أعاد التوصل لاتفاق الهدنة بين الأراضي الفلسطينية وإسرائيل آمال العالم في عودة الملاحة عبر قناة السويس، بعد ما تكبده من خسائر بيئية واقتصادية ضخمة.
وقالت صحيفة "لويدز ليست" إنه بالنسبة لصناعة الشحن، سيستغرق الأمر وقتًا أطول للعودة إلى ما يمكن اعتباره طبيعيًا في هذه المنطقة المضطربة، فالأثر على التجارة البحرية المعتادة كان هائلًا.
وأشارت إلى أن شركات التأمين البحرية في لندن تحملت خسائر، لدرجة أن أحد الوسطاء البارزين يعتقد أن سوق التأمين ضد مخاطر الحرب على السفن، الذي كان عادةً خطًا مربحًا، تكبد خسائر في العام الماضي بشكل عام، وإن قلت حدة الخسارة مؤخرًا، بحسب ما اطلعت عليه "العربية Business".
أضافت أنه ليس ذلك وحسب، لكن الخسائر الاقتصادية الأوسع على الاقتصاد العالمي، الناتجة عن قرار معظم مالكي السفن بإعادة توجيه مساراتهم من قناة السويس إلى رأس الرجاء الصالح، كانت كبيرة.
وكشف أن الخسائر بمليارات الدولارات؛ إذ أن بياناتها تشير إلى أن 12,305 سفينة اختارت القيام برحلة أطول عبر رأس الرجاء الصالح، وقدرت بورصة لندن أن التكلفة الإضافية للرحلة والتي تُعزى في الغالب إلى تكاليف الوقود، بحوالي 932.905 ألف دولار لكل رحلة، وذلك قبل خصم الرسوم التي تُحصلها قناة السويس والتي لن تدفعها السفن.
ما يعني أن العالم قد يكون تكبد ما يزيد عن 11.5 مليار دولار قبل خصم مئات الآلاف عن كل رحلة تمثل الرسوم غير المدفوعة لقناة السويس والتي قدرتها السلطات المصرية بنحو 7 مليارات دولار خلال 2024، أي أن صافي الخسائر في حدود 4.5 مليار دولار، بحسب حسابات "العربية Business".
وقالت "الصحيفة" إن الآفاق الآن تعتمد على ما إذا كان وقف إطلاق النار سيتحول إلى معاهدة سلام وما إذا كان الحوثيون سيوقفون عملياتهم.
وقالت إنه في أفضل السيناريوهات، فإن معظم السفن ستستأنف في نهاية المطاف عبورها عبر قناة السويس، لكن الأمر سيستغرق عدة أشهر قبل أن يقرر ملاك السفن المسؤولون أن البحر الأحمر آمن مرة أخرى.
وبمجرد أن يفعلوا ذلك، ستحتاج إعادة الجدولة إلى أسابيع للتخطيط وأشهر إضافية للتنفيذ، وبطبيعة الحال، ستشمل الآثار الجانبية ازدحام الموانئ واضطرابًا في سلسلة التوريد.
وفي الوقت الحالي، تسود حالة من الحذر بشكل مبرر، كما يتضح من مواقف قادة الشحن مثل "ميرسك" و"فرونت لاين"، كما أن تقييم المخاطر من قوات الاتحاد الأوروبي البحرية لم يشهد تغييرًا.
وقالت "فيتش سوليوشنز" إنه من المحتمل أن يُمكّن وقف إطلاق النار الشركات الكبرى للشحن من استئناف عملياتها بحذر عبر البحر الأحمر خلال الأشهر المقبلة.
لكنها رجحت أن تتبنى الشركات نهجًا حذرًا خلال النصف الأول من عام 2025، وأن بعضها قد يمتنع عن العودة حتى يتم التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، بينما قد تعود شركات أخرى تدريجيًا وغالبًا بمرافقة أمنية.
وتوقعت أن تظل تكاليف التأمين على استخدام طريق البحر الأحمر مرتفعة حتى مع دخول النصف الثاني من عام 2025.
وقالت إنه نظرًا لأن وقف إطلاق النار بشكل دائم في غزة سيحدث فقط في المرحلة الثانية من الاتفاق، وإنه مع الأخذ في الاعتبار الشكوك الحالية بشأن استمرارية الهدنة، فإن هناك مخاطر مرتفعة لتجدد الهجمات المباشرة بين إسرائيل والحوثيين.
أضافت أنه من الممكن أيضًا أن يستمر الحوثيون، في تهديد طرق الشحن لاكتساب المزيد من النفوذ في أي مفاوضات تتعلق بحل النزاع اليمني.
ونوهت أن وقف إطلاق النار له تأثير محدود على أسعار النفط مشيرة إلى أنها لم تستجب بشكل كبير لأخبار اتفاق وقف إطلاق النار، حيث يتم تداول خام برنت حاليًا عند 81.8 دولارًا للبرميل، بانخفاض قدره 0.3% فقط عن إغلاقه في 15 يناير.
وقالت إنه خلال عام 2024، ومع انخفاض حساسية المستثمرين تجاه التطورات في المنطقة، تقلصت العلاوة السعرية، وفي يناير الحالي تراجعت أكثر، ما يجعل مزيد من التراجع بسبب وقف إطلاق النار محدودًا على الأرجح.
وأشارت إلى ان السوق يركز بشكل كبير على الحملة المستمرة لتقييد صادرات النفط من روسيا وإيران، حيث دفع الرئيس الأميركي بايدن نحو فرض عقوبات أكثر صرامة في الأيام الأخيرة من ولايته.
وأدى ذلك إلى ارتفاع خام برنت بنسبة 10% منذ بداية العام 2025، مما يخفي حاليًا أي ضغوط سعرية هبوطية ناتجة عن الشرق الأوسط.