في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
تعاني سوريا من أزمة كهرباء خانقة لم تكن وليدة الحرب، بل هي استمرار لأزمة تمتد لعقود لم تصل خلالها للاكتفاء الذاتي، واعتمدت البلاد على إنتاجها المحلي والاستيراد من دول الجوار.
وأنتجت سوريا في عام 2010، ما يقرب من 6500 ميغاوات من الكهرباء، في حين قُدّرت الحاجة اللازمة للاستهلاك بـ8600 ميغاوات، بمعنى أن البلاد كانت في حالة عجز عن تأمين 2100 ميغاوات تقريبا، وغطت الحكومة سابقا جزءا من العجز عبر الاستيراد.
وتعتمد سوريا على محطات الطاقة الحرارية التقليدية لتأمين 94% من مجموع الكهرباء المنتجة، وتتغذى المحطات على المنتجات البترولية (الفيول بنسبة تتعدى 60% والباقي على الغاز الطبيعي).
يؤكد الخبير في الإدارة الإستراتيجية، الدكتور عبد الرحمن الجاموس للجزيرة نت، أهمية توجه الدولة لإعادة بناء ما يمكن تأهيله من البنية التحتية لقطاع الكهرباء، وعدم انتظار بدء عملية إعادة الإعمار، التي قد تتأخر لأسباب وتعقيدات سياسية دولية.
في هذا السياق، قد يساعد تعليق العقوبات الأوروبية على سوريا في تخفيف أزمة الكهرباء، إذ يتيح للدولة السورية الاستفادة من تعليق العقوبات الأوروبية لإبرام عقود لتطوير إنتاج الكهرباء عبر استيراد محطات توليد الكهرباء من دول أوروبية.
وأشار الدكتور جاموس إلى خطورة خصخصة الحكومة السورية الجديدة لقطاع الكهرباء لعدة أسباب أجملها في الآتي:
من الأسباب الرئيسة لأزمة الكهرباء في سوريا عدم توفر الكمية اللازمة من الغاز لتزويد المحطات الحرارية، وفي هذا السياق بدأت دولة قطر تقديم إمدادات من الغاز الطبيعي إلى سوريا عبر الأردن ، في خطوة تهدف إلى معالجة النقص الحاد في إنتاج الكهرباء وتحسين أداء البنية التحتية.
وأفادت وكالة الأنباء القطرية بأن هذه المبادرة تأتي في إطار توقيع اتفاقية بين صندوق قطر للتنمية ووزارة الطاقة والثروة المعدنية الأردنية، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي سيتولى الإشراف على الجوانب التنفيذية للمشروع.
وقال صندوق قطر للتنمية قبل أسبوع إن الإمدادات القطرية ستتيح توليد ما يصل إلى 400 ميغاوات من الكهرباء يوميا في المرحلة الأولى، على أن ترتفع القدرة الإنتاجية تدريجيا في محطة دير علي بسوريا.
وأضاف الصندوق أنه سيتم توزيع الكهرباء على مناطق سورية عدة، من بينها العاصمة دمشق وريفها والسويداء ودرعا والقنيطرة وحمص وحماة وطرطوس واللاذقية وحلب ودير الزور، وهذا سيسهم في تحسين الخدمات الأساسية وتعزيز استقرار المجتمعات المتضررة.
وحسب تقرير لمركز جسور للدراسات المتخصص في الشأن السوري، تبلغ الطاقة الإنتاجية لمحطة دير علي 1500 ميغاوات تقريبا، ويوجد في المحطة مشروع توسيع غير مكتمل يمكن أن يصل بها إلى 2100 ميغاوات، وهو ما يعني تغطية جزء كبير من احتياجات سوريا من الكهرباء على أقل تقدير عند عملها بكامل طاقتها.
وفي هذا السياق، قد يدفع توفير قطر للغاز الطبيعي لسوريا، إلى تحول المحطات الحرارية نحو استخدام الغاز الذي يعد أرخص، وصديقا للبيئة، مقارنة باستخدام الفيول.
وأشار تقرير مركز جسور، إلى احتمال أن تزيد الدوحة من كمية الغاز المقدَّم لسوريا في مرحلة ثانية مستقبلا، لتصبح الكمية ضعف الكمية الحالية، وهذا يعني أن ساعات الكهرباء ستزيد بما قد يصل إلى ضعف ساعات التشغيل الحالية.
في تقرير منشور على الجزيرة نت، تم طرح مجموعة من الحلول لاجتياز أزمة الطاقة في البلاد، وكان أحد أنجع الحلول، توسيع الاعتماد على الطاقة الشمسية لتأمين الكهرباء.
ومن الممكن أن تسعى وزارتا الكهرباء والطاقة للتعاقد مع شركات دولية متخصصة لبناء منظومات ومزارع للطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء. وهي مشاريع قد تنجح في سوريا بنسبة كبيرة، لتوفر الشمس بأوقات طويلة خلال السنة.
وفيما يتعلق بتمويل المشاريع، يمكن التعاقد مع شركات متخصصة تتولى عمليات البناء والبيع وتحصل على أرباح المشروع لمدة زمنية يتفق عليها الطرفان.
والاعتماد على الطاقة الشمسية يحقق للحكومة هدفين:
الأول: تأمين الطاقة اللازمة لإنتاج الكهرباء.
الثاني: تحقيق تنوع في مصادر إنتاج الطاقة بدل الاعتماد بشكل كبير على المحطات الحرارية التي تستهلك الغاز والديزل، وهذا يخفف الضغط من استيراد النفط.
يشير الدكتور عبد الرحمن الجاموس، إلى أن أمام الدولة السورية خيار استيراد الكهرباء من دول الجوار، والاستفادة من الربط الشبكي العربي، خاصة مع دول الخليج التي تمتلك فائضا في الطاقة، واستمرار الاستجرار الحالي وزيادته عبر الخط التركي، ومن الأردن أيضا.
قد يكون القطاع الخاص مساهما مهما في سوق إنتاج الكهرباء في سوريا، وفي هذا السياق، يشير الباحث الاقتصادي في مركز عمران للدراسات مناف قومان، إلى أن الشركات الخاصة في مدينة إدلب قبل سقوط النظام المخلوع، كانت تنتج الكهرباء عبر الطاقة الشمسية وتبيعها لحكومة الإنقاذ حين ذاك، ما خفض بنسبة كبيرة من استيراد الحكومة للكهرباء من تركيا، وخلق فرص عمل، وقدم مساهمة جيدة لاقتصاد المدينة.
بالمحصلة يحتاج قطاع الكهرباء في سوريا إلى تمويل كبير قدّره وزير الكهرباء السوري بـ40 مليار دولار، لإعادة تأهيل وصيانة البنية التحتية لإنتاج الكهرباء من محولات وخطوط التوتر العالي والمحطات الحرارية.
ومن شأن عدم توفر هذه الإمكانيات التمويلية -إضافة إلى بعض المعوقات والتحديات- أن يدفع الدولة لإيجاد حلول إسعاف تتمثل بتوسيع استخدام الطاقة الشمسية، وتوقيع اتفاقيات استيراد الكهرباء من دول الجوار، والعمل على توفير منح مقدمة من الدول الحليفة تساعد على رفع نسبة إنتاج الكهرباء، كمنحة دولة قطر للغاز الطبيعي التي قدمتها لسوريا.