أعلنت الولايات المتحدة عبر مكتب الممثل التجاري الأميركي عن فرض رسوم جمركية جديدة على السفن المرتبطة بالصين، سواء كانت مصنعة في الصين أو مملوكة ومدارة من جهات صينية، وذلك في محاولة لإحياء صناعة بناء السفن داخل الولايات المتحدة وتقليص الهيمنة الصينية على هذا القطاع الإستراتيجي.
ومن المقرر أن تدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ في غضون 180 يوما، وفق ما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضحت الوكالة الفرنسية أن هذه الرسوم ستُفرض على السفن الصينية أو المرتبطة بالصين مرة واحدة فقط لكل رحلة إلى الولايات المتحدة ، على ألا يتجاوز عدد الرسوم المفروضة على السفينة الواحدة 5 مرات في السنة، وتشمل الإجراءات:
وبحسب ما نقلت "بي بي سي"، فإن السفن الفارغة القادمة إلى الموانئ الأميركية لتحميل صادرات مثل الفحم أو الحبوب، بالإضافة إلى السفن التي تنقل البضائع بين الموانئ الأميركية أو من تلك الموانئ إلى الجزر الكاريبية والأقاليم التابعة للولايات المتحدة ستكون معفاة من الرسوم.
كما أعفيت السفن الأميركية والكندية العاملة في منطقة البحيرات الكبرى.
وفي أول تعليق رسمي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان إن هذه الرسوم "ستكون مضرة لجميع الأطراف"، مضيفا أن الولايات المتحدة "ترفع تكاليف الشحن العالمية، وتهدد استقرار الإنتاج وسلاسل التوريد العالمية"، حسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وأضاف المسؤول الصيني أن هذه الخطوة "لن تنجح في إحياء صناعة بناء السفن الأميركية".
وحذرت اتحادات أعمال أميركية تمثل نحو 30 قطاعا اقتصاديا من أن هذه الإجراءات وإن كانت مفيدة لصناعة بناء السفن لكنها ستؤثر سلبا على قطاعات عديدة، ولا سيما الزراعة والصناعات التحويلية، وقد تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع للمستهلك الأميركي، وفق المصدر ذاته.
وتأتي هذه الخطوة في سياق تصعيد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، وكان الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قد كلف مكتب الممثل التجاري بالتحقيق في "الممارسات غير العادلة للصين" في مجالات بناء السفن والخدمات اللوجستية والشحن البحري، وقد أبقى الرئيس الحالي دونالد ترامب على هذا التحقيق ووسّعه، معلنا في مارس/آذار الماضي عن إنشاء مكتب خاص لبناء السفن يتبع مباشرة للبيت الأبيض.
وتعليقا على هذه السياسة، قال ممثل التجارة في البيت الأبيض جيمسون غرير إن "السفن والتجارة البحرية تمثلان ركيزة للأمن الاقتصادي الأميركي"، مضيفا أن الهدف هو "قلب الهيمنة الصينية وتوجيه رسالة واضحة بشأن الطلب الأميركي على السفن المصنعة محليا".
وكانت الولايات المتحدة قد خسرت موقعها الريادي في صناعة بناء السفن منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، وأصبحت تشكل اليوم 0.1% فقط من الإنتاج العالمي، في حين تستحوذ الصين على ما يقارب 50% من سوق بناء السفن متقدمة على كوريا الجنوبية واليابان، حسب بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية.
وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية إلى أن هذه الرسوم الجديدة تأتي في وقت تتعرض فيه التجارة العالمية لتقلبات كبيرة بفعل التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي.
وقد رفعت إدارة ترامب الرسوم الجمركية على بعض الواردات الصينية إلى 145%، ومن المتوقع أن تصل إلى 245% عند دمج الرسوم الجديدة مع القديمة.
ونقلت "بي بي سي" عن منظمة المعهد المعتمد للتصدير والتجارة الدولية أن هذه السياسات أدت إلى تحويل وجهات العديد من السفن الصينية التي كانت متجهة إلى الموانئ الأميركية نحو أوروبا، مما تسبب في ازدحام كبير بموانئ مثل فيلكستو في بريطانيا وروتردام بهولندا وبرشلونة في إسبانيا.
كما أفاد رئيس شركة "فليكس بورت" للخدمات اللوجستية سانه ماندرز بأن الربع الأول من عام 2025 شهد زيادة بنسبة 15% في واردات الصين إلى المملكة المتحدة و12% إلى الاتحاد الأوروبي ، مرجعا هذه الأرقام إلى سياسة الرسوم الجمركية الأميركية.
وأوضح ماندرز أن هذه التحركات قد تدفع الشركات إلى إعادة تصميم سلاسل التوريد العالمية، بحثا عن أسواق بديلة أو فرص للالتفاف على الرسوم الأميركية، مؤكدا أن المستهلك الأميركي سيكون أول من يدفع ثمن هذه السياسات من خلال ارتفاع الأسعار.