كشف الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، يوم الاثنين، عن الأوراق النقدية الجديدة التي ستستبدل تلك التي كانت تحمل صور الرئيس المخلوع بشار الأسد وأفراد من عائلته، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل تحولًا يتجاوز الشكل النقدي إلى المعنى السياسي والاقتصادي.
وقد أُقيم حفل إطلاق الأوراق النقدية الجديدة في قصر المؤتمرات بدمشق بحضور الشرع ، حيث قام إلى جانبه حاكم المصرف المركزي عبد القادر الحصرية بالكشف عن الفئات الجديدة، معلنين بدء مرحلة انتقال نقدي شاملة تهدف إلى تعزيز الثقة بالنظام المالي السوري.
وقال الشرع، عقب حفل الإطلاق، إن العملة الجديدة تشكل "نهاية مرحلة سابقة لم يأسف عليها أحد، وبداية مرحلة جديدة يطمح إليها الشعب السوري"، مضيفًا أن تصميمها "تعبير عن هوية وطنية جديدة وابتعاد عن تمجيد الأفراد".
وأوضح الشرع أن التصاميم الجديدة للأوراق النقدية تستحضر الذاكرة التاريخية السورية والمنتجات التقليدية، وتحمل صورًا للورود والقمح والزيتون والبرتقال ورموز زراعية أخرى تشتهر بها سوريا.
وأشار الشرع إلى أن السلطات تعتزم حذف صفرين من العملة في عملية تُعرف بإعادة التسمية النقدية، موضحًا أن هذا الإجراء لا يؤثر على القيمة الفعلية لليرة السورية، بل يهدف إلى تسهيل المعاملات اليومية واستعادة الثقة بها.
وقال: "إذا أراد شخص شراء شيء بسيط، عليه أن يحمل أكياسًا من المال ليتمكن من الدفع، لذلك يلجأ الناس إلى الدولار"، معتبرًا أن تحديث العملة من شأنه تعزيز قوة العملة الوطنية داخل البلاد وإعادة الثقة بها.
وأكد أن "سوريا تستحق اقتصادًا قويًا وعملة مستقرة"، مشددًا على أن التحسن الحقيقي يبقى مرتبطًا بزيادة الإنتاج، وخفض البطالة، وتعزيز القطاع المصرفي، الذي وصفه بأنه "شرايين الاقتصاد".
وتأتي هذه الخطوة في وقت لا يزال فيه السوريون يتداولون الأوراق النقدية القديمة، المرتبطة في الذاكرة الشعبية بسنوات المعاناة في ظل النظام السابق، إذ كانت ورقة الـ2000 ليرة تحمل صورة بشار الأسد، بينما حملت ورقة الـ1000 ليرة صورة والده حافظ الأسد.
من المقرر أن تدخل الأوراق الجديدة، التي تتراوح فئاتها بين 10 و500 ليرة سورية، حيّز التداول اعتبارًا من 1 يناير.
وقد دعا الشرع المواطنين إلى التحلي بالهدوء خلال المرحلة الانتقالية الحساسة، محذرًا من الهلع أو التسرع في استبدال الأوراق النقدية القديمة، لأن الطلب المفرط قد ينعكس سلبًا على سعر صرف الليرة السورية.
وأعرب عن ثقته بأن الاقتصاد السوري يسير قدمًا بشكل مدروس، وأن نتائج الإصلاحات ستظهر تدريجيًا، مستندًا إلى الموقع الجيوسياسي لسوريا وتزايد الاهتمام الإقليمي والدولي بها.
تراجعت قيمة الليرة السورية منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 2011 من نحو 50 ليرة مقابل الدولار إلى قرابة 11 ألف ليرة، ما أجبر السوريين على حمل رزم كبيرة من الأوراق النقدية لتلبية احتياجات أساسية كالتسوق اليومي.
ومع تداول الدولار عند هذا المستوى، يشكو السكان من ضعف القدرة الشرائية ، في وقت يُعد فيه تحسين وضع الليرة أحد أبرز التحديات التي تواجه السلطات الجديدة.
ومنذ الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر 2024، أطلقت الإدارة السورية الجديدة سلسلة إصلاحات اقتصادية وسياسية تهدف إلى تحسين الأوضاع في مختلف أنحاء البلاد، في خطوة يأمل القائمون عليها أن تسهم في استعادة الليرة السورية جزءًا من قيمتها التي فقدتها خلال أكثر من عقد من الحرب.
ويُذكر أن الأوراق النقدية القديمة كانت تُطبع في روسيا، الحليف السابق لنظام الأسد.
المصدر:
يورو نيوز