في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي
في السادس من الشهر الجاري أعلنت 3 دول في غرب أفريقيا، وهي بوركينا فاسو ومالي والنيجر، عن إنشاء اتحاد كونفدرالي تحت اسم تحالف دول الساحل.
وحسب موقع "نيوز ري" الروسي، فإن الاتفاق نتج عن المناقشات التي جرت في عاصمة النيجر، نيامي، في القمة الأولى لتحالف دول الساحل التي شارك فيها زعماء الدول الثلاثة الموقعة على الاتفاق: إبراهيم تراوري (بوركينا فاسو)، وآسيمي غويتا (مالي) عبد الرحمن تياني (النيجر).
اتخذ هؤلاء القادة قرار إنشاء التحالف في سبتمبر/أيلول 2023 ووقعوا على الميثاق المعني. والغرض من التوحيد، حسب آسيمي غويتا، هو إنشاء نظام للدفاع الجماعي وآلية للمساعدة المتبادلة بين الدول.
وذكر وزير الدفاع المالي عبد الله ديوب أن التحالف سيكون عبارة عن مزيج من الجهود العسكرية والاقتصادية للدول الثلاث، مشددا على أن "أولويتنا هي مكافحة الإرهاب في الدول الثلاث"، وهو ما دفع إلى إنشاء قوات مشتركة لأعضاء التحالف لمكافحة الجماعات "الإرهابية".
وقد لعبت موسكو دورا مهما في التوقيع على ميثاق إنشاء التحالف. وقد أجرى وفد من وزارة الدفاع الروسية برئاسة نائب وزير الدفاع الروسي يونس بك يفكوروف مفاوضات مع ممثلي الدول الأفريقية الثلاث نوقش خلالها التعاون العسكري التقني بين هذه الدول وروسيا.
قال عضو الدوما (البرلمان الروسي) سيرغي ألتوخوف إن إعلان اتحاد كونفدرالي لدول الساحل في أفريقيا سيسهّل مهمة الفيلق الأفريقي (مجموعة فاغنر) التابع لوزارة الدفاع الروسية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.
ووفقا له، فإن روسيا سوف تتمكن بفضل دعم هذه البلدان من الوصول إلى مواردها المعدنية. وأشار ألتوخوف إلى أن رواسب الذهب في مالي وبوركينا فاسو يمكن أن تصبح مصدرا إضافيا لتمويل الإنفاق العسكري الروسي. وستكون احتياطيات اليورانيوم الكبيرة في النيجر بدورها قادرة على تلبية جزء من احتياجات الطاقة النووية الروسية.
من جانبها، تعلّق الخبيرة السياسيّة ناتاليا ناروتشنيتسكايا آمالا على آفاق العلاقات بين روسيا والكونفدرالية الأفريقية الجديدة. وهي ترى أن "نفوذ روسيا في المنطقة سوف يزيد، خاصة إذا استثمرت في الدول المحتاجة إلى إنشاء بنية تحتية لتعزيز النشاط الاقتصادي، وعندها سيكون العائد على الاستثمار مجديا. ولكن حتى في غياب ذلك، تعرِب الدول الأفريقية بشكل علني عن تعاطفها مع روسيا.
في يناير/كانون الثاني 2024، انسحبت بوركينا فاسو ومالي والنيجر من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس). وقد سبق ذلك أزمة طويلة في العلاقات بين حكومات الدول الثلاث وهذه المنظمة. وحاولت مجموعة (إيكواس)، التي تتعامل مع مجموعة واسعة من القضايا بعد الانقلاب في النيجر عام 2023، تنظيم تدخل في البلاد بدعم من فرنسا.
مع ذلك، لم يكن من الممكن تحقيق هذه الخطط بحيث فرضت إيكواس حصارا اقتصاديا على نيامي استمر حتى فبراير/شباط 2024. وأعلن رئيس "إيكواس"، عمر علي توراي رفع العقوبات "لأسباب إنسانية". ومع ذلك، ليس لدى النيجر أي خطط للعودة إلى المجموعة.
من جانبها، كتبت الخبيرة الاقتصادية والنائبة السابقة لمجلس الدوما إيلينا بانينا على قناتها على موقع تليغرام أنه يمكن للتحالف تكثيف التعاون مع دول المنطقة، التي لها أيضا عضوية في إيكواس، ولا سيما بنين. وأضافت بانينا أن دول الكونفدرالية الجديدة الثلاث غير ساحلية، مما يحد من تجارتها، لكن هناك فرصة كبيرة لتنضم بنين أيضا إلى تحالف دول الساحل.
وذكّرت بانينا أن النيجر أطلقت في يناير/كانون الثاني 2024 تصدير أولى براميل النفط الخام عبر خط أنابيب في بنين بتمويل من شركة بتروتشاينا الصينية. ويربط خط الأنابيب حقل أغاديم في النيجر بميناء كوتونو، العاصمة المالية لبنين وأكبر مدنها.
يرى نائب مجلس الدوما ألكسندر تولماشيف أن هذا مسار يمكن أن يؤدي إلى إنشاء اتحاد تكاملي كبير يمكن أن يصبح مركزا جديدا لعالم متعدد الأقطاب. وحسب تولماشيف، فإن تجسيد فكرة الكونفدرالية هو استمرار لسلسلة الثورات والاضطرابات التي شهدتها أفريقيا خلال السنوات القليلة الماضية، مشيرا إلى أن القوى الاستعمارية السابقة تفقد نفوذها في المنطقة، بينما تكتسب قُوى جديدة نفوذا.
تحاول الدول الأفريقية تحسين مواقعها الدولية، خاصة تلك التي وصل قادتها إلى السلطة عبر وسائل ثورية. يتبنى سيرغي إليدينوف، وهو ضابط عسكري روسي متقاعد ومحلل مستقل متخصص في القضايا الأمنية في أفريقيا أن الدول الأفريقية تحاول بهذه الطريقة التغلب على عواقب الحقبة الاستعمارية.
وحسب إليدينوف فإن هذا الحدث صنع حقبة جديدة. فهذه عملية تكامل في البلدان التي تسعى للحفاظ على سيادتها. هذه هي الفكرة الأصلية للآباء المؤسسين للوحدة الأفريقية، إنشاء الولايات المتحدة الأفريقية وكذلك استعادة العدالة التاريخية، لأن الاستعمار دمّر الصورة السياسية التي كانت موجودة في القارة بالكامل.
قالت ناروتشنيتسكايا إن باريس تفقد نفوذها بسرعة في المنطقة، وإن الحزام الفرنسي في أفريقيا ينفجر، إننا نشهد تحريرا للدول من التبعية الاستعمارية الجديدة، التي تمثلت في السيطرة السياسية وفرض تسعيرتها، والتي من خلالها زودت الدول الأفريقية فرنسا بمواردها مقابل أجر زهيد.
وفي الختام، أوردت ناروتشنيتسكايا أن التداعيات سواء الاقتصادية أو المتعلقة بالسمعة المترتبة عن القرار الذي اتخذته البلدان الأفريقية بالنسبة للزعيم الفرنسي وفرنسا وخيمة إذ لم يعد العديد من الخبراء الدوليين يعتبرون باريس عاملا مهما في العلاقات الدولية، وهو أمر غير ....