أُطلق سراح الصحافي الأمريكي إيفان غيرشكوفيتش وعنصر البحرية الأمريكية السابق بول ويلان اليوم الخميس (الأول من آب/ أغسطس 2024) في إطار إحدى أكبر صفقات تبادل السجناء بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة والتي تمّت بتنسيق تركي، وفق ما أعلنت الحكومة في أنقرة.
وتشمل عملية التبادل التي "نفذها" جهاز الاستخبارات الوطنية التركي سجناء من الولايات المتحدة وألمانيا وبولندا وسلوفينيا والنروج وبيلاروسيا وروسيا. ولم يرد أي تأكيد بعد من المسؤولين الأمريكيين رغم أن شبكات تلفزيونية أمريكية تناقلت الأنباء عن العملية على نطاق واسع. كما رفض الكرملين التعليق على أي تبادل.
واعتُقل مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال" غيرشكوفيتش (32 عاما) في آذار/ مارس 2023 وأدين في تموز/ يوليو بتهم التجسس في إطار محاكمة مستعجلة وصفتها الولايات المتحدة بالصورية.
وتسارعت المؤشرات على تبادل وشيك للسجناء اليوم الخميس في ظل تقارير أفادت بأن طائرة استُخدمت في اتفاق سابق لتبادل السجناء هبطت في جيب كالينينغراد الروسي.
وتعزّزت الآمال أيضا في الأيام الأخيرة بعدما فُقد عدد من السجناء المعروفين في روسيا، بمن فيهم ويلان، من السجون حيث كانوا يقضون عقوبات بالسجن لفترات طويلة، ما أثار تكهّنات بأنه يتم نقلهم قبيل عملية تبادل. وكقاعدة، لا يمكن أن تتم عمليات التبادل إلا بعد صدور إدانة في روسيا.
وأكدت الرئاسة التركية بأنه تم في إطار العملية إطلاق سراح فاديم كراسيكوف، وهو مواطن روسي سُجن في ألمانيا بتهمة قتل قيادي شيشياني متمرّد.
و ستشكّل عملية التبادل انتصارا للرئيس جو بايدن الذي ستواجه نائبتهكامالا هاريسالجمهوري دونالد ترامب في انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر.
وهذه أول عملية تبادل للسجناء بين روسيا والغرب منذ مبادلة نجمة كرة السلة الأمريكية بريتني غراينر بتاجر السلاح الروسي المدان فيكتور باوت في كانون الأول/ديسمبر 2022. وتعد أيضا أكبر عملية تبادل منذ العام 2010 عندما تمّت مبادلة 14 جاسوسا مشتبها بين روسيا والغرب.
وكان من بين هؤلاء العميل المزدوج سيرغي سكريبال الذي أرسلته موسكو إلى بريطانيا والعميلة الروسية السريّة آنا تشابمان التي أرسلتها واشنطن إلى روسيا.
مراسلون بلا حدود ترحب بالصفقة
وقبل ذلك، لم تجر عمليات تبادل كبيرة تشمل أكثر من عشرة أشخاص سوى خلال فترة الحرب الباردة عندما تبادل الاتحاد السوفياتي والقوى الغربية سجناء في عامي 1985 و1986.
وتوجّهت طائرة سبق استخدامها في عملية تبادل غراينر وباوت من موسكو إلى كالنينغراد صباح الخميس، وفق موقع "فلايت رادار 24" لتعقّب حركة الطيران. وتم بعد ذلك تعقّب الطائرة وهي تقلع من كالنينغراد بعد ساعتين.
وتم توقيف غيرشكوفيتش في مدينة يكاترينبورغ بينما كان في زيارة في إطار عمله كصحافي. ونفى هو و"وول ستريت جورنال" والحكومة الأمريكية بشدّة اتهامات التجسس الموجهة إليه. وأفاد بايدن بعد صدور الحكم بحقه "أضغط بقوة من أجل إطلاق سراح إيفان وسأواصل ذلك".
وأعربت منظمة "مراسلون بلا حدود" اليوم عن "ارتياحها الهائل" وشددت على أنه "ما كان يتعيّن إطلاقا (بأن يقضي غيرشكوفتيش) ولا يوما واحدا في سجن روسي بسبب قيامه بعمله كصحافي". وأضافت أن "سياسة الحكومة الروسية المتواصلة في أخذ الرهائن مشينة. الصحافيون ليسوا جواسيس ولا يجب إطلاقا استهدافهم لأغراض سياسية".
كما سعت الولايات المتحدة أيضا لضمان الإفراج عن ويلان (54 عاما) الذي تم توقيفه في موسكو عام 2018 واتُّهم بالتجسس. وكان ويلان يعمل في مجال الأمن لصالح شركة قطع سيارات عندما تم توقيفه في موسكو في 2018 ولطالما شدد على أن الأدلة ضدّه مزوّرة. واشتكى مؤخرا من أنه يشعر بأن الولايات المتحدة تخلّت عنه.
وكان من بين الأشخاص الذين اختفوا أيضا الصحافي والناشط فلاديمير كارا-مورزا، وهو مواطن روسي بريطاني يبلغ من العمر 42 عاما. وأفاد محاموه أمس الأربعاء بأنهم لا يعرفون مكانه بعدما منعوا مرّتين من الوصول إلى المنشأة حيث يفترض بأنه محتجز.
يقضي كارا-مورزا الذي انتقد علنا الغزو الروسي لأوكرانيا، عقوبة بالسجن 25 عاما في سيبيريا بتهم الخيانة وغيرها. ويعاني من مرض عصبي ونقل إلى مستشفى تابع للسجن في وقت سابق هذا الشهر للخضوع لفحوص طبية.
وأوقفت روسيا عددا متزايدا من المواطنين الأمريكيين في السنوات الأخيرة، في إطار ما تعتبرها الولايات المتحدة محاولة روسية لضمان إطلاق سراح مواطنين روس مدانين في الخارج.
ع.ج/ أ.ح (أ ف ب، رويترز)