مع استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان، تزداد التحديات التي يواجهها الرئيس اللبناني الجديدجوزيف عون فور دخوله إلى قصر بعبدا، بين انهيار مالي غير مسبوق وانقسامات سياسية عميقة، وملفات شائكة مثل إعادة هيكلة الاقتصاد وحصر السلاح بيد الدولة.
فكيف يمكن للرئيس الجديدأن يواجه هذه الأزمات المعقدة؟ وما هي الأولويات التي يجب أن تتصدر أجندته؟ في ظل الدور الحاسم الذي يلعبه في محاولة إنقاذ البلاد من أزماتها المتعددة، وكيفية استكشاف الخيارات الممكنة لإعادة بناء الثقة بين الدولة ومواطنيها.
حكومة إصلاحية
يشير النائب السابق في البرلمان اللبناني، مصطفى علوش، إلى أن المرحلة الأولى يجب أن تتمثل في إنشاء حكومة إصلاحية وموثوقة، مدعومة من الرعاة الإقليميين والدوليين.
ويضيف في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه الحكومة يمكنها البدء في مسار صعب وشامل لتنفيذ بنود الدستور بالكامل، خصوصا فيما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة.
ويتابع "بعد ذلك، ينبغي إطلاق عجلة الاقتصاد وفتح باب الاستثمارات التي تتطلب بيئة آمنة ومستقرة من الناحيتين الأمنية والتشريعية، إلى جانب قوانين شفافة".
فرصة هامة
وأوضح علوش أنه: "في ظل التغيرات الإقليمية التي غيرت واقع المشهد السياسي والاقتصادي والأمني، مما خلق توازنا سلبيا بين إسرائيل وإيران وتركيا بالإضافة إلى القوى الكبرى مثل روسيا وأمريكا، فإن انتخاب عون يعتبر فرصة هامة وحيوية".
وتابع قائلا: "المنطقة تمر بفترة زوال النظام السوري وتراجع النفوذ الإيراني، مع غياب آفاق واضحة، مما يدفع لبنان إلى ضرورة ترتيب وضعه الإداري والسياسي من خلال تشكيل حكومة جديدة لتأمين البلاد سياسيا وتجنب الفوضى، مما يضعها على مسار إعادة التكوين".
وتوقع علوش أن "حزب الله المحاصر يدرك أن زمن المغامرة قد انتهى، وعليه العودة إلى الاحتماء بالدولة بعد انقطاع سبل الإمداد".
تطبيق القرارات الدولية
يقول مؤسس دار الحوار والمحلل السياسي بشارة خير الله إن "التحديات الكبيرة التي يواجهها لبنان لا تزال قائمة، معبرا عن أمل اللبنانيين في ألا تكون هناك تسويات على حساب السيادة الوطنية".
وأضاف خير الله لـ"سكاي نيوز عربية": "يتطلع اللبنانيون إلى انتظام عمل المؤسسات وتأليف حكومة من الشرفاء، برئاسة شخصية سيادية وإصلاحية. كما يطالبون بتطبيق القرارات الدولية التي تساهم في استعادة الأمن والاستقرار، وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني فقط."
وأشار خير الله إلى أن "هذه الخطوات مجتمعة تشكل عوامل أساسية لإعادة تحريك عجلة الاقتصاد اللبناني، بدءا من إصلاح إداري فعال، مرورًا بضمان الأمن، وصولًا إلى تعزيز دور الجيش في أداء واجباته، بهدف إعادة لبنان إلى حياته الطبيعية".
تحديات اقتصادية
ويرى الخبير في الشأن الاقتصادي منير يونس أن "لبنان بحاجة إلى تناغم بين رئيس الجمهورية الجديد مع رئيس الحكومة".
ويضيف يونس: "عندها يمكنهما معا تشكيل حكومة إصلاحية ذات مهمة محددة، خصوصًا أن عمر هذه الحكومة سيكون قصيرا نسبيا، لا يتجاوز سنة وشهرين، حيث ستبقى حتى ربيع 2026. ويجب أن تترك هذه الحكومة أثرا إيجابيا واضحا، سواء من خلال إعادة هيكلة القطاع المصرفي أو الإصلاح الاقتصادي العام".
أزمات بالجملة
ويشير الخبير الاقتصادي إلى "التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد، أبرزها أزمة الودائع التي تتجاوز 80 مليار دولار، وأزمة إعادة الإعمار التي تحتاج إلى حوالي 10 مليارات دولار".
ويتابع: "كما وتتطلب مسألة اليوروبوندز مفاوضات مع حملة السندات التي تصل قيمتها الرسمية إلى أكثر من 48 مليار دولار، مع إمكانية تخفيض هذه القيمة بنسبة تصل إلى 75% من خلال التفاوض".
ويقول يونس: "إضافة إلى ذلك، هناك حاجة ماسة إلى تحديث البنية التحتية المتهالكة، بما في ذلك قطاع الكهرباء، وإجراء إصلاحات إدارية وضريبية، وتنفيذ مجموعة من البرامج الاقتصادية التحفيزية التي تشجع على تدفق الاستثمارات".
ويعتبر أن: "كل ذلك يعتمد بشكل أساسي على تحقيق استقرار أمني يشجع على عودة التدفقات المالية من الخارج واستقطاب السياح مجددًا إلى لبنان".