يبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب نهاية هذا الأسبوع جولة آسيوية تشمل ماليزيا واليابان وكوريا الجنوبية، في أول زيارة له إلى المنطقة منذ عودته إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير.
وستشهد الجولة لقاءً محورياً مع الرئيس الصيني شي جين بينغ في كوريا الجنوبية، وسط توترات تجارية متصاعدة بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأعلن البيت الأبيض الخميس أن ترامب سيجري "لقاءً ثنائياً" مع شي جين بينغ صباح الخميس 30 تشرين الأول/أكتوبر بالتوقيت المحلي، في ختام جولته التي تأتي وسط مفاوضات حثيثة بين البلدين لاحتواء أزمة تجارية تتفاقم منذ عودة ترامب إلى الرئاسة.
في سياق متصل، أكد وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو الجمعة أن الصين والولايات المتحدة "قادرتان تماماً على إيجاد سبل لتبدد كل منهما مخاوف الدولة الأخرى"، مشيراً إلى أن الجولات الأربع السابقة من المشاورات التجارية أثبتت إمكانية "التعايش وتشجيع التنمية السليمة والمستقرة والمستديمة للعلاقات الاقتصادية" عبر "الاحترام المتبادل والتشاور المتكافئ".
وأضاف وينتاو أن وفدًا صينيًا برئاسة نائب رئيس الوزراء هي ليفنغ سيتوجه إلى ماليزيا من الجمعة إلى الاثنين لإجراء محادثات تجارية جديدة مع الجانب الأميركي، في وقت أكدت فيه الإدارة الأميركية أن الممثل التجاري الأميركي جاميسون غرير سيرافق ترامب في جولته وسيلتقي الوفد الصيني هناك.
في الأسابيع التي سبقت اللقاء المرتقب بين ترامب وشي جين بينغ، تصاعدت وتيرة الإجراءات المتبادلة بين واشنطن وبكين، في دورة جديدة من الحرب التجارية التي استؤنفت منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض. وبدأ التصعيد بعد مكالمة هاتفية بين الزعيمين في 19 أيلول/سبتمبر وصفها ترامب بـ"المثمرة جداً"، وأعقبها إعلان عن لقاء ثنائي في كوريا الجنوبية، بينما أشارت الصين إلى "تبادل صريح وعميق للآراء".
لكن سرعان ما تبدّد هذا التفاؤد حين أصدرت وزارة التجارة الأميركية في 29 أيلول/سبتمبر قاعدة جديدة توسع نطاق القيود على الصادرات لتشمل الشركات التابعة للكيانات المدرجة على القوائم السوداء، وهو إجراء اعتبرته بكين "حالة نموذجية" لسوء استخدام مفهوم الأمن القومي، ووصفتَه بأنه "سيء للغاية" ويُلحق "ضرراً جسيماً بالمصالح المشروعة للشركات".
مع بداية تشرين الأول/أكتوبر، برز خلاف جديد حول فول الصويا، إذ لم تشترِ الصين أي كميات من المزارعين الأميركيين، ما دفع ترامب إلى اتهام بكين باستخدام قوتها الشرائية كوسيلة ضغط، واعتبار المحصول "موضوعاً رئيسياً للنقاش" في القمة. وردّت الصين بأن العقبة الحقيقية تكمن في "الإجراءات التقييدية الأحادية" الأميركية.
وفي 3 تشرين الأول/أكتوبر، فرضت الولايات المتحدة رسوماً على السفن المرتبطة بالصين بذريعة إعادة بناء قدراتها في صناعة بناء السفن، وهو ما أدانته بكين باعتباره "إجراءً أحادياً وتمييزياً". وتبع ذلك في 8 تشرين الأول/أكتوبر إدراج شركات صينية على القائمة السوداء لتقديمها مكونات طائرات مسيرة إلى إيران.
وفي 9 تشرين الأول/أكتوبر، جاء الرد الصيني الأقوى حتى ذلك الحين، بإعلان قواعد أكثر تقييداً لتصدير العناصر الأرضية النادرة، مبررة ذلك بحماية الأمن القومي والوفاء بواجبات منع الانتشار، نظراً لاستخدام هذه المواد في التطبيقات المدنية والعسكرية على حد سواء. وفي اليوم نفسه، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مصافي تكرير صينية لشرائها نفطاً إيرانياً، بينما اقترحت وزارة النقل منع شركات الطيران الصينية من عبور المجال الجوي الروسي أثناء رحلاتها إلى الولايات المتحدة أو منها.
وفجر ترامب التصعيد في 10 تشرين الأول/أكتوبر بتهديد بفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السلع الصينية، واصفاً الخطوة الصينية بـ"العدواني نوعاً ما"، ومشككاً في جدوى عقد اللقاء مع شي. لكن بكين لم تتأخر في الرد، فأعلنت رسوماً انتقامية على الموانئ دخلت حيز التنفيذ في 14 تشرين الأول/أكتوبر، وأطلقت تحقيقاً في شركة كوالكوم الأميركية.
ومع تصاعد اللهجة، جاء تليين مفاجئ في 12 تشرين الأول/أكتوبر، حين كتب ترامب: "لا داعي للقلق بشأن الصين"، بينما أعلنت بكين استعدادها لتعزيز "الحوار والتبادل" لضمان أمن واستقرار سلاسل التوريد العالمية. لكن التوتر عاد ليطل برأسه في 14 تشرين الأول/أكتوبر، حين اقترح ترامب وقف شراء زيت الطهي من الصين "انتقاماً" من مقاطعة فول الصويا، معتبراً أن تصرف بكين "فعل عدائي اقتصادياً".
وفي المقابل، حظرت وزارة التجارة الصينية تعاملات الشركات المحلية مع خمس شركات تابعة لشركة "هانوا أوشن" الكورية الجنوبية، محذّرة في الوقت نفسه من فرض إجراءات تقييدية جديدة أثناء سير المفاوضات. وفي اليوم التالي، تقدّمت شركات الطيران الصينية بشكاوى رسمية ضد القرار الأميركي المتعلق بعبور المجال الجوي الروسي.
وفي 17 تشرين الأول/أكتوبر، عقد وزير الخزانة الأميركي سكوت بييسنت مكالمة فيديو مع نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ، اتفق خلالها الجانبان، بحسب بكين، على "تبادل صريح وعميق وبناء"، وقررا عقد جولة جديدة من المحادثات التجارية في أقرب وقت ممكن.
وقبل أيام قليلة من القمة، صرّح ترامب في 20 تشرين الأول/أكتوبر بأنه سيبرم "صفقة رائعة" مع شي، فيما أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية أن "الدبلوماسية على مستوى رؤساء الدول تلعب دوراً لا يمكن الاستغناء عنه في توجيه العلاقات الصينية-الأميركية استراتيجياً"، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
ويتزامن اللقاء الثنائي بين ترامب وشي مع استضافة كوالالمبور لقمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) اعتباراً من الأحد، ما يمنح اللقاء بعداً إقليمياً أوسع، في وقت يراقب فيه العالم عن كثب مساعي الطرفين لاحتواء مواجهة تهدد الاقتصاد العالمي.
المصدر:
يورو نيوز