في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي
بيروت- الخميس، عند الساعة الرابعة مساء، يسود صمت مطبق في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، فالشوارع خالية على غير العادة والناس إما في منازلها أو بالمقاهي تتسمر أمام شاشات التلفاز والهواتف. نسأل ماذا حصل؟ فيأتي الجواب "السيد حسن يتحدث".
ندخل إلى المقهى المكتظ بمؤيدي حزب الله الذين يتابعون بشغف وترقب ولهفة كل كلمة وحركة وإيماءة من شخص يعتبرون كلامه "صدقا، فهو لم يخذلنا في الماضي ولن يفعل في المستقبل"، كما يقول علي، أحد رواد المقهى.
دقائق معدودات قبل كلمة أمين عام حزب الله حسن نصر الله التي ألقاها الخميس خلال تشييع القائد العسكري فؤاد شكر الذي اغتالته إسرائيل في غارة على ضاحية بيروت الجنوبية، الثلاثاء الماضي. وهنا كان النقاش عالي السقف بين الأشخاص ومحوره الرئيس حول سؤالين:
يقول حسن -وهو أب لطفلين ويعمل في شركة أدوية- "إننا مع السيد وإذا أعلن اليوم فتح الحرب ضد إسرائيل انتقاما لاغتيال الشهيد شكر فنحن معه وكلنا فداه".
ويرد محمد -عامل توصيل طلبات وغير متزوج- "رغم أنني مع حزب الله قلبا وقالبا وأؤيد كل قرارات السيد، ولكن في حرب 2006 كان هناك اقتصاد في البلاد ونستطيع إذا هربنا من منازلنا (يسكن في الضاحية) إلى منطقة آمنة أن ننفق لفترة من مدخراتنا، ولكن الآن كل شيء في البلاد منهار ونعيش كل يوم بيومه".
يتدخل مهدي -طالب جامعي ومؤيد لحزب الله- موجها حديثه لمحمد "لا نريد أي تثبيط للعزيمة، نحن نساند إخواننا في غزة منذ 10 أشهر ومستعدون للصمود، وإذا فرضت علينا الحرب، سنقاتل كما حصل في السنوات الـ30 الماضية، نعيش بكرامة أو نستشهد دفاعا عنها".
ترتفع حدة النقاش ويسود هرج ومرج، وفجأة يصمت الجميع ويعم الهدوء ونسمع صوتا قادما من آخر المقهى يقول "بدأ السيد".
لا صوت يعلو في الضاحية فوق صوت خطاب نصر الله، وحتى النفس قطع في المقهى، والجميع يشاهد دون أن ينبس ببنت شفة.
نحو ساعة والعيون كلها على التلفاز والآذان تتأكد من أنها لم تستمع لعبارة "نعلن الحرب على إسرائيل". انتهى الخطاب وبدأت التحليلات وتنفس الجميع الصعداء "ما في حرب اليوم".
ويقول الطالب مهدي "السيد قال إن ما جرى في الضاحية عدوان، وهذا يعني أن حجم الرد سيكون موازيا للفعل ولا أحد يزايد على السيد بالحكمة والعقل والجرأة".
أما علي، فيرى أن خطابه رفع السقف، وأكد على الثأر ولكنه "كما عهدناه دقيقا في اختيار كلماته".
بدوره، يعتبر محمد أن "السيد كان عند حسن ظنه كما العادة، ووصف الخطاب بالتاريخي رغم الألم والحزن اللذين تسبب بهما استشهاد صديقه ورفيق دربه في المقاومة فؤاد شكر".
نخرج من المقهى ونتجول في شوارع الضاحية، وكأن الحياة دبت من جديد، وزحمة السيارات والأسواق رجعت لسابق عهدها. ويقول أحد المارة "شوارع الضاحية قبل خطاب السيد كانت مترقبة ومتخوفة وبعده عادت الروح والراحة إليها".