آخر الأخبار

من يدفع كلفة حرب إسرائيل على غزة؟

شارك

القدس المحتلة- تحولت كلفة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 إلى قضية مركزية في النقاش العام داخل إسرائيل وخارجها، إذ تكشف الأرقام الرسمية عن فجوة واسعة في تقدير حجم الإنفاق وآليات تمويله.

ويقوم تمويل الحرب على مزيج من الموارد الداخلية، والدعم الأميركي، وعوائد الصناعات العسكرية، إضافة إلى تحويلات طارئة، وهو ما يعكس هشاشة التوازن بين الاحتياجات الأمنية والضغوط الاقتصادية الداخلية والخارجية.

أرقام متباينة وتقديرات متناقضة

وبحسب صحيفة كالكاليست، عرضت جهات رسمية أرقاما متباينة حول الكلفة، إذ تحدث وزير المالية بتسلئيل سموتريتش عن نحو 300 مليار شيكل (89.4 مليار دولار) في حين قدّر المحاسب العام للوزارة ياهلي روتنبرغ الكلفة بـ140 مليار شيكل (41.7 مليار دولار) حتى نهاية 2024، مع توقع وصولها إلى 200 مليار شيكل (59.6 مليار دولار) نهاية 2025، أما بنك إسرائيل فقدّر التكلفة بنحو 247 مليار شيكل (73.6 مليار دولار).

مصدر الصورة تقديرات كلفة الحرب على غزة تتراوح بين 140 و300 مليار شيكل وفق الجهات الرسمية (غيتي)

ويعود هذا التباين إلى اختلاف طرق الحساب، بين من يقتصر على النفقات المباشرة حتى الآن، ومن يدرج أيضا التكاليف المستقبلية لتعويض الأضرار وإعادة الإعمار وتغطية خسائر الاقتصاد، كما أن الفارق يرتبط بهوية الجهة المصدرة للتقديرات، سواء كانت المالية أو البنك المركزي أو مؤسسات دولية مستقلة.

فالأرقام الحكومية تميل إلى احتساب الإنفاق الفعلي المخصّص ضمن الميزانية، في حين تضيف التقديرات الأعلى خسائر الناتج المحلي وتكاليف الإغاثة وإعادة الإعمار والتزامات دفاعية مستقبلية.

وتعكس هذه التباينات الفجوة بين الحسابات الرسمية والسياسات الاقتصادية، وتؤكد تعقيد إدارة وتمويل الحرب على المستويين المالي والاقتصادي.

الموازنة العامة وتفاقم العجز

وبلغت الموازنة العامة لإسرائيل لعام 2025 نحو 620 مليار شيكل (184.8 مليار دولار) مع تحديد سقف العجز عند 4.9%. ومن هذه الموازنة، خُصص لوزارة الدفاع نحو 110 مليارات شيكل (32.8 مليار دولار) لتغطية احتياجات الجيش والعمليات العسكرية.

إعلان

ومع إقرار المرحلة الثانية من عملية " عربات جدعون " صادقت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست على ميزانية دفاع إضافية بقيمة 30 مليار شيكل (8.9 مليارات دولار) لتعزيز قدرات الجيش وتغطية النفقات الطارئة.

ولكن الكنيست أقر بصورة نهائية رفع سقف العجز المستهدف في ميزانية 2025 إلى 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعا من 4.9%.

ووفقا لما نقلته رويترز، جاء القرار نتيجة الحاجة إلى تمويل إضافي للإنفاق العسكري، بقيمة 31 مليار شيكل (9.35 مليارات دولار).

ومن جهته يرى غاد ليئور مراسل الشؤون الاقتصادية بصحيفة يديعوت أحرونوت أن هذه الميزانية لا تقدم جديدا يذكر للمجتمع، إذ تبدو فقيرة بالإصلاحات وغنية بالمراسيم، وتفتقر إلى محركات حقيقية للنمو الاقتصادي.

فقد تضمنت قرارات مثل رفع ضريبة القيمة المضافة إلى 18%، وتجميد شرائح ضريبة الدخل، إلى جانب تغييرات في مزايا العقارات والتأمين باستثناء إعانات الأطفال، كما شملت تخفيضات كبيرة في ميزانيات حيوية مثل التعليم والصحة و الرعاية الاجتماعية .

مصدر الصورة ميزانية الدفاع خُصص لها 110 مليارات شيكل من الموازنة الجديدة (غيتي)

وفي المقابل، جرى تحويل عشرات مليارات الشواكل الإضافية إلى ميزانية الجيش، وظلت المخصصات اللازمة لإعادة إعمار الشمال والجنوب مفقودة، ولم يُرصد تمويل كافٍ لاستيعاب النازحين أو توفير الأدوية المنقذة للحياة أو تقليل الاكتظاظ في المدارس أو إنشاء مساكن للفتيات المعرّضات للخطر وكبار السن.

وبذلك، يوضح ليئور أن العبء الاقتصادي على الإسرائيليين سيستمر في وقت تواصل الحكومة دعم الإنفاق الدفاعي على حساب الخدمات الأساسية.

مصادر التمويل للحرب على غزة

تستند إسرائيل في تمويل الحرب، بحسب ما أوردت صحيفة غلوبس، إلى مزيج من المصادر الداخلية والخارجية، من أبرزها:


* الموازنة العامة والتحويلات الداخلية: عبر إعادة تخصيص موازنات وزارات مدنية كالتعليم والصحة والبنى التحتية لصالح وزارة الدفاع وصناديق الطوارئ، مع رفع العجز واللجوء لخيارات تمويل بديلة.
* الضرائب والاقتراض المحلي: من خلال زيادة الاقتراض الداخلي والخارجي لتغطية النفقات، إلى جانب رفع الإيرادات عبر سياسات ضريبية جديدة أو تأجيل برامج إنفاق مدني، مما يؤدي إلى تضخم الدين العام وارتفاع نسبته إلى الناتج المحلي.
* الدعم الأميركي المباشر وبرامج الطوارئ: إذ تبقى الولايات المتحدة الممول الأكبر لإسرائيل عسكريا عبر حزم طارئة وبرامج شراء ذخائر ومعدات تُسرّع بآليات عاجلة، إضافة إلى الالتزامات الطويلة الأمد في إطار اتفاقيات المساعدة العسكرية.

وكشفت دراسة لمعهد واتسون الأميركي أن الولايات المتحدة أنفقت منذ اندلاع الحرب وحتى نهاية 2024 أكثر من 22 مليار دولار على المساعدات العسكرية لإسرائيل، عدا الدعم السنوي المتعارف عليه بقيمة 5 مليارات دولار، وفق كالكاليست.

ومع مطلع 2025 وتولي دونالد ترامب الرئاسة، أبرمت وزارة الدفاع الإسرائيلية عقدا مع شركة "رافائيل" لتوسيع إنتاج صواريخ " القبة الحديدية " ضمن صفقة أميركية بقيمة إجمالية بلغت 8.7 مليارات دولار لتعزيز أنظمة الدفاع الجوي. كما أُقرت حزمة إضافية بقيمة 5.2 مليارات دولار لدعم الأنظمة الدفاعية المتقدمة.

إعلان

* عوائد الصناعات العسكرية والتصدير: حيث سجلت صادرات الدفاع الإسرائيلية رقما قياسيا عام 2024 بلغ نحو 14-15 مليار دولار، مما أسهم في تخفيف جزء من العبء المالي عن الحكومة، وإن لم يُغطِ كامل التكلفة.
* المساهمات والتبرعات الخاصة: وتشمل الدعم المحدود من منظمات أو دول صديقة، إلى جانب تمويل طارئ عبر قنوات خاصة أو دولية، إلا أن هذه الموارد لا تشكل سوى جزء يسير من التمويل المطلوب. مصدر الصورة الدعم الأميركي وفّر لإسرائيل أكثر من 22 مليار دولار إضافية (غيتي)

سيناريوهات عامي 2025-2026.. مخاطر متزايدة

وفي حال استمرار الإنفاق بالوتيرة الحالية من دون مصادر تمويل جديدة أو خفض العمليات، يتوقع ناتي توكر المحرر في صحيفة ذا ماركر أن يشكل عام 2026 محطة حاسمة للميزانية الإسرائيلية مع مخاطر متنامية لارتفاع العجز وتآكل الاحتياطات.

ويشير إلى أن الجهات المالية الرسمية مطالبة بتوحيد منهجية الحساب والتعامل بشفافية مع تقارير التكلفة لتجنب التباينات السياسية، فضلا عن إعداد برامج إصلاح مالي توازني يحمي الخدمات الاجتماعية.

ويرى توكر أن المطلوب أيضا تحفيز النمو غير المعتمد على قطاع الدفاع، عبر تشجيع الاستثمار في قطاعات إنتاجية مدنية وخطة طوارئ 2026 تركز على سيناريوهات للتعافي الاقتصادي بعد انتهاء العمليات أو في حال تمددها.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار