أظهر العلماء لأول مرة أن بروتينا يساعد الخلية على الاستعداد للانقسام يمكن أن يحفز انتقال السرطان من عضو إلى آخر، وكشف العلماء عن أن هذا البروتين الموجود في خلايانا يشكل علامة تحذير مبكرة للسرطانات العدوانية وهدفا جديدا محتملا لأدوية توقف انتشارها.
وأجرى الدراسة باحثون من جامعة برونيل في لندن بالمملكة المتحدة، ونُشرت نتائجها في مجلة لايف ساينس ألاينس في 18 أغسطس/آب الجاري، وكتبت عنها مجلة نيوزويك الأميركية.
وقالت باربرا تانوس عالمة الطب الحيوي في جامعة برونيل في بيان "تكشف بياناتنا عن دور جديد لبروتين الجسم المركزي "إس إيه إس 6″ في تكوين الأهداب (بناء قرون استشعار الخلية)، وتنشيط بروتين آخر، وغزو الخلايا السرطانية".
وتؤدي المستويات العالية من البروتين إلى نمو أهداب الخلايا بشكل أكبر وأطول، وتلعب دورا في بناء هياكل دقيقة تشبه الشعيرات على سطح الخلية، والتي يمكنها تنشيط إشارات تجعل الخلايا السرطانية أكثر عدوانية.
وأوضح الباحثون أن هذه الأهداب تنشّط مسارا يعرف باسم "واي إيه بي/ تي إيه زد"، والذي يتحكم في الجينات التي تساعد الأورام على النمو والانتشار إلى أجزاء أخرى من الجسم.
وأوضحت الدكتورة تانوس أن "السبب الرئيسي للوفاة لدى مرضى السرطان هو المرض النقيلي، والذي يحدث عندما تغزو الخلايا السرطانية أنسجة بعيدة عن الورم الرئيسي، أي أنها تنتشر إلى جزء آخر في الجسم".
وأضافت "وجدنا أن الخلايا ذات مستويات "إس إيه إس 6″ المرتفعة أصبحت أكثر غزوا للأنسجة الأخرى، وأن هذا الغزو يعكس بإزالة الأهداب".
وبحث الفريق في ما يحدث عندما تنتج الخلايا نسخة من بروتين "إس إيه إس 6" لا تتحلل.
ووجدوا أن الخلايا زادت أهدابها طولا، وزادت حركتها وتغير شكلها بشكل ملحوظ، لتصبح أكثر تسطحا ومرونة، وكلها علامات على وجود خلية غازية.
وعندما حجب العلماء مسار "واي إيه بي" أو أزالوا الأهداب انخفض غزو السرطان إلى مستويات تكاد تكون معدومة.
ثم وجدوا النمط نفسه في سلالة خلايا سرطان الرئة الحقيقية، والتي تحتوي على مستويات عالية من بروتين "إس إيه إس 6″، وقد أدت إزالة البروتين من هذه السلالة الخلوية المشتقة من المريض إلى إيقاف قدرة السرطان على الانتشار.
وصرّحت تانوس لمجلة نيوزويك "الجديد حقا هو أننا وجدنا مسارا ينظمه بروتين "إس إيه إس 6″، وهو مسار "واي إيه بي/ تي إيه زد"، إن إزالة بروتين "إس إيه إس 6" من إحدى سلالات خلايا سرطان الرئة صغير الخلايا يقلل إشارات "واي إيه بي"، وهذا أمر بالغ الأهمية لأن مسار "واي إيه بي" ينشط في العديد من أنواع السرطان".
وأضاف العلماء أنه نظرا لأن العديد من أنواع السرطان البشرية تحتوي على مستويات عالية بشكل غير عادي من بروتين "إس إيه إس 6" فمن المحتمل استخدامه مؤشرا على السرطان النقيلي .
وأوضحت تانوس "تنظم مستويات البروتين من خلال عمليات التخليق والتحلل، تحتوي كل خلية على بروتينات تنظم ذلك، في حالة بروتين "إس إيه إس 6″ هناك عمليات محددة تستهدف تحلل البروتين، وقد تكون غائبة أو غير فعالة في بعض أنواع السرطان".
ووجدت مستويات أعلى من "جين إس إيه إس 6" في سرطان الرئة وسرطان الكلى والورم الدبقي وسرطان الكبد وسرطان قشرة الكظر.
وأوضح الباحثون أن فهم كيفية تحفيز الجين والأهداب لغزو الخلايا السرطانية يمكن أن يساعد أيضا في تصميم علاجات جديدة تعتمد على مسارات إشارات خاصة بالأهداب.
وقال تانوس "نعتقد أن هذا يتيح لنا طريقة جديدة لفهم كيفية تحكم الإشارات الخلوية في انتشار السرطان، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى علاجات أذكى وطرق أفضل للتنبؤ بأي أنواع السرطان ستصبح عدوانية".