آخر الأخبار

الواقع الخدمي والمعيشي بعد 50 يوما من سقوط الأسد

شارك الخبر

دمشق- تنتهج الإدارة الجديدة في سوريا نموذج اقتصاد السوق الحرّ التنافسي، ونتجت عن هذا الخيار مظاهر جديدة في الأسواق السورية، تتلخّص بانتشار السلع الأجنبية، وتوفّر الوقود بأنواعٍ متعدّدة، وإيقاف العمل بعدّة تسعيراتٍ للمواد المدعومة مثل الخبز والوقود.

لكنّ هذه المواد التي كانت شحيحة أيّام نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد ازداد سعرها على المواطن فيما لم يطرأ جديدٌ على قوّته الشرائية، بانتظار زيادة الأجور المأمولة للعاملين في القطاع العام بداية الشهر المقبل بنسبة 400% كما هو متداول.

ونتيجة لرصد حركة السوق والخدمات، بات معظم السلع أقل سعرا، لأسبابٍ تتعلق بالمنافسة وإلغاء بعض أنواع الرسوم الجمركية التي كانت في عهد النظام المخلوع، ويُستثنى من ذلك السلع التي كانت مدعومةً في السابق التي شهدت ارتفاعا.

وكذلك أجور بعض الخدمات التي كانت تستند للمواد الأولية المدعومة، وأهمها المواصلات، والجدير بالذكر أن التكاليف المنخفضة للخبز والمواصلات كانت مرتبطةً بعدم توفّرها، واللجوء للسوق السوداء لتأمينها بأسعار تفوق السعر المعتمد حاليا.

في حديثٍ سابق لوزير التجارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال السورية ماهر خليل الحسن مع الجزيرة نت يوضّح أن تقييد السوق وتعقيد القيود والضوابط والرسوم والقوانين، أمر تقوم به بعض الأنظمة الدكتاتورية وتستخدمه وسيلة وغطاء لنهب ثروات الشعب وجعلها محصورة في يد العصابة الحاكمة وأزلامها.

مصدر الصورة أحد باعة الفواكه يرتب بضاعته المعروضة (الفرنسية)

الوقود والخبز المدعوم

تحدّد سعر ربطة الخبز (12 رغيفًا) بسعر 4000 ليرة سورية (0.32 دولار)، دون الالتزام بآليةٍ محدّدة لتوزيعه كما كان الوضع سابقًا عبر الاستعانة بالبطاقة الذكيّة، وتحديد كمية الخبز وفقًا لعدد أفراد كلّ أسرة، كما يبلغ سعر تبديل جرّة الغاز سعة 7 كيلوغرامات بسعر 160 ألفا تقريبًا.

إعلان

يُضاف لها زيادة أجور النقل، وذلك وفقًا لآلية البطاقة الذكيّة، بعد أن كان سعرها 21 ألفًا قبل سقوط النظام، إلا أن هذا السعر كان يمنح العائلة (حامل البطاقة الذكيّة) إمكانية تبديل الجرّة مرّة واحدة بين فتراتٍ لا تقلّ عن 3 أشهر. وتجوب الشوارع منذ سقوط الأسد صهاريجٌ من الغاز المسال بسعر 27 ألفًا للكيلو، إضافةً للسيارات التي تبدّل عبوات الغاز المنزلي بنفس السعر تقريبًا، وفقًا لمشاهدات الجزيرة نت.

تنتشر على الأرصفة عبواتٌ بلاستيكية مختومة للوقود بسعر متبدّل في حدود 13 ألف ليرة (نحو دولار) للتر البنزين الواحد، وأنواع مختلفة من المازوت للمحرّكات والتدفئة بسعر 8000 – 9000 للتر الواحد، يتصف بلونه الغامق ورائحته السيئة، كما يتوفر المازوت الجيّد بسعرٍ أعلاه 13 ألف ليرة للتر.

وكانت إستراتيجية النظام قبل سقوطه تمنح المركبات كمية محددّة من الوقود وفق البطاقة الذكيّة، لا تكفيهم مما يضطرهم لشراء الوقود من السوق السوداء بأسعارٍ فاقت 23 ألف ليرة للتر الواحد، كما ألزمت مركبات المواصلات (14 راكبا) بوضع جهاز "جي بي إس" (GPS) لتحديد موقع المركبة للتأكد من مزاولة السائق لعمله على خطّ المواصلات، مقابل منحه المازوت بسعر مدعوم.

وتشهد الشوارع كثافةً مرورية وازديادًا بعمل الحافلات العامة وسيارات الأجرة بعد توفّر المادّة، مع زيادةٍ في تعرفة الركوب بسبب سعر الوقود الجديد، وتتدرّج أجرة الراكب من 2000 ليرة ضمن الوحدة الإدارية وصولًا لـ6000 بين مركز المدينة ومدن ريف دمشق المحيطة للمواصلات العامة، وقد تضاعفت أجور النقل بين المحافظات من 3 إلى 4 أضعاف مع تحرير سعر الوقود وتوفّره.

