آخر الأخبار

ثروة فريدة خسرتها سوريا خلال سنوات الحرب

شارك الخبر

دمشق– يعيش السوريون حالة كبيرة من التناقض حاليا ففي حين تمتلك بلادهم ثروات طبيعية هائلة نفطية وزراعية وبشرية وغيرها فإن نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد لم يتركهم إلا بعد أن جعل معظمهم تحت خط الفقر وأورثهم ديونا ودمارا هائلين بحاجة لسنوات للتعافي منها.

ومن الثروات التي خسرتها سوريا خلال السنوات الماضية، ثروتها الحيوانية التي كانت تمتلكها وخاصة أغنام العواس السلالة الفريدة التي كانت تشتهر بها وتصدّر أعدادا كبيرة منها سنويا.

وتعتبر أغنام العواس أو "النعيمي" التي تشتهر بها البادية السورية من أفضل أنواع الأغنام على مستوى العالم وفق المتخصصين بالثروة الحيوانية كما توصف لحومها بأنها من "أنفس" أنواع اللحوم.

لكن هذه الثروة الفريدة لم تسلم هي كذلك من تبعات الحرب المدمرة خلال السنوات الـ14 الماضية، وبعد أن كانت سوريا تمتلك قطعانا تضم الملايين من رؤوس هذا النوع المميز من المواشي، باتت اليوم تحاول الحفاظ على ما تبقى منها بعد أن تقلصت حيازتها منها لتصل إلى نحو العُشر.

مصدر الصورة أغنام العواس تضررت بالحرب في سوريا مثلما تضرر الحجر والبشر (الفرنسية)

سلالة فريدة

ويقول الطبيب البيطري المتخصص بالثروة الحيوانية عبد الله الحاج خضر إن أغنام العواس، والمعروفة أيضًا بأغنام النعيمي، هي واحدة من سلالات الأغنام المشهورة في الشرق الأوسط، وخصوصًا في بلاد الشام. وتُعتبر هذه السلالة ذات أهمية كبيرة للمربين والمزارعين نظرًا لخصائصها المميزة وفوائدها الاقتصادية.

إعلان

ويضيف الحاج خضر للجزيرة نت أن أغنام العواس تُعرف بحجمها الكبير مقارنة بالسلالات الأخرى، حيث تتميز بأجسام قوية وذيل دهني. ويشتهر صوف العواس بأنه جيد ويستخدم في صناعة الملابس والأقمشة وتتميز باللون الأبيض وقد يظهر أحيانًا عليها بقع داكنة.

كما أنها تشتهر بإنتاج الحليب الغني بالفيتامينات والمعادن، وتعود جودة لحوم وحليب أغنام العواس إلى المرعى الطبيعي الذي تأكل منه حيث إنها تعيش في الغالب في البادية وتتغذى من الأعشاب والنباتات المحلية.

ومن الميزات الأساسية لأغنام العواس أنها لا تُعطى أي هرمونات أو مغذيات في أي من مراحل حياتها وإنما تعيش على الطبيعة وهو ما يجعلها مميزة وإنتاجها كذلك ويجعل سوقها مرغوبا خاصة في المنطقة ودول الخليج العربية. كما أنها تملك ميزة القدرة على العيش في الظروف المناخية الصعبة والمناطق الحارة.

مصدر الصورة لحوم العواس توصف بأنها من أنفس أنواع اللحوم كون الأغنام تتغذى من الطبيعة ولا تعطى أي هرمونات أو مغذيات (الجزيرة)

استنزاف وتهجير

ورغم المكانة الكبيرة لهذه السلالة من الأغنام فإنها لم تسلم من تدمير النظام السوري وشبكات الفساد التي كان يديرها مقربون منه.

يقول معاون وزير الزراعة السوري لشؤون الثروة الحيوانية أيهم عبد القادر إنه خلال السنوات الماضية كان هنالك استنزاف للقطيع المحلي لأغنام العواس نتيجة النزوح والتهجير الذي قامت به قوات النظام للتجمعات الريفية خاصة في شمال وشرق البلاد وكذلك الاشتباكات والمعارك التي خاضتها تلك القوات والمليشيات التابعة لها مع الجيش الحر وأيضا الحملة الدولية لقتال تنظيم الدولة الإسلامية.

وأضاف عبد القادر للجزيرة نت أن النظام استغل الفرصة وأدخل مليشيات إيرانية ومن العراق أيضا مثل زينبيون وفاطميون وغيرهما لدعمه عسكريا في المنطقة ما بين السخنة وتدمر وجنوب دير الزور ومنطقة البادية حيث تعرض فيها المربون لقتل بشكل ممنهج، وكما هو معروف أن البادية السورية هي الموطن الأساسي لأغنام العواس والمراعي التي فيها هي التي كانت تضم قطعانها لسنوات طويلة.

إعلان

وأشار معاون الوزير إلى أنه في مناطق الأرياف الشرقية لمحافظات حماة وحمص وإدلب وكذلك ريفي محافظة حلب الجنوبي والشرقي كانت فيها تربية أغنام كثيفة جدا لكن نتيجة الاشتباكات وانتشار المليشيات الموالية للنظام، أصبح هنالك قتل ممنهج للرعاة وقطعان الأغنام على حد سواء، وهذا القتل كان بشكل عشوائي وعبثي وحتى غير مفهوم.

مصدر الصورة معاون وزير الزراعة السوري أكد أن عدد رؤوس الأغنام انخفض من 25 مليونا إلى 3 ملايين رأس فقط (الجزيرة)

انخفاض كبير

ولفت معاون الوزير إلى أن عمل الرعاة يعتمد عادة على الترحال لكن أيضا مهم وجوده في مناطق آمنة، وأثناء القصف كان يضطر المربون لنقل قطعانهم بشكل سريع وهذا ما أجبر عددا كبيرا منهم على بيع الأغنام بشكل واسع ومفاجئ وأدى إلى انخفاض بالسعر وخسائر لم يستطيعوا تحملها.

ونتيجة حملات النظام المستمرة على المنطقة وأيضا محاولات صد تلك الحملات من قبل الجيش الحر تأثرت بشكل كبير المناطق التي تتركز فيها تربية الأغنام إضافة إلى ذلك الصعوبات الاقتصادية وعدم مناسبة أسعار الأعلاف مع سعر سوق الحليب واللحم مما أدى إلى تراجع المهنة بشكل كبير.

وأشار عبد القادر إلى أنه في آخر إحصائيات تقديرية لعدد رؤوس القطيع في شمال غرب البلاد (شمال حلب وريفها الغربي وأيضا إدلب وريفها) بلغ عدد رؤوس الأغنام ما بين 200 إلى 300 ألف رأس وإذا أخذنا قياسا للأعداد على 14 محافظة تضمها سوريا والوضع الاقتصادي فإنه يتوقع أن عدد القطيع يصل إلى 3 ملايين فقط بعد أن كان يبلغ نحو 25 مليونا عام 2010.

مصدر الصورة أغنام في أحد أسواق بيع المواشي بدمشق (الجزيرة)

إحصائيات مزورة

ونوه إلى أن الإحصائيات التي كان يصدرها النظام لتعداد الثروة الحيوانية كانت أعلى من الأرقام الحقيقية لأن تلك الإحصائيات التي كانت تقوم بها الفرق الجوالة التابعة له فيها كثير من التزوير والفساد وعدم الدقة لسببين.

وعن السبب الأول أوضح عبد القادر أن مربي الأغنام كان يحصل على دعم بالمحروقات والأعلاف من الدولة فلذلك هو يقوم بتزويد الفرق الجوالة بأعداد كبيرة لقطيعه خلافا للواقع من أجل الحصول على كميات أكبر من المحروقات والأعلاف بأسعار مخفضة ويقوم بعدها ببيعها في السوق السوداء، وهذا طبعا بالتعاون مع شبكات يديرها متنفذون تابعون للنظام للحصول على فوائد اقتصادية كبيرة.

إعلان

ونتيجة لذلك، والحديث لعبد القادر، كان المربي الذي يمتلك 100 رأس فقط يقوم بتسجيل أن لدية ألفا أو أكثر للحصول على كميات مضاعفة من المحروقات والأعلاف المدعومة والاستفادة من فروق الأسعار عند بيعها في السوق السوداء.

والسبب الآخر، وفقا للمسؤول، يعود لعدم دقة الأرقام التي يصدرها النظام وهو أن القطيع يتنقل في المناطق الريفية ما بين المحافظات المتجاورة مثل حمص وحماة وحلب وإدلب وكذلك المنطقة الشرقية، فتقوم الفرق الجوالة بتسجيل القطيع في حمص مثلا ومن ثم تسجيله نفسه في حماة.

ولفت معاون الوزير إلى أن العناية بالأغنام في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة الفصائل في شمال غرب سوريا كانت أفضل بكثير من وضعها في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا