قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه يريد شراء جزيرة غرينلاند التابعة للدانمارك، مستشهدا بمخاوف الأمن القومي باعتبارها السبب الرئيسي وراء هذه الدوافع التوسعية، وإضافة لموقعها الإستراتيجي يؤكد المراقبون أيضا أن غرينلاند معروفة بوفرة العناصر النادرة في أراضيها.
وتُظهِر بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية أن غرينلاند لديها ثامن أكبر احتياطات من العناصر الأرضية النادرة في العالم بنحو 1.5 مليون طن، وهذا قريب للاحتياطات المعروفة للولايات المتحدة (1.9 مليون طن).
كما يسعى ترامب للاستيلاء على 50% من المعادن النادرة في أوكرانيا، وتبين مجريات الأحداث أنه يريدها أكثر من رغبته في وقف الحرب الروسية المستمرة منذ 3 سنوات، وأن مقايضتها باتت شرطا رئيسيا أمام كييف للحصول على دعم واشنطن.
وحسب مجلة فوربس، تقول وزارة حماية البيئة والموارد الطبيعية في أوكرانيا إنها تمتلك احتياطات من الغرافيت والليثيوم بما يجعلها تحتل المرتبة الأولى في أوروبا، وتضيف أن احتياطاتها من الغرافيت تشكل 6% من إجمالي احتياطات العالم.
وتقول أوكرانيا أيضا إنها تمتلك أكبر احتياطات من التيتانيوم في أوروبا، والتي توضح أنها "قادرة على تلبية الطلب الأميركي والاتحاد الأوروبي على التيتانيوم المعدني لمدة 25 عاما".
كما تؤكد أوكرانيا أنها تمتلك أكبر احتياطات من اليورانيوم في أوروبا، وأن احتياطاتها من البريليوم "قادرة على تلبية إنتاج العالم لمدة 40 عاما".
ولا توجد مصادر محايدة وموثوق بها تؤكد هذه المعلومات التي تدعيها أوكرانيا فجميع المصادر بما فيها بي بي سي ومجلة فوربس ووكالة رويترز ومجلة فورتشن وغيرها تعتمد على التقديرات الأوكرانية، علما أن ترامب لا يريد المعادن النادرة فقط في صفقته بل يريد 50% من الموارد الطبيعية لأوكرانيا.
وتشمل النفط والغاز بالإضافة إلى احتياطيات البلاد المعدنية وفقا لفوربس، وذلك بالرغم من أن روسيا احتلت حوالي نصف رواسب المعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا وفقا للرئيس زيلينسكي كما نقلت رويترز عنه.
وبلغ حجم سوق العناصر الأرضية النادرة العالمي 12.4 مليار دولار في عام 2024، ويتوقع أن يبلغ السوق 37.1 مليار دولار بحلول عام 2033 بمعدل نمو سنوي مركب 12.8% خلال الفترة 2025-2033، وفقا لمجموعة "آي إم إيه آر سي".
و"آي إم إيه آر سي" هي شركة استشارات إدارية عالمية تعمل في أكثر من 100 دولة، ولها مكاتب رئيسية في نيويورك ولندن.
المعادن النادرة أو العناصر النادرة أو التربة النادرة هي أسماء متداولة للشيء نفسه، والاسم الأكثر شيوعا لها هو المعادن النادرة، لكن التسمية الأصح لها هي "العناصر الأرضية النادرة" (rare earth elements)، لأنها تشكل عناصر كيميائية من الجدول الدوري (Periodic Table) الذي يتكون من 118 عنصرا.
وهذه العناصر أو المعادن ليست نادرة حقا، فهي موجودة بكثرة في القشرة الأرضية وضمن الرواسب الجيولوجية، لكنها موزعة ومتناثرة غالبا وغير مركّزة في مكان واحد، وقد تختلط ضمن مكونات ومعادن أخرى، مما يجعلها صعبة الاستخراج وتتطلب عملية فصل أكثر تعقيدا وكلفة.
وتنعكس هذه الندرة وصعوبة الاستخراج والفصل على أسعارها التي تعد مرتفعة، وفقا لتقرير سابق للجزيرة نت.
وتتكون عائلة المعادن أو العناصر النادرة من 17 عنصرا من الجدول الدوري، وفقا لوزارة الطاقة الأميركية.
وتتمتع هذه المعادن بخصائص استثنائية، وهي منتشرة في كل مكان في الصناعة المتقدمة والتقنيات الجديدة. ويمكن العثور عليها في تصنيع المكونات الإلكترونية، وفي أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية، وفي بطاريات المركبات الكهربائية، كما تستخدم في تركيب المغناطيسات الفائقة الموجودة في توربينات الرياح والألواح الكهروضوئية وغيرها العديد من الاستخدامات.
والمغناطيسات الفائقة هي مغناطيسات مصنوعة من العناصر الأرضية النادرة وبالذات "النيوديميوم". وهي عبارة عن سبيكة تتكون من النيوديميوم والحديد والبورون (NdFeB).
وتستخدم في مجموعة واسعة من التطبيقات، من صناعة الخزائن وأنظمة الإضاءة وتكنولوجيا البلاستيك إلى المحركات الكهربائية والحواسيب ومكبرات الصوت وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي وغيرها الكثير.
وتشكل هذه العناصر النادرة جزءًا لا يتجزأ من الثورة الصناعية الجديدة للطاقات الخضراء.
وهناك فئتان من العناصر الأرضية النادرة، وفقا لمنصة "لينغوت سويس" السويسرية، وهما:
1- العناصر الأرضية النادرة الخفيفة، وهي:
2- العناصر الأرضية النادرة الثقيلة، وهي:
تجدرالإشارة إلى أن الموصلات الفائقة هي ظاهرة تحدث في بعض المواد عند تبريدها إلى درجات حرارة منخفضة جدا تقترب من الصفر المطلق (صفر كلفن)، حيث تسمح الموصلات الفائقة بمرور الكهرباء خلالها دون أي مقاومة كهربية تقريبا.
سيزداد الطلب على المعادن النادرة والحيوية بنسبة 500% بحلول عام 2050 لتلبية الطلب المتزايد على تقنيات الطاقة النظيفة، وفق تقديرات البنك الدولي.
ويتسارع السباق نحو حيازتها ليشمل التعدين في أعماق البحار أو حتى القمر كما تخطط الصين مستقبلا، وفقا لصحيفة "صندي تايمز" البريطانية، وكذلك الولايات المتحدة كما تخطط وكالة ناسا.
الإجابة هي نعم، فحسب دراسة أجرتها شركة بوينغ، فإن المعادن والعناصر الأرضية النادرة موجودة على القمر بما في ذلك السكانديوم والإتريوم واللانثانيدات الخمسة عشر، حسبما ذكرت وكالة رويترز.
بلغت احتياطات المعادن الأرضية النادرة في العالم عام 2024 نحو 90 مليون طن موزعة كما يلي، وفقًا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية:
في عام 2024، بلغ إنتاج المناجم في الصين نحو 270 ألف طن متري من المعادن النادرة، والصين هي أكبر منتج للمعادن النادرة في العالم بهامش كبير، تليها الولايات المتحدة بـ45 ألف طن متري، وهي ثاني أكبر منتج للمعادن النادرة عالميا، وفقًا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
وفيما يلي قائمة بأكبر 10 دول إنتاجا للمعادن الأرضية النادرة عام 2024، وفقًا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية:
توجد أكبر شركات تعدين المعادن النادرة في الصين وأستراليا والولايات المتحدة، وذلك بفضل احتياطات هذه البلدان الكبيرة من المعادن النادرة وإنتاجها، وتسهم هذه الدول الثلاث مجتمعة بأكثر من 90% من إنتاج المعادن النادرة على مستوى العالم وتتمتع بأعلى قيمة سوقية.
وفيما يلي قائمة بأكبر 10 شركات تعمل في استخراج المعادن الأرضية النادرة في العالم، وفقا لمنصتي "إنسايدر مونكي" و"ياهو فاينانس" إضافة إلى مواقع هذه الشركات على الإنترنت:
تحتل هذه الشركة المرتبة الأولى عندما يتعلق الأمر بكبرى شركات المعادن النادرة في العالم، وتستخدم تقنيات الحفر المفتوحة لاستخراج العناصر النادرة من قشرة الأرض.
وتدير الشركة منطقة "بايان أوبو مايننغ" (Bayan Obo Mining) في منغوليا الداخلية بالصين، والتي يُقدر أنها المصدر الأكثر وفرة للمعادن النادرة على هذا الكوكب.
وسيتم إرسال هذه المادة المستخرجة إلى مطحنة تابعة للشركة لمزيد من المعالجة لتحويلها إلى أكاسيد عناصر أرضية نادرة عالية النقاء، ومواد أخرى ذات صلة.
وتشمل هذه العناصر النيوديميوم "إن دي" (Nd) والأوروبيوم "إي يو" (Eu) والديسبروسيوم "دي واي" (Dy) والتربيوم "تي بي" (Tb) والإتريوم "واي" (Y) وكذلك البراسيوديميوم "بي آر" (Pr)، والتي يمكن استخدامها بديلا للنيوديميوم في المغناطيسات الدائمة عالية القوة، وهي أسرع القطاعات نموا في سوق العناصر الأرضية النادرة.
ما زال السوق في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في بداياته، حيث حقق سوق العناصر الأرضية النادرة إيرادات بلغت 12.2 مليون دولار في عام 2024.
ومن المتوقع أن يصل سوق العناصر الأرضية النادرة في الشرق الأوسط وأفريقيا إلى 18 مليون دولار بحلول عام 2030 بمعدل نمو سنوي 7.2% من عام 2025 إلى عام 2030، وفقا لمنصة "غراند فيو ريسيرتش".
ورغم اكتشاف المعادن النادرة في عدد من الدول العربية، فإنه لم يتم بعد استغلال هذه العناصر الأرضية بكميات تجارية نظرا لحاجتها إلى تكنولوجيا متقدمة للاستخراج والتكرير، وبالتالي استثمارات أجنبية من دول لها خبرتها في هذا المجال.
ومن أبرز الدول العربية التي تحتوي أراضيها على المعادن النادرة:
يوجد في الجزائر نحو 20% من الاحتياطات العالمية للأتربة النادرة، وفق تقديرات مكتب البحوث الجيولوجية والمعدنية التابع للوكالة الأفريقية للإعلام الاقتصادي والمالي، وفق ما ذكرت الجزيرة نت في تقرير سابق.
وتواجه سوق المعادن الأرضية النادرة في الجزائر تحديات متعددة الأوجه تعيق آفاق نموها، ومن بين العوائق المهمة الافتقار إلى قدرات الاستخراج والمعالجة المحلية، مما يستلزم الاعتماد بشكل كبير على الواردات لتلبية الطلب الصناعي.
تتوفر العناصر الأرضية النادرة بصخور الكربوناتيت والصخور النارية القلوية في منطقة الدرع العربي النوبي، تحديدا في الصحراء الشرقية على طول ساحل البحر الأحمر وجنوب سيناء بالإضافة إلى منطقة العوينات في أقصى جنوب غرب مصر، نذكر منها مناطق العطوي، أبو رشيد بالصحراء الشرقية ومنطقة جبل أبرق.
بالإضافة إلى توجد هذه العناصر في خام الفوسفات بمحافظة الوادي الجديد والبحر الأحمر ووداي النيل التي تحتاج إلى المزيد من الدراسات، كما توجد في الرمال السوداء على سواحل البحر الأبيض المتوسط بداية من مدينة رشيد غربا حتى مدينة رفح المصرية شرقا بطول حوالي 400 كيلومتر، وفقا للمنصة العربية لمعادن المستقبل واستنادا لدراسة المعادن الإستراتيجية في الدول العربية – إدارة الثروة المعدنية يناير/كانون الثاني 2020، المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين.
وفقا لتقرير سابق للجزيرة نت فقد تم اكتشاف 4 عناصر من المعادن النادرة في منطقة حزم الجلاميد وجبل أم وعال (شمال)، بالقرب من مثلث الحدود مع الأردن والعراق.
تتميز السعودية باحتياطاتها المعدنية الهامة وجهودها لتطويرها من خلال الشراكات الدولية، ويحتوي "الدرع العربي الغربي في السعودية" (Saudi’s western Arabian Shield) على معادن ثمينة كبيرة مثل الذهب والفضة، كما يحتوي على عناصر أرضية نادرة قيمة مثل التنتالوم الذي تمتلك منه احتياطات كبيرة، وله تطبيقات في الصناعات العالية التقنية بما في ذلك الإلكترونيات.
وتحتوي المنطقة على النيوبيوم الذي يستخدم في السبائك الصناعية وتطبيقاته بما في ذلك المحركات النفاثة والصواريخ، وفقا لمعهد الشرق الأوسط (Middle east institute)، استنادا إلى هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.
الأردن دولة أخرى في المنطقة العربية تتعهد باستغلال ثرواتها المعدنية لكي تصبح موردا عالميا رئيسيا للمكونات الحيوية لأنظمة الطاقة المتجددة، مثل الألواح الشمسية وطواحين الهواء.
ويمكن للأردن أن يضطلع بدور مهم في تصدير المعادن المتخصصة إلى مراكز التصنيع والتكنولوجيا في مختلف أنحاء العالم من خلال الاستفادة من رواسب الفوسفات والمعادن النادرة التي يمتلكها.
ومع ذلك، لا يزال الأردن بحاجة إلى التغلب على العقبات مثل جلب الخبرات الأجنبية والتمويل اللازم للتعدين المسؤول بيئيا واجتماعيا، وفقا لمعهد الشرق الأوسط.