنحها لها تواطؤ هذه الدول.
وانتقد كارثي بشدة "فشل" الحكومات الغربية في اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف "جرائم" إسرائيل، واعتبر أن "الخطاب وحده لا يكفي".
وقال "إن من العار على المجتمع الدولي أن هذا لم يحدث، فبدلا من اتخاذ إجراءات ملموسة، تكتفي هذه الدول بإصدار بيانات إدانة خجولة لا ترقى إلى مستوى خطورة ما يحدث في فلسطين".
وأضاف أن هذه الدول "تتواطأ بصمت مع إسرائيل، وتشجعها على الاستمرار في انتهاكاتها. إنها تزودها بالأسلحة، وتمنحها الدعم السياسي، وتعرقل أي محاولة لمحاسبتها على جرائمها، وكأنها شريكة لها في هذه الجرائم، وتتحمل جزءا من المسؤولية عما يحدث في فلسطين".
ودعا كارثي أيرلندا إلى "تولي زمام المبادرة" في فرض عقوبات على إسرائيل، مشيرا إلى أن "الضغط الدولي" هو السبيل الوحيد لإنهاء "الاحتلال" و"جرائم الحرب".
واستعرض مبادرة أيرلندا في البدء في فرض العقوبات من أجل مساعدة الحركة التحررية في جنوب أفريقيا والتي تبعها عدد كبير من الدول لاحقا. وتوقع أن يتكرر هذا النموذج في مبادرة أيرلندا من أجل فلسطين.
ويعتقد كارثي أن أيرلندا في وضع جيد لتولي زمام المبادرة وقيادتها وفرض العقوبات. وقال "يجب أن نكون قدوة للدول الأخرى، وأن نثبت أننا لن نتسامح مع هذه الجرائم".
ودعا لفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على إسرائيل، والضغط عليها لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، وإنهاء احتلالها الأراضي الفلسطينية، تماما مثلما تم مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، الذي لم ينته إلا بفضل الضغط الدولي والعقوبات التي فرضت عليه.
وأكد كارثي على "الروابط العميقة" بين الشعبين الأيرلندي والفلسطيني، مشيرا إلى "التاريخ المشترك" من "الاستعمار" و"النضال من أجل الحرية".
وقال إن فهم القرابة الأيرلندية مع شعب فلسطين، يتطلب فهم للتاريخ الأيرلندي، معتبرا أنهم لا يشبهون أغلب الأعراق الأوروبية البيضاء الأخرى، وأنهم لم يكونوا مُستَعمِرين قط، بل كانوا مُستعمَرين.
واستحضر الزعيم السياسي المعاناة مع الاحتلال والاضطهاد، وقال "نحن نتفهم معاناة الشعب الفلسطيني. إننا نشعر معهم، وندعم حقهم في تقرير المصير، وإقامة دولتهم المستقلة على أرضهم التاريخية، تماما كما ناضلنا نحن من أجل حريتنا واستقلالنا".
وذكّر كارثي بموقف أيرلندا "المحايد عسكريا"، والذي يعود إلى "تاريخها كدولة مستقلة". وقال إن أيرلندا كدولة مستقلة، كانت محايدة عسكريا. ولم تكن جزءا من تحالف عسكري عدواني طوال تاريخها. وأضاف أنها تؤمن بالسلام، وتسعى لحل النزاعات بالطرق السلمية.
لذلك، يضيف "نحن ندعم الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والاستقلال، وندعو إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، يضمن حقوق الشعب الفلسطيني كاملة، ويحقق السلام والاستقرار في المنطقة، تماما كما نسعى نحن لتحقيق السلام في أيرلندا".
وكشف كارثي عن تعرض أيرلندا لضغوط بسبب موقفها من القضية الفلسطينية، لكنه أكد أن هذه الضغوط "مفهومة" و"ستحدث دائما".
وصرح بأن "هناك دولا أخرى تدعم إسرائيل، وتمارس ضغوطا على الدول التي تنتقدها، لكننا لن نتراجع عن موقفنا، وسنظل ندافع عن حقوق الشعب الفلسطيني، مهما كانت الضغوط، لأننا نؤمن بأن هذا هو الصواب، وأن التاريخ سيشهد لنا على ذلك".
وفيما يتعلق بإغلاق السفارة الإسرائيلية في أيرلندا، اعتبر كارثي أن "هذا كان ضرورة حتمية"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن إقامة علاقات دبلوماسية طبيعية مع دولة متورطة في إبادة جماعية".
وفي السياق نفسه، أوضح أن إغلاق السفارة كان أقل ما يمكن فعله، لترسل أيرلندا رسالة واضحة لإسرائيل مفادها ألا تسامح مع جرائمها.
وقال "يجب أن نوقف جميع أشكال التعاون مع إسرائيل، وأن ندعم الشعب الفلسطيني بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وفرض عقوبات اقتصادية عليها، وسحب سفيرنا من إسرائيل، وطرد السفير الإسرائيلي من أيرلندا، وتعليق جميع الاتفاقيات الثنائية مع إسرائيل".
وانتقد كارثي "فشل" الإدارة الأميركية في "الالتزام بالقانون الدولي" وإجبار إسرائيل على "التوقف" عن "جرائمها".
وأضاف "نشعر بالاشمئزاز الشديد من تصرفات الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بفلسطين، وفشلها في الالتزام بالقانون الدولي". وقال إنها تدعم إسرائيل بشكل أعمى، وتوفر لها الغطاء السياسي والعسكري لارتكاب جرائمها.
ويرى كارثي أن على الولايات المتحدة أن تتوقف عن دعم إسرائيل، وأن تضغط عليها لوقف عدوانها على الشعب الفلسطيني، والالتزام بالقانون الدولي، وأن تعمل كوسيط نزيه لتحقيق السلام في المنطقة، بدلا من أن تكون شريكا لإسرائيل في جرائمها.
وجدد كارثي التأكيد على دعم الشعب الأيرلندي لحق الشعب الفلسطيني في "دولة حرة مستقلة" قائلا "أعتقد أن الشعب الفلسطيني يريد دولة حرة مستقلة. ويريد أن يكون بوسعه أن يتمتع بالحقوق نفسها التي تتمتع بها كل الدول والأمم الأخرى في العالم، وهو حق مشروع له".
وختم "يجب على المجتمع الدولي أن يدعم هذا الحق، وأن يعمل على تحقيقه في أقرب وقت ممكن، من خلال الضغط على إسرائيل، وتقديم الدعم للشعب الفلسطيني، والاعتراف بدولة فلسطين كاملة العضوية في الأمم المتحدة، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير، وبناء دولته المستقلة على أرضه التاريخية".