عاد آلاف الفلسطينيين إلى منازلهم في مدينة خان يونس المُدمرة جنوب قطاع غزة، الثلاثاء، بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي وإنهاء عملياته العسكرية التي استمرت لمدة أسبوع بهدف "منع حركة حماس المسلحة من إعادة تجميع صفوفها".
كما شرع جهاز الدفاع المدني يساعده سكان المناطق الشرقية من مدينة خان يونس بجنوب قطاع غزة، في انتشال جثامين القتلى من تحت أنقاض المباني المدمرة بعد انسحاب آليات الجيش الإسرائيلي فجر الثلاثاء.
وقال جهاز الدفاع المدني في قطاع غزة، إن طواقمه تمكنت حتى -مساء الثلاثاء- من انتشال 42 جثة من منطقة بني سهيلا الواقعة شرقي خان يونس.
وأوضح الجهاز أن الفرق التابعة له تعمل على انتشال باقي جثث القتلى "بعد إغلاق الطرق، وتدمير 90 في المئة من البنية التحتية"، مشيراً إلى أنه لا يزال لديه "200 إشارة وبلاغ عن فقدان مواطنين شرق خان يونس".
وأضاف الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، أنه انتشل جثامين ثمانية قتلى، سقطوا جراء قصف منزل بجنوب مدينة غزة، وأيضاً انتشال جثة سيدة بعد قصف إسرائيلي، تقول مصادر فلسطينية، إنه استهدف شقة سكنية في أحد أبراج مدينة حمد السكنية في خان يونس، ما أفضى كذلك إلى جرح ستة أشخاص.
وقالت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة إن الجيش الإسرائيلي خلَّف دماراً هائلاً في أحياء عدة بخان يونس، نفذ فيها عمليات عسكرية خلال الأيام الماضية.
قال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن العملية الإسرائيلية التي استمرت ثمانية أيام في المناطق الشرقية من خان يونس أسفرت عن مقتل 255 فلسطينياً وإصابة أكثر من 300 آخرين. ولا يزال 30 شخصاً على الأقل في عداد المفقودين.
من جهته قال الجيش الإسرائيلي إن قواته قتلت أكثر من 150 مسلحاً فلسطينياً خلال العملية التي استمرت أسبوعا، ودمرت أنفاقاً للمسلحين واستولت على أسلحة.
وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية، عاد الناس إلى منازلهم سيراً على الأقدام وعلى عربات تحمل أمتعتهم. ووجد كثيرون منازلهم متضررة أو مدمرة عن بكرة أبيها. وقال المكتب الإعلامي للحركة إن أكثر من 300 منزل أصيبت بنيران إسرائيلية خلال الغارة، وكان ما لا يقل عن 30 منها مأهولة بالسكان عندما قصفت.
وقال شهود عيان إن قوات الجيش هدمت المقبرة الرئيسية في بني سهيلة، البلدة الواقعة على مشارف خان يونس الشرقية والتي كانت محور الغارة الرئيسي، فضلاً عن المنازل والطرق القريبة.
وقالت اعتماد المصري، التي سارت لمسافة خمسة كيلومترات على الأقل عائدة إلى منزلها: "لقد عدت ولدي إيماناً بالله. لا أعرف ما إذا كنا سنعيش أم سنموت، ولكن كل هذا من أجل الوطن".
وأضافت: "على الرغم من المعاناة، فإننا نتمسك بالصبر وبإذن الله سنحقق النصر".
وقال العديد من السكان إنهم نزحوا من منازلهم عدة مرات.
وقال وليد أبو نصيرة، أحد سكان خان يونس، والذي كان يحمل بعض أمتعته على كتفه أثناء عودته إلى منزله، "نأمل أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، كما نأمل أن يتوصل الجميع لوقف إطلاق النار حتى نتمكن من العيش في أمن وأمان".
في الوقت نفسه، يواصل الجيش الاسرائيلي شن غارات جوية وعمليات قصف مدفعي، في مناطق أخرى من قطاع غزة، من بينها مخيمات البريج والنصيرات ودير البلح في وسط القطاع، وذلك وسط استمرار عملياته العسكرية.
وفي مدينة رفح، شمل ذلك وفقاً لشهود عيان، "قصفاً جوياً ومدفعياً وعمليات تدمير ونسف واسعة لمربعات سكنية ومنازل"، خاصة قرب الحدود المصرية.
من جانبهم، أفاد شهود عيان بأن كنيسة الروم الأرثوذكس، التي تؤوي نازحين بمنطقة ميدان فلسطين خلف المستشفى المعمداني في مدينة غزة، تعرضت لقصف مدفعي إسرائيلي، ما أدى لوقوع عدد من الإصابات.
وقال مسعفون إن غارة جوية إسرائيلية في النصيرات القريبة قتلت 10 فلسطينيين أثناء فرارهم من البريج الثلاثاء، كما قتلت غارة أخرى أربعة فلسطينيين آخرين داخل البريج.
وبعد عشرة أشهر من الحرب، أكملت القوات الإسرائيلية إلى حد كبير اقتحامها لقطاع غزة بالكامل تقريباً، وقضت الأسابيع القليلة الماضية في شن هجمات جديدة على مناطق زعمت أنها اجتثت حماس منها.
وخلال عملياتها العسكرية، أمرت إسرائيل الآلاف من سكان غزة مرارا وتكرارا بإخلاء منازلهم، وقد نزح معظمهم عدة مرات بالفعل.
وتعثرت مرة أخرى الجهود المبذولة للتفاوض على وقف إطلاق النار بوساطة قطرية مصرية، والتي استمرت لأشهر. وتبادلت كل من إسرائيل وحركة حماس، يوم الاثنين، اللوم بشأن عدم إحراز تقدم.
وتريد حماس اتفاق وقف إطلاق نار لإنهاء الحرب في غزة، بينما يقول رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن الصراع لن يتوقف إلا بعد هزيمة حماس. وهناك أيضا خلافات حول كيفية تنفيذ الاتفاق.
واندلعت الحرب بعد أن نفذت حركة حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل وقتلت، بحسب الجيش الإسرائيلي، 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واقتادت حوالي 250 رهينة، وفقا لإحصاءات إسرائيلية.
ومنذ ذلك الحين، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 39,000 فلسطيني في قطاع غزة، وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، التي تقول إن أكثر من نصفهم من النساء والأطفال. في حين تقول إسرائيل، التي فقدت حوالي 330 جندياً في غزة، إن ثلث القتلى الفلسطينيين من مسلحي حماس.