في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تناول تقرير نشره موقع "المجلس الأطلسي" الأميركي جهود تركيا لإعادة بناء علاقاتها الاقتصادية مع سوريا بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ، مشيرا إلى أن التجارة تجاوزت مستويات ما قبل الحرب.
وحسب التقرير، كانت الصادرات التركية إلى سوريا قبل الحرب 1.7 مليار دولار في ذروتها (وفقا لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة)، والآن نجحت تركيا في إعادة بناء حضورها التجاري لتصل الصادرات إلى أكثر من ملياري دولار في 2023، بحسب مرصد التعقيد الاقتصادي.
وأشار الموقع إلى أن أنقرة تسعى لاستخدام هذا التكامل الاقتصادي -المدعوم بتمويل خليجي وأوروبي- لتعزيز جهود إعادة الإعمار وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين بما يجعل سوريا جسرا اقتصاديا للعالم العربي بدلا من عبء عليه.
وأعد التقرير عمر أوزكيزلك زميل غير مقيم في مشروع إستراتيجية سوريا ضمن برامج الشرق الأوسط في المجلس الأطلسي، وليفنت كمال صحفي مستقل وباحث مقيم في أنقرة.
وأوضح الكاتبان أن العلاقات السياسية والاقتصادية بين أنقرة و دمشق كانت في ذروتها عام 2010، إذ سمح اتفاق تاريخي للمواطنين من البلدين بالعبور دون تأشيرة باستخدام بطاقات الهوية الوطنية، ولكن الحرب أدت لانهيار التجارة قبل أن تعيد أنقرة إحياءها تدريجيا.
وأضافا أن سقوط نظام الأسد العام الماضي أتاح فرصة لأنقرة لتعزيز العلاقات مع سوريا إلى مستويات غير مسبوقة وخاصة في مجال إعادة الإعمار، إذ تتمتع الشركات التركية بموقع تنافسي على مستوى عالمي، في جين تعاني سوريا من نقص حاد في رأس المال.
وذكر الموقع أن قرارات الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي الأخيرة برفع العقوبات عن سوريا وفّرت لأنقرة فرصة لتوسيع نفوذها الاقتصادي بسرعة في سوريا.
ويتجلى هذا التوسع في زيادة حجم التجارة الثنائية، والمشاريع الإستراتيجية لإعادة الإعمار، والمشاريع المشتركة الواسعة النطاق مع شركاء قطريين وأميركيين، حسب التقرير.
وقال الموقع إن التجارة الثنائية بين سوريا وتركيا بلغت 1.9 مليار دولار خلال أول 7 شهور من 2025، مقارنة بـ2.6 مليار دولار لعام 2024 بأكمله، كما ارتفعت الصادرات التركية بنسبة 54% لتصل 2.2 مليار دولار، في وقت بلغت فيه الواردات السورية 437 مليون دولار.
وأضاف أن البضائع التركية تسيطر حاليا على الأسواق السورية لكونها أقل سعرا بنسبة 30-40%.
وأشار الكاتبان إلى أن تركيا وشركاءها العرب الإقليميين تعهدوا بتخصيص 14 مليار دولار لتطوير البنية التحتية في سوريا، مع التركيز بشكل خاص على قطاعي الطاقة والنقل.
وأوضح التقرير أن تركيا بدأت في تشغيل خط أنابيب كيليس/حلب لنقل الغاز الأذربيجاني إلى سوريا، وتعهدت بتزويد سوريا بـ900 ميغاوات من الكهرباء بحلول 2026، وفي الوقت نفسه وقعت مجموعة تقودها قطر وتضم شركات تركية صفقة بقيمة 4 مليارات دولار لإعادة بناء مطار دمشق الدولي.
ووفق التقرير، أنشأت تركيا وسوريا في أغسطس/ آب الماضي اللجنة الاقتصادية والتجارية المشتركة، وأبرمتا مذكرات تفاهم في مجالات الاستثمار والإدارة بما يشير إلى تعاون طويل الأمد في مجالات التجارة والاستثمار.
ولفت إلى أن الرئيس السوري أحمد الشرع شدد خلال اجتماع مشترك بدمشق على الأهمية الإستراتيجية ل طريق التجارة والإمداد بين تركيا وسوريا و الأردن .
وأكد أن هذا الطريق يعيد إحياء التدفق التجاري من الجنوب إلى الشمال بعد انقطاع طويل سببه الحرب السورية ومكافحة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق ، مع ما يحمله من فرصة لتحويل سوريا إلى مركز عبور حيوي للبضائع.
وأفاد الكاتبان بأن شركات تركية كبرى -مثل "كاليون" و"جنكيز" و"تاف للمطارات القابضة"- تسعى للاستفادة من سوق إعادة الإعمار الذي تقدر قيمته بـ400 مليار دولار. كما تخطط شركة "دنيز بنك" المصرفية لتوسيع عملياتها، وتدرس شركة "صن إكسبرس" فرص الاستثمار في قطاع الطيران.
وأوضح التقرير أن التحالف التركي القطري كان محوريا في جهود إعادة الإعمار، ودخل اتفاق التجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ في بداية الشهر الماضي، مما يعزز المشاريع المشتركة بينهما في سوريا.
وذكر أن التعاون التركي الأميركي يتركز على الطاقة والأمن، حيث قدمت واشنطن الخبرة التقنية والدعم السياسي، وأكدت مجموعة العمل المشتركة أهمية استقرار الاقتصاد السوري كجزء من نهجها الشامل لتقليل الأعباء المباشرة على الولايات المتحدة.
وفي أيار/مايو 2025، تم توقيع صفقة تاريخية لتوليد الطاقة بقيمة 7 مليارات دولار مع "يو سي سي" القطرية وشركة "باور إنترناشيونال" الأميركية والشركتين التركيتين "كاليون" و"جينكيز"، طبقا للتقرير.
وتشمل الصفقة أربع محطات غاز مركبة بإجمالي قدرة 4 آلاف ميغاوات، ومشروعا للطاقة الشمسية بقدرة ألف ميغاوات، ومن المتوقع أن يلبي المشروع أكثر من نصف احتياجات سوريا من الكهرباء.
وخلص الكاتبان إلى أن التقاء الإستراتيجيات الاقتصادية التركية والخليجية في سوريا يشكل فرصة لواشنطن ويخفف العبء عنها، مما يجعل دعم وتشجيع استمرار الانخراط الإقليمي في سوريا ضروريا.