آخر الأخبار

اجتماعات من دون إجابات.. كيف تواجه الصين التباطؤ الاقتصادي؟

شارك

اختتمت الصين الدورة السنوية لمجلس الشعب الصيني، وهو أكبر حدث سياسي هذا العام، دون إجابة السؤال الأهم: ما العمل مع التباطؤ الاقتصادي المستمر؟

وتواجه الصين صعوبة في إنعاش الاقتصاد بعد أن شهدت تراجعا في قطاع العقارات وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، إضافة إلى التباطؤ العالمي الذي أثر على الطلب على السلع من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وعقب رفع القيود المرتبطة بجائحة كورونا، توقعت السلطات الصينية عودة النشاط إلى حركة الاستهلاك لدفع عجلة النمو الاقتصادي مجددا.

لكن هذا السيناريو لم يتحقق، وتعمقت شكوك الصينيين بشأن اقتصادهم مع تفاقم أزمة القطاع العقاري.

اقتصاد الصين.. فقاعة؟
لا يزال الاقتصاد الصيني، منذ كورونا، في حالة دوار. عاجز عن استعادة توازنه.

وسجلت الصين، العام الماضي، واحدة من أسوأ معدلات النمو السنوي منذ عام 1990، ما قلل الآمال في تحقيق انتعاش اقتصادي سريع بعد رفع القيود الصارمة التي فُرضت بسبب كوفيد في أواخر العام 2022.

وتهدد الحرب التجارية المتصاعدة مع إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتقييد درة الصين الاقتصادية، وهو مجمعها الصناعي المترامي الأطراف، في وقت يؤدي فيه بطء طلب الأسر وتفكك قطاع العقارات المثقل بالديون إلى ترك الاقتصاد عرضة للخطر بشكل متزايد.

ومع هذا الوضع، تزايدت الضغوط على المسؤولين الصينيين لوضع سياسات تعزز الاستهلاك وتقلل من اعتمادها على الصادرات والاستثمار من أجل النمو.

والثلاثاء، اجتمع نحو ثلاثة آلاف عضو من أعضاء المجلس الوطني لنواب الشعب، الهيئة التشريعية للبلاد، الخاضعة للحزب الشيوعي الصيني، في قاعة الشعب الكبرى المطلة على ساحة تيانانمين في بكين.

ومع دخول الرئيس الصيني، شي جينبينغ القاعة الضخمة، على وقع عزف فرقة موسيقية عسكرية، افتتح المسؤول البرلماني، لي هونغ تشونغ، الجلسة.

ووسط تصفيق حاد، دعا لي إلى "النضال بلا هوادة لخدمة قضية تجديد شباب الشعب الصيني" في إشارة إلى التنمية الاقتصادية في الصين، وعودتها إلى مصاف القوى العظمى في العالم.

وصوت النواب، وبينهم شي، على قرارات بشأن الميزانيات المركزية والمحلية، وخطة التنمية الاقتصادية، وهي عمليات تصويت تؤدي في كل مرة إلى إجماع شبه كامل يليه تصفيق قصير، قبل اختتام الحدث السنوي بالنشيد الوطني.

لا إجابة

وكانت أكثر اللحظات المرتقبة في هذه الدورة السنوية للبرلمان خطاب رئيس الوزراء، لي تشيانغ، الذي كشف خلاله عن هدف للنمو بـ"حوالي 5 في المئة" لعام 2025 على غرار العام الماضي.

وأعلن عن زيادة غير مسبوقة في عجز ميزانية الصين، ودعم أرباب العمل في القطاع الخاص، وقال إنه يأمل في استحداث 12 مليون فرصة عمل هذا العام في المدن.

وقبل أيام، كانت بكين أعلنت عن هدف النمو هذا ضمن خطة عمل الحكومة، ملتزمة بتخصيص موارد مالية أكبر من العام الماضي لدرء الضغوط الانكماشية وتخفيف تأثير ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية.

وقال تشنغ شان جيه، رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح في الصين، المعنية بالتخطيط الاقتصادي، في مؤتمر صحفي في الخامس من مارس الجاري إن بلاده على ثقة من قدرتها على تحقيق النمو المستهدف في 2025 رغم عوامل الغموض الخارجية المتزايدة والطلب المحلي غير الكافي.

وتستهدف الصين أيضا عجزا في الميزانية قدره أربعة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، ارتفاعا من ثلاثة في المئة في 2024.

وفي اعتراف ضمني بالطلب المحلي البطيء، خفضت بكين هدف التضخم السنوي لأسعار المستهلك إلى "حوالي 2 في المئة"، وهو أدنى مستوى في أكثر من عقدين من الزمان، الذي كان 3 في المئة أو أعلى في السنوات السابقة.

وهدف التضخم المنخفض هذا يشير إلى درجة من القبول الرسمي للبيئة الانكماشية الحالية.

وكان معدل النمو في الصين البالغ خمسة في المئة العام الماضي، والذي لم تصل إليه الحكومة إلا بحزمة تحفيز متأخرة، من بين أسرع معدلات النمو في العالم، ولكن لم يكن محسوسا على مستوى الشارع.

وفي حين تدير الصين فائضا تجاريا سنويا حجمه تريليون دولار، يشكو العديد من مواطنيها من عدم استقرار الوظائف والدخول مع قيام أصحاب العمل بخفض الأسعار وتكاليف الأعمال للبقاء قادرين على المنافسة في الأسواق الخارجية.

ولا يوجد أمام المنتجين الصينيين، الذين يواجهون ضعف الطلب في الداخل وظروف أكثر قسوة مع الولايات المتحدة خيار سوى الإسراع في التوجه إلى أسواق تصدير بديلة في الوقت نفسه.

ويخشون أن يؤدي هذا إلى تأجيج حروب الأسعار والضغط على ربحيتهم وزيادة خطر شعور الساسة في تلك الأسواق الجديدة بالالتزام بإقامة حواجز تجارية أعلى لمواجهة السلع الصينية بغية حماية الصناعات المحلية، وفق رويترز.

ومنذ تولى ترامب منصبه في يناير، أضافت إدارته حتى الآن رسوما جمركية قدرها 20 في المئة على تلك المفروضة على السلع الصينية، مع بدء الزيادة الأخيرة البالغة 10 في المئة قبل أيام.

وسارعت الصين بالرد على الرسوم الأميركية الجديدة، معلنة عن زيادات تتراوح بين 10 و15 في المئة على الواردات التي تغطي مجموعة من المنتجات الزراعية والغذائية الأميركية، ووضعت 25 شركة أميركية تحت قيود التصدير والاستثمار.

ويشير تحليل خبراء اقتصاد نشر على فورشن إلى أن معدلات النمو السنوي للمعروض النقدي يمكن أن يحدد مدى قدرة الصين على تحقيق أهدافها. ويتضح من الأرقام على مدار الـ24 شهرا الماضية أن المعروض النقدي في الصين لا ينمو بسرعة كافية، أي أن هناك انكماشا اقتصاديا.

ويبدو أن الأداء الباهت نسبيا الذي سجلته الصين في العام الماضي كان بمثابة "تناقض صارخ" مع حزم التحفيز المالي المتنوعة التي قدمتها، وهي البرامج التي تصورت أنها كفيلة بزيادة النمو وارتفاع المعروض النقدي.

وقال التحليل إن حزم "التحفيز" التي قدمتها الصين فشلت في رفع معدل نمو المعروض النقدي إلى مستوى يتفق مع أهداف النمو والتضخم المرغوبة.

وقالت "سي أن بي سي" إن تحقيق هدف النمو هذا العام يصعب تحقيقه في ظل التوترات التجارية المتزايدة مع الولايات المتحدة، والاستهلاك المحلي الضعيف باستمرار.

وبينما لم يذكر التعريفات الجمركية بشكل مباشر، قال رئيس مجلس الدولة الصيني، لي تشيانغ، في خطاب ألقاه في الجلسة العامة الافتتاحية للاجتماع البرلماني السنوي إن البلاد تواجه تحديات خارجية "غير مسبوقة منذ قرن في جميع أنحاء العالم بوتيرة أسرع".

رسوم جمركية واحتواء.. إلى أين تتجه العلاقات الأميركية الصينية؟
"الفرصة مواتية والعوامل محفزة مرة أخرى لفخ ثوسيديدس" لتفسير العلاقة المتأرجحة بين الصين والولايات المتحدة، بحسب ما يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، ريتشارد تشازدي، في تصريحات لموقع "الحرة".

وتزايدت الضغوط على المسؤولين الصينيين لإطلاق تدابير تحفيزية أكثر قوة لدعم الاستهلاك المحلي وقطاع الإسكان، مع الحد من اعتماد الاقتصاد على الصادرات والاستثمار.

وقال لاري هو، خبير الاقتصاد الصيني في ماكواري، في مذكرة نشرت حديثا، إن أهداف السياسة، التي أُعلن عنها قبل الاجتماع، أظهرت أن بكين "ستستخدم التحفيز لتعويض التعريفات الجمركية، حتى تتمكن من النمو بنحو 5 في المئة".

وقال إن أي تدابير إضافية من المرجح أن تقع بعد أن يقيم المسؤولون تأثير التعريفات الجمركية على النمو.

الحرة المصدر: الحرة
شارك

حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار