يكمن إدمان معقد وراء سحب البخار من السجائر الإلكترونية ، لا يقل عن إدمان تدخين السجائر التقليدية، مما يحول تركيز الجهات الصحية إلى مهمة التشجيع على الإقلاع عن تدخين السجائر الإلكترونية، وهي مهمة لا تقل صعوبة عن الإقلاع عن مثيلاتها التقليدية.
يشارك الدكتور مارك بيكوت من المملكة المتحدة صحيفة الإندبندنت الأسباب الرئيسية وراء صعوبة الإقلاع عن تدخين السجائر الإلكترونية، ونصائح للمهتمين بذلك.
يعد التدخين في الصباح الباكر أحد السلوكيات العامة لمدمني تدخين السجائر الإلكترونية، يقول الدكتور بيكوت "ينام العديد من مدمني التدخين والسيجارة الإلكترونية بجانب سريرهم، ويبدأون باستخدامها فور استيقاظهم".
ويؤكد الطبيب أن من العلامات التحذيرية الأخرى الواضحة للإدمان هي المداومة على فعل شيء ما مع معرفة تسببه بالضرر.
ويوضح الدكتور بيكوت "يسبب تدخين السجائر الإلكترونية أضرارا متعددة، على سبيل المثال، يمكن أن يسبب ضررا جسديا، مثل مشاكل في الفم والأسنان، كما يمكن أن يسبب أضرارا نفسية، لارتباطه الوثيق بتدهور الصحة العقلية ، وخاصة لدى الشباب، كما يمكن أن يصاحبه عبئ مالي، حيث ينفق العديد من الأشخاص على السجائر الإلكترونية أموالا لا يستطيعون تحمل تكلفتها".
بالإضافة إلى ذلك، تعدّ أعراض الانسحاب من العلامات الشائعة الدالة على إدمان تدخين السجائر الإلكترونية، والتي قد تختلف من شخص لآخر. حيث يمكن أن يقلع بعض الأشخاص فجأة دون أن يعانون من أعراض انسحاب تذكر، بينما قد يعاني آخرون من أعراض انسحاب شديدة.
ويوضح الدكتور بيكوت "تنقسم العلامات إلى أعراض جسدية مصاحبة للانسحاب، مثل الغثيان والصداع والأرق، والتي قد تكون بارزة جدا في الأيام القليلة الأولى، ثم تبدأ الرغبة الشديدة في التدخين بالوصول إلى ذروتها في الأيام 3-5 الأولى، وبعد ذلك، غالبا ما تبدأ الأعراض الجسدية بالاختفاء، ثم تظهر الأعراض النفسية بشكل أكبر مثل، الشعور بالقلق والأرق والاحساس بالضعف أو الاكتئاب".
ومن ناحية أخرى، قد يشير تدخين السجائر الإلكترونية في أماكن غير مناسبة أيضا إلى إدمان التدخين، مثل التسلل بشكل مستمر إلى دورة المياه في مطعم أو في مكان العمل لتدخين السجائر الإلكترونية.
ويضيف الدكتور بيكوت "غالبا ما يدخن الأشخاص السجائر الإلكترونية في أماكن يمنع فيها التدخين، وذلك لأن إدمانهم يفقدهم السيطرة على نفسهم ويجبرهم على التدخين".
تعد طبيعة مادة النيكوتين المسببة للإدمان، من خلال ارتباطها بمستقبلات في الدماغ، أحد الأسباب البيولوجية الرئيسية التي تجعل الإقلاع عن تدخين السجائر الإلكترونية صعبا.
ويقول الدكتور بيكوت "النيكوتين هو المكوّن الرئيسي في السجائر الإلكترونية الذي يؤثر على الحالة النفسية والصحة العقلية، وهو معروف كمادة مسببة للإدمان ".
يؤثر النيكوتين على نظام الدوبامين في الجسم، وهو مسار عصبي في الدماغ يرتبط بالشعور بالمتعة والرضا، اذ يتدفق الى الدماغ عند تدخين السجائر الإلكترونية، ويزداد معه مستوى الدوبامين، مما يزيد الرغبة بتدخين المزيد والمزيد من السجائر.
ومن ناحية أخرى، يصعب التوقف عن القيام بحركة اليد إلى الفم المعتادة أثناء تدخين السجائر الإلكترونية بحد ذاتها.
ويوضح الدكتور بيكوت "تجد الأشخاص الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية بكثافة، يحركون أيديهم إلى أفواههم بشكل مستمر لاستنشاق البخار، ويبدأ هذا النمط في التأصل وتصبح هذه الحركة عادة، لذا فإن الكثير منهم يجدون التخلص من هذه العادة وإيجاد بديل لها بنفس أهمية التركيز على الجانب البيولوجي والتخلص من ادمان النيكوتين".
كما أن العديد من مستخدمي السجائر الإلكترونية يدمنون على نكهات معينة من السجائر الإلكترونية، وهي نكهات غير موجودة في السجائر التقليدية.
ويشير الدكتور بيكوت "يمكن الحصول على سجائر إلكترونية بجميع أنواع النكهات، من الحلويات إلى نكهات المنثول، ويوجد العديد من الأشخاص الذين يدمنون على تدخين السجائر الإلكترونية لتعلقهم الشديد بنكهة معينة بحد ذاتها".
يجب أن ينبع الدافع وراء الإقلاع عن التدخين من الشخص نفسه، وبمجرد اتخاذ قرار الإقلاع عن تدخين السجائر الإلكترونية يجب تحديد السبب. هل هو الخوف على الحالة الصحية؟ أو هو لمخاوف تتعلق بالتخلص من الإدمان؟ أو هو لمشاكل مالية؟
يقول الدكتور بيكوت "يجب أن يكون المقلع عن التدخين واضحا بشأن السبب، لأنه سيلازمه طوال رحلته، وسيساعده على التحفيز والإستمرارية".
بعد ذلك يجب على الشخص اتخاذ الخطوات اللازمة التي تعينه على ذلك والتي تشمل:
يوجد العديد من الطرق التي يجب اتباعها للإقلاع عن التدخين، حيث يبين الدكتور بيكوت انه يمكن التوقف فجأة، أو تقليل كمية النيكوتين المستخدمة تدريجيا، أو استخدام علاجات بديلة للنيكوتين.
ولكل طريقة إيجابيات وسلبيات، لذا يجب تحديد الطريقة الملائمة ومن ثم تجربتها والتأكد إن كانت مناسبة.
يقترح الدكتور بيكوت للأشخاص الذين يميلون الى بدء يومهم بالتدخين في الصباح، أن يكون هدفهم الأول هو الامتناع عن التدخين لأول 30 دقيقة من اليوم، وبعد الالتزام بذلك لبضعة أيام يمكن تمديدها نصف ساعة أخرى وزيادة مدة الفاصل الزمني تدريجيا.
يجب الاستعداد لإدارة الرغبة الشديدة بالتدخين واتباع أساليب تشتيت الانتباه، والتي قد تكون واسعة ومتنوعة، فعلى سبيل المثال، يمكن أن تساعد ممارسة بعض التمارين الرياضية، كالمشي لمدة 20 دقيقة، عند الشعور بالرغبة الشديدة بالتدخين.
ويمكن تجربة الرسم أو الكتابة أو ممارسة أي نوع من الألعاب التي قد تساعد على تشتيت الانتباه عن الرغبة الشديدة بالتدخين.
يمكن أن يكون مصدر الدعم العائلة والأصدقاء، أي الأشخاص الذين يوثق بهم والذين يكونون مقربين في حال الحاجة إلى دعمهم ويمكن التكلم معهم براحة وصدق، ويمكن أن تكون الدائرة أوسع، فعلى سبيل المثال، قد يكون المساند معلما في المدرسة أو شخصا في العمل.