قالت مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية في تقرير تفصيلي نُشر الاثنين إن القانون الذي وقعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتنظيم العملات المستقرة، وهي العملات المدعومة بالعملة الورقية (مثل سندات الخزينة)، قد يوسع هذا السوق المعرض للمخاطر، مع تحويل التكاليف المحتملة لأزماته إلى دافعي الضرائب.
وجاء في التقرير أن "قانون العبقرية" (GENIUS Act)، الذي أُقرّ بأغلبية واسعة في الكونغرس — 68–30 في مجلس الشيوخ و308–122 في مجلس النواب — "يشعل فتيل كارثة مالية" من خلال إعادة إنتاج الظروف التي أدت إلى الأزمة المالية في 2008.
ويهدف قانون "توجيه وترسيخ الابتكار الوطني للعملات المستقرة الأمريكية" إلى إنشاء إطار تنظيمي لهذه العملات المرتبطة قيمتها عادة بالدولار الأمريكي.
لكن التقرير حذر من أن الضوابط المُعتمدة في القانون "هشة": فهي تلغي متطلبات التأمين على الودائع، وتستبعد الفحوصات الرقابية المنتظمة، وتُخضع فقط المصدرين الكبار ــ الذين يحملون أكثر من 50 مليار دولار ــ لمراجعة سنوية واحدة، بينما يُستثنى بقية السوق من أي رقابة فعلية.
وأشارت المجلة إلى أن العديد من مصدري العملات المستقرة، مثل شركة "تيثِر" التي تدير أصولاً تبلغ 135 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية، مسجلون خارج الولايات المتحدة في ملاذات ضريبية مثل جزر كايمان والسلفادور. وهذا النموذج، وفق التقرير، يسمح لهم بتفادي قوانين "اعرف عميلك" الأمريكية، مما يجعل تتبع التحويلات المشبوهة ــ بما في ذلك تلك المرتبطة بجماعات إرهابية ــ مهمة مستحيلة.
وذكر التقرير أن بورصة "بينانس" دفعت أكثر من أربعة مليارات دولار لتسوية تحقيقات مع وزارة العدل الأمريكية تتعلق بمعاملات مع جماعات مسلحة، بينها داعش، قبل أن يتم إسقاط التهم عن مؤسسها في أكتوبر 2025 بموجب عفو رئاسي.
وكشف التقرير أن مشغلي العملات المشفرة وضعوا العام الماضي أكثر من مليار دولار من الأرباح قبل الضرائب في جيب الرئيس ترامب وعائلته، وفقاً لتقرير سابق لصحيفة فاينانشال تايمز. كما أشار إلى إطلاق عملة مستقرة جديدة باسم "USD1" من خلال مشروع "World Liberty Financial" المرتبط بعائلة الرئيس الأمريكي، وهو مشروع يسمح بجني أرباح مباشرة من العملات المستقرة.
وفي أبريل، أعلنت وزارة العدل الأمريكية وقف معظم تحقيقاتها في جرائم احتيال مرتبطة بالعملات المشفرة، وحلّ فريق التحقيق المختص، في خطوة وصفها التقرير بأنها "تغلق عمدا الباب أمام المساءلة".
ويتوقع محللو سيتي جروب أن القانون الجديد يسمح بنمو سوق العملات المستقرة، الذي يقدر حالياً بنحو 280 إلى 315 مليار دولار، ليصل إلى أربعة تريليونات دولار بحلول 2030.
وحذر التقرير من أن أي شكوك حول سيولة أحد المصدرين الكبار ــ مثل انهيار "تيرا" الذي أزال 60 مليار دولار في مايو 2022 ــ قد يثير "جرياً على السحب" رقمياً، يحدث في ثوانٍ، ويُجبر الحكومة الأمريكية على التدخل لإنقاذ الاستقرار المالي، على غرار ما حدث مع صناديق السوق النقدي في 2008.
وخلص تقرير الأطلسي إلى أن أزمة 2008 لم تكن فشلاً تقنياً، بل فشلاً إدراكياً: فقد تم تجاهل التحذيرات، وتبرير المخاطر باسم الابتكار، وتحميل الجمهور تكاليف المقامرة الخاصة.
المصدر:
يورو نيوز