فبينما حقق الأثرياء مكاسب كبيرة في أسواق الأسهم والاستثمارات، وجد العديد من الأميركيين أنفسهم يواجهون صعوبات مالية متزايدة نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة بشكل كبير ما أدى إلى زيادة الديون وتقليص القدرة الشرائية، خاصة لدى الطبقات المتوسطة والمنخفضة الدخل.

وبينما يتساءل الكثيرون عن المستقبل، يبقى السؤال الأهم: هل كان التضخم حقاً عدواً للفقراء وحليفاً للأغنياء؟ وكيف أثرت هذه التغيرات على الفجوة بين الأغنياء والفقراء في المجتمع الأميركي؟

يؤكد تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، اطلعت عليه "سكاي نيوز عربية"، تحت عنوان "الأثرياء والفقراء في قلب معركة أميركا ضد التضخم" أن الفجوة تزداد بين الأميركيين الذين يعانون من ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة وبين أولئك الذين يستفيدون بالفعل.

ويشير إلى أنه "خلال معركة أميركا ضد التضخم منذ ثلاثة أعوام توسع الانقسام في قلب الاقتصاد، سوق الأسهم آخذة في الارتفاع، والثروة العائلية عند مستويات قياسية، والدخل الاستثماري لم يكن أكبر من أي وقت مضى. في الوقت نفسه، بدأت مدخرات بعض العائلات في عصر الوباء تتلاشى، وارتفعت حالات التخلف عن سداد أقساط بطاقات الائتمان وقروض السيارات".

فقر رغم زيادة الرواتب

ونقلت الصحيفة الأميركية عن نيكول لويس، وهي أم لثلاثة أطفال تعيش شمال فلينت، بولاية ميتشيغان: "هذا أعلى راتب كسبناه على الإطلاق، لكننا نشعر بالفقر أكثر من أي وقت مضى"، ساعدت الزيادات في الأجور منذ الجائحة لويس وزوجها، في مضاعفة دخلهما، أكثر من 90 ألف دولار في السنة لكن ارتفاع الأسعار لكل شيء بدءاً من البقالة والتأمين على السيارات أجبر الزوجين على سحب الأموال من المدخرات.

وقد حافظت مكاسب الأجور على متوسط ​​الأرباح الأسبوعية للعاملين بدوام كامل ثابتاً تقريباً منذ أوائل عام 2020، عند الأخذ في الاعتبار ارتفاع الأسعار، وفقاً لوزارة العمل، لكن لويس والعديد من الآخرين الذين حصلوا على زيادات في الأجور يقولون إنهم لا يزالون يكافحون للتعافي من الصدمة التضخمية الأولية بعد تفشي الوباء.

ويضيف تحليل لوزارة العمل: "واجه الأميركيون ذوو الدخل المتوسط ​​والمنخفض عموماً تضخماً أسرع من الأثرياء في الفترة من 2006 إلى 2023، بفضل ارتفاع أسعار الإسكان والتأمين إلى حد كبير.، كما ويقول باحثو بنك نيويورك الاحتياطي الفيدرالي إن الخطوات العدوانية لمكافحة التضخم أثرت أيضاً بشكل غير متناسب على الفقراء من خلال ارتفاع تكاليف الاقتراض وضعف سوق العمل.

"أكسب المزيد من المال أكثر مما يضرني التضخم"

 وعلى المقلب الآخر وفرت الأسواق المالية دفعة إضافية للمدخّرين الكبار والمستثمرين القدامى مثل جيمس دي فرانكو، الصيدلي المتقاعد الذي يمتلك منزله في لونغ آيلاند في نيويورك منذ عقود، والذي قال: "بسبب أصولي، أكسب في الواقع المزيد من المال أكثر مما يضرني التضخم".

يتطلع دي فرانكو، الذي ينظم مجموعات تداول الأسهم حيث يجتمع المستثمرون الأفراد ويتبادلون استراتيجيات التداول، بشكل متزايد إلى السندات أو صناديق السوق النقدية التي يمكن أن تحقق عائدًا بنسبة 5 بالمئة سنوياً مع القليل من المخاطر.

ووفقاً لـ"غولدمان ساكس" فإن ما يسمى بتأثير الثروة سيدفع نمو الاستهلاك بنسبة 0.3 نقطة مئوية على مدار العام المقبل مع استمرار الإنفاق من قبل أصحاب الدخل المرتفع عبر التضخم، فين حين أفاد "سيتي غروب" بأن العملاء الميسورين يقودون نمو الإنفاق.

 وتباطأ معدل التضخم في الولايات المتحدة خلال يونيو الماضي حيث ذكر مكتب إحصاءات العمل التابع لوزارة العمل الأميركية، أن مؤشر أسعار المستهلكين انخفض إلى 3 بالمئة على أساس سنوي، بينما كان مؤشر أسعار المستهلكين بلغ ذروته في يونيو من العام 2022 عند مستوى 9.1 بالمئة، وهو أكبر صعود له منذ نوفمبر 1981.

وأبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي الأربعاء على معدلات الفائدة دون تغيير للمرة الثامنة على التوالي عند مستوى 5.25 و5.5 بالمئة، بينما توقف عن رفع الفائدة للمرة الأولى في سبتمبر 2023، وذلك بعد زيادتها 11 مرة منذ مارس 2022.

ضريبة خبيثة

وفي حديثه لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" قال الخبير الاقتصادي عبد الله الشناوي: "يمثل التضخم ضريبة خفية أو خبيثة، لتأثيره بشكل مباشر على القوة الشرائية للأسر في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن العبء موزع بشكل غير متساوٍ عبر طبقات الدخل والثروة المختلفة. في الواقع استفادت الطبقة المتوسطة العليا بواقع 1 بالمئة من الأمريكيين بالفعل من فترات التضخم المرتفعة ما أدى إلى زيادة ثرواتهم، في حين تأثرت الأسر ذات الأجور المنخفضة سلباً".

"التضخم يمكن أن يكون له تأثيرات متفاوتة على فئات الثروة المختلفة حيث تستفيد الطبقة المتوسطة من أصول العقارات، ولكنها تواجه تحديات في مجالات أخرى. إن "تأثير الثروة" يفيد أولئك الذين لديهم أصول كبيرة من زيادة قيم الأصول، مثل الأسهم والعقارات، كما أن مجرد ذكر "التضخم" لدى المواطن الأميركي يمكن أن يثير الذعر، خوفاً من ركود الاقتصاد وارتفاع الأسعار والدخل الذي لا يمكنه مواكبة تكلفة المعيشة"، بحسب تعبيره.

وأردف: "ومع ذلك، فإن ارتفاع الأسعار ليس استثنائياً، وهناك اتجاه مؤداه ضرورة زيادة بمقدار ثابت كل عام -وهي علامة على اقتصاد سليم ومتنامي. ولكن التضخم الذي يضر بالمحفظة يحدث عندما ترتفع الأسعار سنة بعد سنة على نطاق واسع ــ وكان مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي يدقون ناقوس الخطر بأن ارتفاع الأسعار يشكل تهديداً لكل من العمالة والنمو الاقتصادي. ولمكافحته، رفعوا أسعار الفائدة بواحدة من أكثر الوتائر عدوانية على الإطلاق".

من هم المستفيدون من التضخم؟

ورداً على سؤال من هم المستفيدون والخاسرون في البيئة التضخمية أجاب الخبير الاقتصادي الشناوي:

فيما يتعلق بالمستفيدين هم:

  • حاملو الرهن العقاري بمعدل ثابت: إن أي شخص لديه ديون كبيرة بمعدل ثابت مثل الرهن العقاري يستفيد من ارتفاع التضخم. يتم تثبيت أسعار الفائدة هذه طوال عمر القرض ما يعني أنها لن تنخفض مع التضخم.
  • المساهمون: يحصل المساهمون على بعض الحماية من التضخم لأن نفس العوامل التي ترفع سعر السلع ترفع قيمة الشركات، حيث يمكن للشركات رفع الأسعار لحماية ربحيتها من التضخم، لكن بعض الشركات لديها هوامش ربح أقل. كما إن الشركات التي تحقق أفضل أداء هي تلك التي تستطيع رفع أسعارها بنفسها ولا تضطر إلى إعادة الاستثمار في أعمالها الخاصة بأسعار متصاعدة.
  • المستثمرون في السلع الأساسية: تتبع أسعار السلع الأساسية معدل التضخم ويمكن أن يكون شراء السلع القابلة للتخزين مثل الذهب تحوطًا جيداً ضد التضخم. فالذهب يعتبر تحوطا شائعا ضد التضخم، ولدى المستثمرين مجموعة متنوعة من الطرق لشرائه وبيعه. كما ان السلع الأساسية يمكن أن تكون متقلبة بشكل خاص مع انخفاض التضخم، وبطبيعة الحال، ليست كل السلع الأساسية متساوية، لذا فهي تستجيب بشكل مختلف في بيئة تضخمية معينة.
  • المقترضون الذين لديهم قروض ثابتة السعر: عندما يرتفع التضخم، غالباً ما يرفع بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لتثبيط الاقتراض، ويمكن أن يؤثر هذا سلباً على المقترضين في المستقبل، ولكن أي شخص لديه قرض ثابت منخفض الفائدة أو رهن عقاري بسعر فائدة ثابت لن يتأثر. بالإضافة إلى ذلك، نظراً لأن العملة تفقد قيمتها خلال فترات التضخم، فإن المقترضين سيدفعون في الواقع فائدة حقيقية أقل على قروضهم ذات السعر الثابت.
  • قطاع الطاقة: نادراً ما ينخفض الطلب على الطاقة خلال أوقات التضخم، فعندما ترتفع تكاليف الطاقة يمكن لشركات الطاقة رفع الأسعار للحفاظ على أرباحها أو حتى زيادتها. وهذا ينقل تكاليف الطاقة إلى المستهلكين ويفيد في نهاية المطاف مستثمري الطاقة.
  • ملاك الأراضي ومستثمرو العقارات: عندما يكون التضخم مرتفعاً يمكن أن تفقد المدخرات والأصول السائلة الأخرى قيمتها بسرعة. ومع ذلك، تميل الأصول المادية مثل الأراضي إلى الاحتفاظ بقيمتها بشكل جيد خلال الأوقات المتقلبة حيث إن الطلب على العقارات قد يزيد حتى عندما يكون التضخم مرتفعاً مما يدفع أسعار الأراضي إلى الارتفاع أكثر. كما يميل أصحاب العقارات إلى زيادة الإيجارات خلال فترات التضخم،
  • مصنعو السيارات الكهربائية: أصبح لدى الشركات التي تصنع السيارات الكهربائية الكثير للاحتفال به، بلغت مبيعات السيارات الكهربائية رقماً قياسياً، ربما مدفوعاً بسائقي السيارات الذين سئموا من أسعار الغاز المرتفعة. ولكن إذا استمر التضخم في دفع أسعار الغاز إلى الارتفاع، فمن المتوقع استمرار الطلب على السيارات الكهربائية.

بينما المتضررون من التضخم هم:

  • المدخرون: في ظل الاقتصاد الأميركي الذي عانى من التضخم يمكن القول إنه نادراً ما تواكب أسعار الفائدة ارتفاعات التضخم، مما يترتب عليه فقدان الدولارات التي حصل عليها المدخرون تدريجياً للقوة الشرائية، ولذلك قد يكون أمام المدخرين طريقة واحدة يمكن لمدخري شهادات الإيداع من خلالها مكافحة هذا الاتجاه.
  • المتقاعدون والأشخاص الذين يحصلون على دخول ثابت: بما أن معدل التضخم المرتفع يعني غالباً زيادات في الأجور، لكن هذا لن يفيد المتقاعدين، فمدخراتهم من أموال التقاعد ثابتة بالفعل في الغالب. إن ضغوط الأسعار قد تلحق ضرراً أكبر بمحفظة المتقاعدين إذا تعرضوا بشكل مفرط للنقد أو الاستثمارات ذات الدخل الثابت، مثل السندات حيث إن ارتفاع التضخم يؤدي إلى تآكل قيمة المدخرات وعندما يرتفع التضخم، فإنه يميل إلى التسارع بشكل أسرع كثيراً مما تستطيع أسعار الفائدة مواكبته.
  • المستثمرون في السندات طويلة الأجل: في بيئة التضخم المرتفع، يمكن القول إن السندات تواجه كثير من المشاكل، فمن يعتمد على مدفوعات السندات ذات القسيمة سيتحملون خسارة في ظل التضخم. ولا تقتصر فائدة مدفوعات السندات هذه على شراء كميات أقل بسبب التضخم، بل إن سعر السندات نفسها ينخفض أيضاً مع ارتفاع أسعار الفائدة.
  • حاملو الرهن العقاري بمعدلات فائدة متغيرة: يرى أصحاب المساكن الذين لديهم أسعار رهن عقاري غير ثابتة أن تكاليف اقتراضهم ترتفع بشكل دوري جنباً إلى جنب مع التضخم المرتفع.
  • مقترضو بطاقات الائتمان: ....
لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك الخبر