آخر الأخبار

تحذيرات من نضوب الغاز.. إسرائيل أمام أزمة طاقة خلال عقدين

شارك

تواجه إسرائيل ما يوصف بـ"العد التنازلي للغاز" بعد أن أظهرت نتائج لجنة وزارية مشتركة أن الاحتياطي الحالي قد لا يكفي لأكثر من 20 عاما إضافية، وسط غياب خطة حكومية واضحة للتعامل مع ما يعرف بـ"اليوم التالي للغاز" وهو ما يثير مخاوف جدية بشأن أمن الطاقة.

ويمثل الغاز الطبيعي الركيزة الأساسية لقطاع الطاقة في إسرائيل، إذ يولد ما يقارب 70% من الكهرباء، ويعد المصدر شبه الوحيد للطاقة.

خلال عام 2016، بلغت الاحتياطيات المؤكدة نحو 199 مليار متر مكعب، لكن وتيرة الاستهلاك والاعتماد شبه الكلي على الغاز تجعل هذا المخزون مهددا بالنفاد في غضون عقدين.

وتكشف وثائق حكومية مسربة أن إسرائيل دخلت بالفعل مرحلة جديدة من القلق الإستراتيجي على صعيد أمن الطاقة، في ظل ضعف بدائل حقيقية وتراجع الاستثمار في البنية التحتية للطاقة المتجددة والتخزين.

وعلى المستوى الاقتصادي، لا يقتصر اعتماد إسرائيل على الغاز في توليد الكهرباء فحسب بل يشكل أيضا مصدر دخل مركزي عبر التصدير.

فقد أبرمت شركة "نيو ميد" (الشريك في حقل ليفياثان) اتفاقا طويل الأمد مع مصر بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، وصف بأنه الأضخم في تاريخ إسرائيل.

مصدر الصورة 60% من إيرادات إسرائيل من الموارد الطبيعية جاءت من حقلي الغاز "ليفياثان" و"تمار" (رويترز)

عائدات الغاز

سجل تقرير وزارة الطاقة الإسرائيلية السنوي لعام 2024 رقمًا قياسيا جديدا في إيرادات الدولة من الموارد الطبيعية ، إذ بلغت العائدات نحو 2.37 مليار شيكل (710 ملايين دولار) بزيادة تقدر بحوالي 8.2% مقارنة بعام 2023 الذي شهد إيرادات بقيمة 2.2 مليار شيكل، حسب ما أفادت صحيفة "غلوبس".

وبحسب التقرير، فإن حوالي 60% من هذه الإيرادات جاءت من حقلي الغاز "تمار" و"ليفياثان" في حين شملت بقية العائدات الرسوم الضريبية وإيرادات المعادن.

وتُقدّر وزارة الطاقة أن تصل إيرادات الدولة من الغاز الطبيعي (من العوائد، وضريبة الشركات، والجباية) إلى نحو 5 مليارات شيكل (1.5 مليار دولار) عام 2025، مع توقعات بارتفاعها خلال السنوات القليلة القادمة إلى 10 مليارات شيكل (3 مليارات دولار) سنويًا.

إعلان

ومنذ بدء إنتاج الغاز الطبيعي في إسرائيل، اقتربت حصيلة الدولة من هذه الموارد من 30 مليار شيكل، منها 14.9 مليار شيكل (4.5 مليارات دولار) عوائد مباشرة جمعتها وزارة الطاقة، في حين جمعت بقية الإيرادات من ضريبة أرباح الموارد الطبيعية وضريبة الشركات عبر مصلحة الضرائب.

استنزاف الموارد

ومع ذلك، يحذر خبراء من أن استنزاف هذه الموارد التصديرية دون خطة بديلة قد يعرض إسرائيل لأزمة طاقة خانقة تهدد الاقتصاد والإمدادات الداخلية.

ويزداد النقاش حول مستقبل الغاز -حدة- بين مختلف مؤسسات الحكم الإسرائيلية، فوزارة الطاقة تدفع باتجاه زيادة الاستفادة من الاحتياطيات الحالية عبر التصدير، ومن جانبها تحذر وزارات المالية والخارجية والأمن من استنزاف هذا المورد الإستراتيجي باعتباره ورقة ضغط دبلوماسية ينبغي التعامل معها بحذر.

وفي المقابل، يطرح آخرون تعزيز مصادر الطاقة البديلة كخيار لا مفر منه، مثل الطاقة الشمسية، والطاقة النووية ، والهيدروجين.

غير أن هذه البدائل -بحسب الخبراء- لا يمكن أن تشكل أساس برنامج الطاقة الإسرائيلي، نظرا لتكلفتها المرتفعة، وطول فترات الإنشاء، والقيود التقنية، مما يجعل الاعتماد عليها وحدها وصفة محتملة لأزمة أعمق.

مصدر الصورة إسرائيل قد تتعرض لأزمة طاقة خانقة تهدد الاقتصاد والإمدادات الداخلية للاحتلال (الجزيرة)

أزمة طاقة

في ضوء هذه المعطيات، يقول عيدان بنيامين مراسل شؤون الطاقة والمياه والموانئ بصحيفة "ذا ماركر" إنه يبرز سؤال إستراتيجي محوري: كيف ستتعامل إسرائيل مع مرحلة "ما بعد الغاز" وهل ستتمكن من صياغة رؤية شاملة تضمن أمن الطاقة على المدى الطويل أم ستجد نفسها في مواجهة أزمة غير مسبوقة تهدد اقتصادها واستقرارها الداخلي؟

ولفت مراسل صحيفة "ذا ماركر" إلى أن وزير الطاقة إيلي كوهين غرد هذا الأسبوع، معلنا أن وزارته وافقت على خط جديد لتصدير الغاز إلى مصر.

غير أن المشروع الذي تحدث عنه الوزير، بحسب الصحفي الإسرائيلي، ليس جديدا، إذ سبق أن حصل على عدة موافقات خلال السنوات الماضية، لكنه ظل متوقفا بسبب خلافات بين الحكومة ومصدري الغاز.

وكعادته، شدد كوهين على الجوانب المشرقة للخط، واصفا إياه بأنه خطوة تعزّز مكانة إسرائيل كقوة إقليمية في مجال الطاقة، وتدر مئات الملايين من الدولارات سنويا، إلى جانب إيجاد فرص عمل.

ولكن خلف هذه الصورة الإيجابية، يضيف بنيامين "تبرز مخاوف من أن يضعف المشروع قدرة إسرائيل على الصمود في مواجهة تحديات أمن الطاقة على المدى البعيد".

احتياطات الغاز

قبيل رأس السنة العبرية نهاية سبتمبر/ أيلول الحالي، تستعد لجنة وزارية مشتركة برئاسة المدير العام لوزارة الطاقة يوسي ديان، من أجل عقد اجتماع حاسم لبحث السياسة المستقبلية لقطاع الغاز.

وتعد اللجنة امتدادا للجان سابقة تناولت قضايا إدارة الغاز وقدمت توصيات للحكومات المتعاقبة. ولكن الجديد في تقرير "لجنة ديان" المرحلي، الذي صدر في أبريل/نيسان الماضي، هو تحذيره من أن احتياطات الغاز في إسرائيل لن تكفي وقد تستنفد عمليا خلال 20 عاما فقط، وفق تقديرات وزارة الطاقة.

ويشير التقرير إلى مزاعم حول إمكانية اكتشاف احتياطيات غاز إضافية في البحر، إلا أن الحقيقة الواضحة والمتفق عليها أنه لا يجرى حاليًا أي بحث أو تنقيب عن حقول جديدة.

إعلان

كما يوصي بالاستعداد لاحتمال استيراد الغاز، غير أن هذا الطرح يفتقر إلى الوضوح، خاصة وأن الأردن ومصر يستوردان الغاز من إسرائيل نفسها، بينما لا يوجد حتى الآن أي حل عملي أو بديل جاهز لليوم التالي بعد نضوب الغاز.

ويشير أيضا إلى أن الاعتماد شبه الكامل على الغاز وضعف البدائل وسيطرة "شيفرون" يزيدان من هشاشة سوق الطاقة الإسرائيلي.

مصدر الصورة إسرائيل تعمل على تطوير مشاريع لاستخراج الطاقة عبر المراوح والتوربينات بهضبة الجولان السوري المحتلة ( الجزيرة)

مرحلة مفصلية

من الناحية الاقتصادية، يمثل الغاز مصدرا رئيسيا لدخل إسرائيل وعصبا لقطاع الكهرباء والصناعة، وبالتالي فإن أي تراجع في إنتاجه أو استنزاف سريع للاحتياطيات قد يدخل إسرائيل في أزمة طاقة خانقة، بحسب صحيفة "كالكليست" الاقتصادية.

ويحذر خبراء من أن الاعتماد على الطاقة النووية والهيدروجين والمتجددة، دون خطة إستراتيجية شاملة، قد يعرّض إسرائيل لأزمة طاقة بسبب التكاليف الطويلة والتحديات التقنية.

وأوضح مراسل "كالكاليست" عديئيل إيتان موستيكي إلى أن إسرائيل تواجه مرحلة حرجة في إدارة الغاز، بين المكاسب الاقتصادية الفورية والحاجة لضمان أمن الطاقة على المدى الطويل.

وأشار إلى أن المفاوضات المتعثرة بين حقل "تمار" وشركة الكهرباء يشير إلى احتمال ارتفاع أسعار الغاز في إسرائيل، مع تريث الشركاء، رغم مذكرة التفاهم لتمديد الإمدادات حتى 2035 وتراجع المنافسة نتيجة تصدير "ليفياثان".

ولفت المراسل إلى أن شركات الطاقة تقدر حجم الاحتياطيات بـ1027 مليار متر مكعب، وتقدرها وزارة الطاقة الإسرائيلية بـ850 مليار متر مكعب فقط.

ومع هيمنة شركة "شيفرون" الأميركية على نحو 90% من هذه الاحتياطيات وتشغيلها حقلي ليفياثان وتمار، يبرز ضعف المنافسة في السوق.

ورغم دعوات وزارة المالية الإسرائيلية وأطراف أخرى لإلزام "شيفرون" بالتخلي عن أحد الحقول لتعزيز المنافسة، يقول موستيكي "رفضت وزارة الطاقة الإسرائيلية" هذا المقترح داخل لجنة "ديان" مما يعكس استمرار الهيمنة وغياب رؤية واضحة لمستقبل سوق الغاز الإسرائيلي.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار