كشف تقرير نشرته وكالة بلومبيرغ عن أن السياسات التجارية للرئيس الأميركي دونالد ترامب -خاصة الرسوم الجمركية على السلع الوسيطة والمعدات الصناعية- تحولت إلى عقبة مباشرة أمام خلق الوظائف الصناعية التي وعد بها منذ أبريل/نيسان الماضي، حين أطلق موجة جديدة من الرسوم بهدف "فتح عصر جديد من الازدهار الصناعي".
وتوضح بلومبيرغ أن البيانات الرسمية لسبتمبر/أيلول الماضي تُظهر مفارقة لافتة، فالاقتصاد الأميركي أضاف 119 ألف وظيفة، لكن قطاع التصنيع فقد 6 آلاف وظيفة إضافية، ليصل إجمالي الخسارة منذ بداية العام إلى 94 ألف وظيفة أقل من العام الماضي، و58 ألف وظيفة أقل مقارنة بمرحلة بدء حملة الرسوم في أبريل/نيسان.
تشير بلومبيرغ إلى أن جزءا من التأثير السلبي على الصناعة الأميركية سببه طبيعة السلع التي استهدفتها الرسوم، ففي حين أعفى ترامب مئات الفئات من السلع المرتبطة بالاستهلاك، مثل "الموز، ولحم البقر، والقهوة"، فإنه أبقى الرسوم على الآلات والمعدات الصناعية اللازمة لبناء المصانع الجديدة.
وتنقل الوكالة عن محللين أن "استهداف السلع الوسيطة يُعد خطأ هيكليا"، لأن هذه المنتجات هي المحرك الأساسي لقيام أي نهضة صناعية.
وتضيف بلومبيرغ أن فرض رسوم محتملة على "الروبوتات والآلات الصناعية" يرفع تكلفة إنشاء خطوط الإنتاج الجديدة، مما يجعل الاستثمار الصناعي داخل الولايات المتحدة أكثر كلفة مقارنة بما كان عليه عند وصول ترامب إلى البيت الأبيض.
ورغم حديث ترامب المتكرر عن "قائمة طويلة من المصانع الجديدة" في الطريق، فإنّ بلومبيرغ تنقل عن وزير الخزانة سكوت بيسنت قوله -في مقابلة تلفزيونية- إن الازدهار قد يحتاج إلى وقت أطول كي يتحول إلى وظائف فعلية، مضيفا: "نحن متفائلون جدا بعام 2026… لقد جهّزنا الطاولة لاقتصاد قوي وغير تضخمي".
وتشير بلومبيرغ إلى وجود تناقض حاد بين أداء القطاعات الصناعية وقطاعات الخدمات، ففي حين أضاف قطاع البناء -الذي يستفيد من طفرة مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي- 10 آلاف وظيفة، فإن القطاعات الصناعية الأخرى تشهد نزيفا في العمالة، في وقت قفز فيه قطاعا الصحة والترفيه بـ104 آلاف وظيفة مجتمعَين.
وتقول بلومبيرغ إن جمعيات صناعية، مثل "الاتحاد الوطني للمصنّعين"، تضغط على البيت الأبيض للحصول على إعفاءات للمواد الخام والآلات، وتجنبت استخدام كلمة "استثناءات" لأن الرئيس لا يفضلها، واقترحت بدلا منها "استيراد المواد الأساسية دون رسوم، واسترداد الرسوم المدفوعة على المعدات الصناعية".
كما تشير الوكالة إلى أن التباطؤ في التوظيف الصناعي يأتي رغم استفادة الشركات من إعفاءات ضريبية جديدة تسمح بخصم قيمة المعدات مباشرة من الضرائب.
ومع ذلك، تُظهر الأرقام التي استعرضتها بلومبيرغ أن "الطفرة الصناعية" التي وعد بها ترامب لم تتحقق بعد، وأن التحدي الأكبر يكمن في أن الرسوم تشمل جزءا من سلسلة التوريد لا يمكن لأي مصنع التخلي عنه: الآلات التي تبني المصانع نفسها.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة