كييف- حنث الرئيس دونالد ترامب بواحد من أبرز الوعود التي قطعها لناخبيه والعالم، فالحرب الروسية على أوكرانيا لم تنتهِ خلال 24 ساعة كما قال، ويبدو أن ذلك لن يكون قريبا.
ولم يعتب عليه أحد بالطبع، فبعودته إلى البيت الأبيض، نزل ترامب -على ما يبدو- من أجواء حملته الانتخابية إلى أرض الواقع، وبات يتحدث عن آليات وخطوات أكثر منطقية لوقف الحرب، كالاتصال ببوتين واللقاء معه، وتهديده بفرض مزيد من العقوبات إذا رفض التفاوض مع أوكرانيا.
ورغم أن ترامب أكد استعداد كييف للتفاوض، وتحدث بنبرة حادة لأول مرة عن أن "بوتين يدمر روسيا" فإن ذلك لم يشكل عامل ارتياح للأوكرانيين، بل ظلت شخصيته تقسمهم بشدة، بين تفاؤل وتشاؤم.
ولعل مصدر القلق الرئيس لدى معظم المتشائمين مرتبطا بحالات التوتر والغموض والاستنفار التي خلفها ترامب سريعا في العالم، قريبا من الولايات المتحدة وبعيدا عنها.
وفي حديث مع الجزيرة نت، قال أوليغ ريباتشوك رئيس مركز "العمل المشترك" ونائب رئيس وزراء أوكرانيا السابق لشؤون التكامل الأوروبي إن "ترامب أشبه بكويكب اصطدم بالأرض، ولا يعرف بعد أي نوع من الديناصورات سينقرض نتيجة لذلك".
وتفسيرا لذلك التشاؤم على المستوى الأوكراني، يتحدث خبراء عن عدة عوامل في سياسات وشخصية ترامب، تدفع للتشكيك بقدرته على وقف الحرب، من أهمها:
وبناء على ما سبق، يرى بعض الأوكرانيين أن ترامب لن يتعامل بحزم أسلافه مع ملف الحرب الروسية على أوكرانيا. وإن فعل، فسيكون ذلك مقابل ضريبة كبيرة تتحملها كييف وعواصم أوروبية.
ويقول الخبير فولوديمير فيسينكو "دعونا لا ننسى أن ترامب لا يهتم كثيرا بموضوع وحدة وسيادة أراضي أوكرانيا كما فعلت إدارة بايدن، وهو الذي لم يستبعد سابقا الاعتراف بالقرم أرضا روسية".
ويضيف أنه "إذا أصرت روسيا على التمسك بالأراضي التي احتلتها بعد القرم، ورفضت تقديم أي تنازلات تذكر، وإذا شعر ترامب بصعوبة الحل الذي يرضي أوكرانيا وحلفاؤها، فقد يسعى إلى تجميد الحرب لا وقفها، وسيرمي الكرة في ملعب الأوروبيين".
ويتابع فيسينكو "بهذا يحفظ ترامب ماء وجهه، ويلعب على عدة حبال في آن معا، فيفرض عقوبات على موسكو كما لمّح، ويدفع أعضاء حلف الناتو نحو مزيد من الإنفاق كما يريد، ونحو مشاركة أكبر في تقديم الدعم لكييف".
ولهذا يرجح الخبير أن يطول أمد الحرب، لأن المواقف متصلبة ومؤشرات الحل معدومة، حتى وإن تحدث الطرفان اليوم عن "جاهزيتهما للتفاوض".
لكن آخرين يرون الأمل في صلب عوامل التشاؤم السابقة، وفي أخرى تدفع ترامب للاهتمام بملف الحرب وإيقافها، دون أن يكون في ذلك نصر كبير لروسيا على حساب أوكرانيا.
ومن بين هؤلاء ريباتشوك الذي قال "ليس حبا فيها أو حرصا عليها، لكن ترامب اليوم يحتاج أوكرانيا لتحقيق أهدافه وأجنداته، لأن الكثير من المعطيات تغيرت".
ويجمل الخبير هذه المعطيات بما يلي:
ويقول الخبير "كلما أردنا طلب شيء من الولايات المتحدة، يجب أن نفكر بما سنقدمه في المقابل. يجب أن نصنع منفعة سياسية واقتصادية للولايات المتحدة في دفاعها عن أوكرانيا، ويجب أن نثبت قدرتنا على إدارة الموارد المقدمة بشكل فعال حتى لا نكون نحن "المنقرضين" بالهزيمة، ونضمن دوام المساعدة والنجاة نهاية هذه الحرب".