شهدت ثقة المستهلكين في الولايات المتحدة تراجعا حادا إلى أحد أدنى مستوياتها المسجلة تاريخيا، وسط مخاوف متزايدة من التداعيات الاقتصادية للحرب التجارية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، في وقت سجلت فيه توقعات التضخم الطويلة الأجل أعلى مستوياتها منذ عام 1991.
وأظهر استطلاع أجرته شبكة "إيه بي سي" بالتعاون مع مؤسسة "إبسوس" أن 7 من كل 10 أميركيين يعتقدون أن حملة الرسوم الجمركية التي يقودها ترامب ستؤدي إلى ارتفاع التضخم، وهو ما يمثل ضربة قوية للرئيس الجمهوري الذي جعل محاربة التضخم محور حملته الانتخابية الأخيرة.
وفي السياق ذاته، أظهر متوسط استطلاعات صحيفة "نيويورك تايمز" انخفاضًا متواصلًا في شعبية ترامب منذ توليه منصبه، إذ بلغت نسبة التأييد له 45%. كما أعرب أغلب المشاركين في استطلاع آخر أجرته "نيويورك تايمز/سيينا" عن رفضهم لمحاولات ترامب تعزيز سلطات الجهاز التنفيذي.
وانخفض مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلك بنسبة 8% ليصل إلى 52.2 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو/تموز 2022. كما انخفض مؤشر التوقعات بنسبة 32% منذ يناير/كانون الثاني، مسجلا أكبر تراجع خلال 3 أشهر منذ ركود عام 1990.
ويحذر الخبراء من أن استمرار تراجع ثقة المستهلكين قد يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي أوسع، خاصة إذا أدى إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي. وتتزايد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي إذا لم يتم اتخاذ إجراءات لتخفيف التوترات التجارية واستقرار السياسات الاقتصادية.
وعلى صعيد الأسواق، كان مؤشر الدولار يتجه نحو تسجيل أسوأ أداء خلال أول 100 يوم لرئاسة أميركية منذ عهد الرئيس ريتشارد نيكسون ، عندما تخلت أميركا عن قاعدة الذهب. ومع ذلك، سجلت سندات الخزانة الأميركية ارتفاعًا بدعم من آمال المستثمرين بإمكانية خفوت التوتر التجاري مع الصين، بينما شهدت الأسهم بعض التحسن.
وكان ترامب قد بدأ حربه التجارية ضد الصين محذرًا بكين من الرد، إلا أن الرئيس الصيني شي جين بينغ تجاهل تلك التحذيرات ورد بفرض رسوم مضادة. وبعد أسابيع من محاولات ترامب دعوة شي للتفاوض، بادرت الصين بإلغاء بعض الرسوم الجمركية بشكل محدود.
وقال وو شينبو، مدير مركز الدراسات الأميركية بجامعة فودان ومستشار وزارة الخارجية الصينية، إن إدارة ترامب أساءت تقدير قدرة الضغط الاقتصادي الأميركي. وأضاف "الرواية السائدة داخل فريق ترامب كانت أن الاقتصاد الصيني في وضع ضعيف، وبالتالي فإن استخدام ورقة الرسوم الجمركية سيدفع الصين إلى الاستسلام. لكن المفاجأة أن الصين لم تنهَر كما توقعوا".
أزمات قانونية جديدة
وفي سياق متصل، يواجه ترامب تصعيدًا قضائيا مع تزايد الأحكام القضائية التي تعتبر بعض سياساته غير قانونية، لا سيما في ملف ترحيل المهاجرين من دون إجراءات قانونية واجبة.
وفي تطور لافت، اعتقلت وكالة التحقيقات الفدرالية (إف بي آي) قاضية محلية في ولاية ويسكونسن بتهمة عرقلة عملية توقيف مهاجر داخل قاعة المحكمة، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات أمام المحكمة الفدرالية في ميلواكي.
وعلق حاكم ولاية ويسكونسن، توني إيفرز، على الواقعة قائلا إن "إدارة ترامب تواصل نمطًا خطيرًا من الخطاب الذي يهاجم السلطة القضائية ويحاول تقويضها على كل المستويات".