وجّه بنك التسويات الدولية (BIS) في تقرير حديث تحذيرًا صارمًا من أن الارتفاعات الأخيرة في الأسواق المالية لا تعكس المخاطر الحقيقية الكامنة في الاقتصاد العالمي، وعلى رأسها مستويات الدين السيادي غير المستدامة واضطراب التجارة الدولية.
ووفقًا لما نقلته وكالة بلومبيرغ، فإن المستثمرين دفعوا أسواق الأسهم والائتمان إلى مزيد من الانتعاش مدفوعين بآمال تتعلق بزيادة الإنفاق الحكومي وتراجع تكاليف الاقتراض، وهو ما يصوّر صورة أكثر إشراقًا مما تبرره الحقائق الاقتصادية.
وقال هيون سونغ شين، رئيس قسم النقد والاقتصاد في البنك للصحفيين إن هذا التقييم المتفائل "يتجاهل بعض التحديات الحقيقية جدًا في الاقتصاد الواقعي"، محذرًا من أن الأسواق "عرضة لإعادة التسعير عند ورود أخبار سلبية".
وأضاف أن التجارب التاريخية تُظهر أن الضغوط المالية يمكن أن تنفجر قبل أن تتجاوز مستويات الدين التعريفات الكلاسيكية لما يُعتبر غير مستدام.
التقرير رصد ما وصفه بـ"نبرة المخاطرة" المسيطرة على المستثمرين خلال الربع الأخير، مشيرًا إلى أن قرارات خفض أسعار الفائدة في أوروبا وبريطانيا، وتوقعات خفضها من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ، إلى جانب إعلانات عن إنفاق مالي في أميركا وألمانيا، كلها عوامل ساهمت في إشعال موجة التفاؤل في الأسواق.
لكن البنك أشار إلى أن هذا التفاؤل يتناقض مع "قلق متزايد" بشأن الأوضاع المالية في الاقتصادات المتقدمة، تجلّى في زيادة حادة في العوائد طويلة الأجل (10–30 سنة) على السندات في جميع الأسواق الكبرى، ما يعكس مخاوف المستثمرين من استدامة مستويات الدين العام.
ونقلت بلومبيرغ أن البنك كرر تحذيراته السابقة من أن أعباء الديون الوطنية في مختلف أنحاء العالم باتت تقترب من حدود لا يمكن تحملها على المدى الطويل.
وفي دراسة مرفقة بالتقرير رُصدت محاولات لتقييم كيفية تعامل الاحتياطي الفيدرالي مع الضغوط التضخمية الناتجة عن الرسوم الجمركية ، وجاء فيها أن إستراتيجية "التغاضي" عن التضخم قد تحدّ من الأثر السلبي على النمو، بحيث ينخفض التراجع التراكمي في الناتج المحلي من 1.6% إلى 0.1% خلال السنوات الثلاث الأولى من تطبيق الرسوم.
لكن الدراسة حذّرت من أن "زيادة كبيرة في التضخم ترفع احتمال أن تؤدي هذه الإستراتيجية إلى تخلّف البنوك المركزية عن مواجهة الضغوط، ما يضطرها لاحقًا إلى رفع معدلات الفائدة بشكل كبير لاستعادة الاستقرار السعري".
أشار بلومبيرغ أيضًا إلى ورقة بحثية أخرى للبنك خلصت إلى أن توقعات التضخم لدى الأسر الأميركية ما تزال مرتفعة جدًا، إذ تفوق المعدلات الفعلية والتوقعات المهنية بنحو 4 أضعاف، ما يعكس استمرار المخاوف الشعبية من عودة التضخم بقوة في السنوات المقبلة.
وخلص بنك التسويات الدولية إلى أن المشهد المالي الحالي ليس بالصلابة التي تعكسها مؤشرات الأسواق، وأن هشاشة الاقتصاد العالمي قد تظهر بشكل أوضح إذا استمرت مستويات الدين في الارتفاع، أو إذا تراجعت قدرة البنوك المركزية على احتواء التضخم.