يبقى وضع الكهرباء في أشدّ حالاته سوءًا مع اقتصار التغذية الكهربائية لساعةٍ واحدة كلّ 12 ساعة، وكانت شركات الكهرباء الخاصة قد خفّضت سعر لكيلووات من 15 ألفا في بداية ديسمبر/كانون الأول الماضي إلى ما بين 9000 و11 ألف ليرة للكيلو، وتعمل الشركات الخاصة وفق نموذج تحصيل الفواتير أسبوعيًّا.

مصدر الصورة الليرة السورية سجلت استقرارا أمام العملات الأجنبية في الأسابيع الأخيرة (غيتي)

سلع التغذية الأساسية

خلال جولة للجزيرة نت في سوق باب سريجة الشعبي في دمشق تمت ملاحظة انخفاض أسعار الخضار والفواكه بشكلٍ كبير منذ سقوط النظام، وتوفّرت كذلك بعض أنواع الفاكهة الاستوائية بعد أن كان توافرها يقتصر على المحال في الأحياء الراقيّة، ومرد هذا الانخفاض دخول أنواعٍ مستوردة؛ مما حدا بالتجّار لعرض بضائعهم من المستودعات نتيجة المنافسة، وزوال حواجز النظام التي أثقلت مسار شحن البضائع بالإتاوات والمصادرات، كما يوضّح أحد باعة بسطات الخضار.

إعلان

أمّا الدواجن واللحوم فقد انخفض سعرها بشكلٍ ملحوظ، حيث تراجع بنسبة 40% في حالة اللحوم الحمراء بحسب جمعية اللحامين في دمشق، وعاد السمك للتوفّر ضمن الأسواق السوريّة بسعرٍ أخفض من الدجاج لبعض الأنواع، وتحضر كذلك اللحوم المجمدة المستوردة ضمن السوق السوريّة.

ونزل سعر البيض للنصف عن الأيام الأخيرة للأسد، وبحسب تاجر للحوم البيضاء يُفسّر ذلك بانخفاض سعر العلف نتيجة تخفيف القيود الجمركية، ويقيّم حركة البيع والشراء بأنها ضعيفة، رغم الازدحام الذي تشهده الأسواق، إذ إن الكثيرين ينتظرون متأملين انخفاض الأسعار في الفترات المقبلة.

وتشهد مواد البقالة انخفاضًا واضحًا في أسعارها بنحو 50% تقريبًا لمعظم المواد الأساسية كالسكر والزيت والطحين، وبدأت أنواعٌ مفقودة تعود للرفوف في محالّ الجملة والمفرّق بعد تدفقّها من المناطق المحرّرة أو من خارج الحدود، وكان حضور بعض الماركات في العهد السابق سرّيًا بسبب تكاليفها الجمركية العالية أو وصولها عبر التهريب.

ومع انتشار البسطات الكثيف ومن ضمنها الثياب المستعملة (البالة) بدأت بعض متاجر الثياب بتخفيض أسعارها، ويمكن القول إن عديد المتاجر قد حوّلت نشاطها الأساسي لتصريف العملات.

كتل نقدية محدودة

يرتكز أحد عوامل استقرار سعر الصرف لليرة السورية أمام العملات الأجنبية على تمسّك البنك المركزي في سوريا بكتله الماليّة، وحددت المصارف سقف السحب بـ2.5 مليون أسبوعيا، و500 ألف كأعلى مبلغ للسحب الواحد، وينعكس هذا على المبالغ المتداولة في عمليات البيع والشراء الكبرى كالعقارات والسيارات.

يتضح من العروض المتداولة ارتفاع الإيجارات ضمن دمشق، وتحديدها بالليرة السوريّة، تخوّفًا من ارتفاع سعر الليرة مقابل الدولار، ولم يعد طلب الدفع سلفا لمدة سنة أو 6 أشهر أساسيًّا كما السابق، بل تقسيم الدفعات شهريًّا أو كلّ 3 أشهر.

إعلان

وبحسب متعاملٍ ضمن سوق العقارات فإن حركة البيع شبه معدومة، والعروض المتداولة هي محاولة للحفاظ على سعر العقارات التي يتوقع أن تنخفض. ومنيت بعض أنواع السيارات بخسارة كبيرة في سعرها، خاصة الكوريّة مثل موديل كيا ريو، الأكثر حضورًا ضمن مناطق النظام قبل تحريرها، وذلك بعد وصول السيارات الأوروبية من المناطق المحرّرة.

وقد وصلت أمس (26 يناير/كانون الثاني) أول باخرة نقل تجاري تحمل سيارات إلى مرفأ اللاذقية بحسب إعلام محلي، بينما لا تزال قطع السيارات وأجور صيانتها في حدود أسعارها قبل سقوط النظام.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا اسرائيل دونالد ترامب حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا